ردت الحكومة السودانية أمس على مشروع قرار بريطاني – فرنسي أمام مجلس الأمن في شأن تفويض قوات دولية وأفريقية في دارفور وتمويلها، بموافقة مشروطة. وطالبت بإلغاء الإشارات إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يتيح استخدام القوة.
ويبدأ مجلس الأمن غداً الاثنين مشاورات غير رسمية حول رد الحكومة السودانية على المشروع، وسط توقعات بأن يفضي الرد إلى مسودة ثالثة للمشروع تمهيدا لإقراره بصفة نهائية. ولفتت مصادر ديبلوماسية إلى إن التصويت على القرار يمكن أن يتم الثلثاء المقبل بعدما تراجعت فرنسا وبريطانيا عن تهديداتها بفرض عقوبات على الخرطوم في حال عدم تعاونه.
وكشف مصدر سوداني مطلع لـ «الحياة» أن الخرطوم تحفظت في ردها عن بعض فقرات المشروع المعدل، خصوصاً ما يختص بتفويض نشر القوات تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن الرد تضمن ملاحظات توقع أن تفضي إلى مسودة ثالثة تقدم فيها الاطراف تنازلات متبادلة. وأوضح أن مبعوثين أوفدهم الرئيس عمر البشير إلى 15 دولة أفريقية بدأوا في حض الدول التي وصلوها على المساهمة في القوات المشتركة التى ستنتشر في دارفور، حتى تكون غالبية القوات من دول أفريقية. وأضاف أن اتصالات تجرى مع دول في مجلس الأمن لتخفيف المشروع المعدل.
وقال السفير البريطاني في الأمم المتحدة أمير جونز باري: «نعمل بدأب لإنهاء النص، ونأمل في أن يتم تبنيه مطلع الأسبوع» المقبل. وأكد ديبلوماسي طلب عدم كشف هويته أن التصويت على النسخة المخففة من مشروع القرار يمكن أن يجري الثلثاء خلال زيارة رئيس الحكومة البريطانية غوردون براون إلى الامم المتحدة لإلقاء خطاب مهم عن سياسة بلاده الخارجية. وقال ديبلوماسيون إن المواقف المتصلبة التي تتخذها الحكومة تتراجع أمام متطلبات التعددية في الأمم المتحدة.
وتشير فقرة واحدة في النص إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة تقضي بأن القوة التي سيتم نشرها «مخولة استخدام كل الوسائل في مناطق انتشار وحداتها لمنع هجمات على المدنيين أو تهديدهم». وصرح ديبلوماسيون بأن السودان، مدعوماً من الصين وقطر واندونيسيا، اعترض بشدة على أي إشارة إلى استخدام القوة أو فرض حظر على الأسلحة.
لكن المندوب الاميركي في الأمم المتحدة زلماي خليل زاد قال إنه مصر على الإبقاء على ثلاثة عناصر أساسية في النص، هي أن تكون القوة تحت قيادة الأمم المتحدة، وأن تصبح قوة الاتحاد الأفريقي جزءاً من قوة مشتركة بين الأمم المتحدة والمنظمة الأفريقية، والإشارة إلى الفصل السابع. إلا أن الصين دافعت عن موقفها الرافض لنشر قوات تحت الفصل السابع في دارفور، ودعت إلى التحلي بالصبر. وقال مبعوثها الخاص إلى الإقليم ليو جو غين إن الإكراه «لن يقودنا إلى شيء». واضاف أن بلاده «تصر على استخدام النفوذ من دون تدخل، ونحن ندرك أن احترام جميع الاطراف حيوي للتوصل إلى حل».
إلى ذلك، دان الاتحاد الأفريقي تهديدات وجهها متمردون في دارفور إلى قواته تعبيراً عن استيائهم من تدني المساعدات المالية التي يتلقونها من الاتحاد. وقال في بيان وزع في الخرطوم أمس إن مندوبي فصائل «حركة/ جيش تحرير السودان» التي لم توقع اتفاق أبوجا مع الحكومة السودانية، هددوا الاتحاد الأفريقي بأعمال انتقامية إذا تدنت الإعانات المالية الشهرية التي يتلقونها. وبرر خفض المعونات بالقيود المفروضة على موازنته وازدياد مندوبي المتمردين في دارفور إثر حصول بضعة انشقاقات.
وأعرب الاتحاد عن «الأسف لتوجيه عناصر من الحركة تهديدات إلى المكلفين الحفاظ على السلام في دارفور في وقت تبذل جهود لتفعيل العملية السياسية». وأضاف أنه «يأخذ هذه التهديدات على محمل الجد ويشدد على أنه سيحمل المسؤولية لأي حركة تقوم بأعمال ضده».
على صعيد آخر، رحبت الرئاسة السودانية بتعيين الرئيس المصري حسني مبارك السفير أحمد حجاج مبعوثاً خاصاً إلى دارفور، عقب تلقيه رسالة من البشير نقلها مستشار الرئاسة السودانية الدكتور غازي صلاح الدين، كما رحبت بتعيين الرئيس الكيني موي كيباكي، سلفه دانيال اراب موي مبعوثاً إلى السودان.
وسيزور موي الخرطوم وجوبا لإجراء مشاورات مكثفة مع مسؤولين من الجانبين في شأن تنفيذ اتفاق السلام في جنوب السودان الذي وقع في كانون الأول (يناير) 2005 ويواجه تعثراً في تنفيذ بعض بنوده، خصوصاً ما يتصل بالجوانب الأمنية والعسكرية وتقاسم المناطق الغنية بالنفط وترسيم الحدود.