اكد الرئيس السوداني عمر البشير، أمس، أن حكومته تسعى إلى تعزيز السلام في جنوب البلاد، رافضاً بذلك المعلومات التي تشير إلى أنها على شفا حرب، وتعهد اجراء محادثات جادة مع متمردي دارفور لاقرار سلام في الإقليم.
وقال البشير في مؤتمر صحافي في ختام زيارة الى كوريا الجنوبية استمرت ثلاثة أيام: «من أجل إحلال السلام في البلاد نبذل كل جهد وندخل في حوار جدي لإحلال الاستقرار في منطقة دارفور». وأضاف: «نحن شعب يحب السلام، ووضعنا اتفاق سلام شاملاً». ونفى في شدة المعلومات التي تتحدث عن وجود نزاع ديني أو ابادة جماعية في المنطقة، وقال إن لا أساس لهذه المزاعم.
وأضاف أن مشكلة دارفور هي «مشكلة بيئية» كما أوضح تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي أكد أن الجفاف الذي ضرب إقليم دارفور في السبعينات تسبب في حركة انتقال بشري أدت إلى احتكاكات وصراعات بين الرعاة والمزارعين «مما أدى إلى صراعات قبلية»، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السودانية.
ونفى البشير «الدعاوى التي يروج لها البعض بأن مشكلة دارفور ناتجة عن التطهير العرقي»، معتبراً أنها «دعاوى القوى المعادية للسودان التي تحاول تعطيل التنمية في البلاد».
وعن العلاقات بين السودان والولايات المتحدة، قال البشير إنه «لا يتوقع استكمال تطبيع العلاقات السودانية الاميركية مع وجود جماعات الضغط الأميركي» المعارضة للتقارب بين واشنطن والخرطوم.
وينتظر أن يصل إلى الخرطوم اليوم المبعوث الرئاسي الأميركى الى السودان ريتشارد وليامسون على رأس وفد من الخارجية ووكالة الاستخبارات المركزية (سي. آي. أيه) لاجراء محادثات تستهدف تسوية القضايا العالقة التي تعرقل تطبيع العلاقات. وفي الشأن ذاته، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أمس الثلثاء أن الرئيس جورج بوش يتبنى نهجاً ملتبساً وغير واضح في تعامله مع السودان، ولفتت إلى ان إدارة بوش اتهمت حكومة البشير بالضلوع في «عملية إبادة جماعية» في دارفور، لتكون بذلك الإدارة الوحيدة التي توجه إلى الخرطوم «مثل هذا الاتهام الصارخ».
وتابعت أن سياسة بوش تجاه السودان ظلت تعتمد على الديبلوماسية على نحو أكثر مما كانت عليه إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون التي سعت الى عزل السودان لعلاقاته بزعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، وفرضت عقوبات صارمة على حكومته، ووضعته على لائحة الدول الراعية للإرهاب.
ونسبت إلى السيناتور السابق جون دانفورث الذي كان بوش عينه أول مبعوث خاص له إلى السودان، أن المسؤولين السودانيين كانوا يرغبون إلى أبعد حد في تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، لكنهم لم يكونوا متيقنين من أن جهودهم تلك تستحق العناء المبذول في سبيلها. وظل بوش ومعاونوه ينتهجون سياسة ارتباط مع البشير، فأوفدوا نائب وزير الخارجية آنذاك روبرت زوليك للتوسط من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور. وطبقاً للصحيفة، فإن روجر وينتر وهو من كبار المسؤولين السابقين فى وكالة المعونة الدولية الأميركية، لا يرى مانعاً في التفاوض مع البشير، لكنه يقول إن الإدارة الأميركية لوحت للرئيس السوداني بالجزرة دون العصا. أما المبعوث الرئاسي الاميركي السابق الى السودان أندرو ناتسيوس فيقول إن الاعتقاد السائد لدى البشير هو أن الولايات المتحدة تنكرت مرتين عن وعد سابق بتطبيع العلاقات بين البلدين، ولذلك فإنه يبدو لأسباب مفهومة حذراً في شأن المفاوضات الدائرة الآن.
من جهة أخرى، أفرجت السلطات السودانية عن 481 اعتقلوا عقب هجوم متمردي «حركة العدل والمساواة» على أم درمان أخيراً. وقال المديرالعام للشرطة الفريق أول محمد نجيب الطيب، أمس، إن عدداً كبيراً من المتهمين سجلوا اعترافات قضائية باشتراكهم في الهجوم على العاصمة وأدلوا بمعلومات تفصيلية عن تحركهم من تشاد حتى وصولهم، كما كشفوا أسماء القادة الذين قادوا الهجوم.
وأكد نجيب أن الشرطة ستعلن عن المتهمين الهاربين الذين تورطوا في الهجوم على أم درمان، لافتاً إلى أن اجراءات استرداد الذين غادروا السودان إلى الخارج ستجري عبر «الانتربول» تمهيداً لاستعادتهم وتقديمهم الى محاكمة في الخرطوم.
وقال وكيل نيابة مكافحة الارهاب بابكر عبدالطيف الذي يرأس فرق التحقيق مع المتمردين الذين أسروا في الهجوم على أم درمان، إن لجنته وجدت 89 طفلاً قاصرين ضمن الأسرى تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاماً، وطلب من أسرهم مراجعة وزارة العدل في شأنهم، ورفض الافصاح عن عدد الموقوفين والأسرى الآخرين.