بيان من منظمات حقوقية: اوضاع حقوق الإنسان في دارفور

May 2006 · 5 minute read

شارك مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان في اجتماعات الدورة 39 للجنة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب التابعة للاتحاد الافريقي والتي انعقدت خلال الفترة من 11 إلى 25 مايو بعاصمة غامبيا، بانجول. ناقشت الدورة 39 للجنة الافريقية قضايا حقوق الانسان في افريقيا، حيث قدمت بعض الدول الاعضاء تقاريرها واستعرض مبعوثو الدول وبعض المنظمات الوطنية والمنظمات غير الحكومية أوضاع حقوق الانسان في بعض البلدان الافريقية، كما ناقشت الدورة مشروع تكوين المحكمة الافريقية للعدالة وحقوق الانسان وأوضاع السجناء في أفريقيا.
أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان والمنظمة السودانية لمناهضة التعذيب والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية بيانا حول أوضاع حقوق الإنسان في السودان يتناول الحالة المتردية في إقليم دارفور، وأعربوا عن قلقهم إزاء الانتهاكات المتواصلة لحقوق الانسان في السودان والمضايقات التي تتعرض لها المنظمات العاملة هناك وتحرشات الحكومة السودانية بنشطاء حقوق الانسان، مطالبين اللجنة الافريقية بالضغط على الحكومة السودانية لوقف تلك الانتهاكات وحثها على الالتزام بالميثاق الافريقي لحقوق الانسان والشعوب وبقية المواثيق الدولية. وفيما يلي نص البيان :

توجد لدينا ملاحظات هامة حول أوضاع حقوق الإنسان في السودان، و قد رأينا أن نلفت نظر اللجنة الأفريقية لها.

