خطة بان كي مون حول دارفور.. تطبيق متدرج؟ أم قفز بالزانة؟

May 2007 · 4 minute read

لا يمكن الجزم بأن سحب الأزمة دارفور في طريقها للانقشاع، ما لم تتوافق كل الأطراف، التي تسعى للحل، على الرضا بالحد الأدنى للقبول بما اتفق عليه اصلاً. فالتقرير الذي أقره مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة، حول خطط تشكيل قوة دولية مشتركة لحفظ السلام في دارفور قوامها قوات الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، تجاوز فيما يبدو تطبيق حزمتي الدعم الثقيلتين الأولى والثانية، وذهب مباشرة للحزمة الثالثة في خطوات متقدمة للتفاهمات المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وتشجيع اطراف عديدة من بينها الرافضون لأبوجا على تسريع التدخل الدولي لإيجاد حل نهائي، بينما تشكو الحكومة السودانية من بطء تنفيذ ما اتفق عليه في اديس ابابا ونقص التمويل.
* لا يمكن الجزم بأن سحب الأزمة دارفور في طريقها للانقشاع، ما لم تتوافق كل الأطراف التي تسعى للحل
* عبد الحليم عبد المحمود: الحكومة مستعدة للاجتماع مع رافضي أبوجا في أي مكان وأي مكان
* المراقبون: الخطة الجديدة استندت على خطة مصرية بالإضافة للتدخل من قبل مصر والسعودي

تقرير: نزار عبد الماجد

قرار من وراء الأبواب المغلقة
التطور هذ المرة كان في أروقة مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة، حيث أقر المجلس تقريرا حول خطط تشكيل قوة دولية مشتركة لحفظ السلام في إقليم دارفور، قوامها قوات الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، حيث تبنى أعضاء المجلس الـ(15)، بعد يوم من المشاورات وراء الأبواب المغلقة، بيانا غير ملزم يصف اتفاق الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي حول تقرير القوة المشتركة بأنه (تطور مهم في التعاطي المتكامل مع عملية السلام في دارفور).
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أصدر مسودة التقرير يوم الخميس وطلب إقرارها من مجلس الأمن والقيام بتطبيق كامل ودون إبطاء للمرحلتين الأولى والثانية، من خطة الأمم المتحدة ثلاثية المراحل لإحلال السلام في دارفور. بينما طالبت الولايات المتحدة مجلس الأمن بأن تفي جميع الأطراف بالتزاماتها الدولية، وأن تدعم العملية السياسية، وأن تنهي العنف والهجمات على قوات حفظ السلام وأن تسهل جهود الإغاثة الإنسانية.
وكانت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي قد توصلا إلى اتفاق مع الحكومة السودانية فيما أطلق عليه حزم الدعم الثقيل نتاجا للخطة التي أقرت في اديس ابابا العام الماضي، حيث إن المرحلة الأولى من الخطة تتضمن إرسال (105) من الضباط العسكريين، (33) من الشرطة، (48) موظفا دوليا، (36) ناقلة جنود مدرعة، ومناظير للرؤية الليلية، ومعدات لتحديد المواقع باستخدام الأقمار الصناعية للانضمام إلى قوة الاتحاد الأفريقي في دارفور البالغ قوامها (7) آلاف جندي. أما المرحلة الثانية فتشمل إرسال عدة مئات من عناصر القوات العسكرية التابعة للأمم المتحدة، والشرطة والموظفين المدنيين، بالإضافة إلى دعم لوجستي وجوي كبير.

القفز فوق المراحل
سفير السودان لدى الأمم المتحدة عبدالمحمود عبدالحليم، الذي عقد مباحثات مكثفة مساء الجمعة مع المبعوث المشترك بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى لدارفور لتناول آليات تسريع العملية السلمية بدارفور وتنفيذ اتفاقيات أديس أبابا وأبوجا، حذر من عملية القفز على مراحل حزم الدعم الثلاث التى نصت عليها اجتماعات أديس أبابا بين الحكومة والاتحاد الأفريقى والأمم المتحدة، معتبرا الحديث عن نشر القوات ما هو إلا حديث عن المرحلة الثالثة من حزم الدعم الأممى للعملية المشتركة. وشدد في حديثه لـ(السوداني) على أن أى مقترحات لن تنفذ إلا بعد مشاورة الحكومة السودانية، مضيفا أن حزمة الدعم الأولى تم تنفيذ ما بين (50- 60 %) منها، وعزا تأخير التنفيذ الى ما وصفه ببيروقراطية الأمم المتحدة فى الإجراءات.
ووجه عبد المحمود انتقادات حادة للأمم المتحدة لأنها ألقت باللوم على الخرطوم في التأخير في ارسال قوات حفظ سلام، رغم انها لم تلتزم بتمويل حزم الدعم، وأكد استعداد الحكومة للاجتماع مع الحركات الرافضة لاتفاقية ابوجا في أي مكان وأي زمان، والتزامها بوقف إطلاق النار. ولكن المشير عمر البشير، وحسب الخبر الذي أذاعته (بي بي سي) صباح أمس الأحد، رحب بالخطة المعدلة من قبل بان كي مون، عقب تلقيه اتصالا منه مساء السبت. ويشير المراقبون إلى أن الخطة الجديدة استندت على الخطة التي أعدتها مصر، بالإضافة للتدخل بثقل كبير لحل مشكلة دارفور من قبل مصر والمملكة العربية السعودية، وللدور السياسي والاقتصادي والديني الذي يمكن أن يلعباه في دارفور ومحاولة الوصول لاتفاق نهائي بين الرافضين لأبوجا والحكومة السودانية.

أين الكرة..؟
في الوقت نفسه الذي أشار فيه السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زاد لإيجابية هذا التطور، واصفاً الوضع بأن الكرة الآن في ملعب السودان، وأن حكومته ستدرس الخطة في اقرب وقت ممكن، بينما رفض الناطق الرسمي بالإنابة لبعثة الأمم المتحدة بالسودان جورج صموئيل التعليق على الحدث، مؤكدا أن المشاورات ما تزال في أطار الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وشاركه في ذلك المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأفريقي نور الدين المازني لذات الأسباب.
المحلل الاستراتيجي والأستاذ بجامعة جوبا د.بركات موسى الحواتي، قال إن الولايات المتحدة من خلال الأمم المتحدة تخطو نحو ما تريد في المنطقة، لذلك فهي تتجاوز كل ما تم الاتفاق عليه، ويبدو أن المسألة تتجه من خلال القرار الى فرض اهداف ونيات الولايات المتحدة الأمريكية من خلال المجلس على أرض الواقع، مما يتطلب من الحكومة السودانية التأهب للمزيد من المواجهات السياسية والقانونية، ولحد ما العسكرية.