أولاً: إننا نعبِّر عن قلقنا العميق إزاء الأزمة المتفاقمة حاليًا في الأوضاع الإنسانية وحقوق الإنسان في إقليم دارفور، بالرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل من جانب الاتحاد الأفريقي عبر المهام الموكولة له باعتباره وسيطا لتأمين أسس اتفاق السلام الموقع في أبوجا ونشر مراقبيه في المنطقة. وإننا نؤكد على أن أي اتفاق سلام يخفق في تجسيد وتأمين الالتزام الكامل لكل أطراف النزاع لابد أن يكون مصيره الفشل.
وجدير بالذكر أن هنالك 3.5 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية في دارفور.
ومع ذلك لم تتوقف الحكومة السودانية وميليشيات الجنجويد الموالية لها وجماعات المعارضة المسلحة، عن الهجمات العشوائية والوحشية ونهب الماشية والمواد الغذائية من قرى المدنيين ومخيمات اللاجئين ذات الحصانة. حيث اعتادت تلك الميليشيات أن تهاجم في الغالب عدة قرى في اليوم الواحد، مخلفة وراءها عددًا كبيرًا من الإصابات والدمار. ففي السادس عشر من فبراير، هاجم نحو أكثر من 2000 فرد من ميليشيات الجنجويد 8 قرى محيطة بجريدة، وقاموا بنهب أكثر من 1500 جمل وبقرة. وكذلك، في الخامس عشر من مارس، هاجمت الميليشيات ثلاث قرى ومخيمات اللاجئين في جبل مرة، وقتلت عشر أشخاص من المخيمات المذكورة. الأمر الذي أدى إلى نزوح الآلاف من قراهم إلى تلك المخيمات ذات الكثافة العالية، مما أجبر منظمات الإغاثة على ترك تلك المناطق، هذا إضافة إلى هجمات جيش تحرير السودان على قوافل المساعدات الإنسانية.
وما زال العنف الجنسي والنوعي منتشراً في دارفور. فالنساء والفتيات اللواتي يتجرأن ويخرجن من مخيمات اللاجئين لجلب الماء والحطب، هن عرضة دائماً للاغتصاب والخطف. والكثيرات من ضحايا الاغتصاب ورفيقاتهن يتعرضن للضرب المبرح خلال الهجوم ويتكبدن الكثير من المخاطر. ولا يزال مكان وجود الكثير من النساء اللاتي تم اختطافهن مجهولاُ.
ولازالت التدابير الحكومية المتخذة لمواجهة الإفلات من العقاب لأفراد الأجهزة الأمنية الحكومية ضعيفة، فضلا عن عدم توفير التعويضات الملائمة لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة. ولازالت الحكومة مصرّة على رفض مطالب اللجنة الداعية إلى التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، حيث أنشأت بدلاً منها محكمة جنائية لأحداث دافور. إلا أن تلك المحكمة غير قادرة على اعتقال أيا من كبار القادة العسكريين في دارفور المسئولين عن جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، وهي الجرائم التي تشير لجنة الأمم المتحدة للتحقيق إلى احتمال ارتكابها في دارفور.
ثانياً، وضع المدافعين عن حقوق الإنسان وفرق الخدمة الاجتماعية المدنية:
حكومة السودان، من خلال أجهزتها الأمنية، تستمر في التعامل بشكل غير ودي وغير متعاون مع المدافعين عن حقوق الإنسان وفرق الخدمة الاجتماعية المدنية. فبدلا من القبض على مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان، تستهدف الحكومة كل من يعلن عن انتهاكات حقوق الإنسان. وتم وصف الكثير من المنظمات على أنها مصدر لعدم الاستقرار وتم اتهامها بالتجسس وبنشر معلومات زائفة. وتستمر الحكومة في استخدام خطط متنوعة لإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان وعمال المساعدات الإنسانية داخل السودان، سواء عن طريق وضع قيود على تحركاتهم، أو رفض منح تأشيرات الدخول للمنظمات غير الحكومية الدولية، أو مضايقات الإيقاف الاستبدادي. وبلغت ذروة الهجوم على المنظمات عندما أقر البرلمان السوداني، يوم 20 فبراير 2006 تنظيم قانون العمل التطوعي والإنساني 2006 ؛ فقد فرض هذا القانون قيود صارمة على حرية تكوين الجمعيات، إضافة إلى كونه قد أحكم قبضة الحكومة، من خلال هيئة مراقبة المنظمات غير الحكومية التابعة لها، وهي «مفوضية العون الإنساني»، على أنشطة المنظمات غير الحكومية، والأعمال الإنسانية المحلية والخارجية ومنظمات حقوق الإنسان.
ثالثاً، إن الانتهاكات المستمرة لقانون حقوق الإنسان؛ من الاعتقالات التعسفية، والحبس الانفرادي، والمعاملة غير الإنسانية والاختفاء ألقسري، كل ذلك مازال مستمرا بشكل منهجي في السودان وخاصة في دارفور. فما يزال هناك الآلاف يتم اعتقالهم في السودان بدون توجيه أي اتهام لهم. ويتم إخبار المعتقلين عن تهمهم بعد فترة طويلة، وأحيانا بعد أن يتم احتجازهم لعدة أيام حبساً انفراديا، ويصبحون عرضة للسجن لمدة طويلة قبل المحاكمة. وأغلبية الاعتقالات تنفذها قوات الأمن بدون أي أمر قضائي أو سبب وجيه، وغالباً ما يتم احتجاز المقبوض عليهم لعدة أيام قبل ترحيلهم إلى الشرطة. وأينما تقوم الشرطة بالاعتقال، يتم احتجاز المقبوض عليهم لأجل غير مسمى إلى أن تنتهي الشرطة من تحقيقاتها, ومعظم المعتقلين لا يسجل اعتقالهم رسميا ويتم حبسهم انفراديا لفترات يتم تمديدها. ولا يزال الأمن السوداني يتعامل في التحقيقات بأسلوب الاعتراف المكره, والتعذيب. وهناك العديد من الوثائق التي تثبت حالات إكراه وتعذيب من قبل الشرطة وقوات الأمن.
ومن ثم، فإننا ندعو اللجنة الأفريقية إلى مساءلة حكومة السودان على انتهاكها للميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وإلزامها بالآتي:
• اتخاذ الخطوات اللازمة للتعاون مع بعثتي المراقبة التابعة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، من أجل منع الهجمات، والتهديدات، والترهيب وكل صور الانتهاكات الأخرى ضد المدنين في دارفور، كما نص عليها قرار اللجنة الأفريقية حول وضع حقوق الإنسان في دارفور، في دورته رقم 37، وكما نص عليه القانون الإنساني الدولي.
• الالتزام بالسماح بالعودة الطوعية للاجئين، مع توفير الطرق الآمنة وتعويضهم عن الخسائر التي تكبدوها.
• تحديد والتحقيق مع ومعاقبة كل المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان ويشمل هذا أفراد الأجهزة الأمنية والميليشيات الموالية للحكومة في دارفور، وفي كل السودان لعكس التزامها بقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون الدولي الملزم للسودان.
• السماح بالعبور الآمن في كل مناطق السودان للمنظمات السودانية والدولية، وتعديل قانون المنظمات غير الحكومية ليتماشى مع التزامات الميثاق الأفريقي، وليعكس شروط إعلان الأمم المتحدة لمدافعي حقوق الإنسان.
• التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية.
• اتخاذ التدابير اللازمة لمنح المعتقلين في السودان حقوق الإنسان التي يكفلها لهم القانون الدولي.
• نشر كل ما توصلت له بعثة تقصي الحقائق التابعة للجنة الأفريقية في السودان منذ يوليو 2004 بعد اعتمادها من قبل الاتحاد الأفريقي في يناير 2006.

المنظمات الموقعة
1- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
2- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
3- المنظمة السودانية لمناهضة التعذيب.