رسالة من منظمات حقوقية عربية الي جامعة الدول العربية بشأن الوضع في دارفور

October 2007 · 7 minute read

سعادتكم،

نكتب إليكم قبل حضوركم اجتماع جامعة الدول العربية المقرر عقده في الخرطوم في 30 و31 أكتوبر/تشرين الأول 2007. وقد شجعتنا هذه المبادرة لمناقشة الأزمة في دارفور، والتي من الواضح أنها تثير اهتماماً عالمياً حولها.

ونحن نتفهم أن المؤتمر مخصص لمناقشة تقديم المساعدة الإنسانية لدارفور وإعادة البناء والتنمية في أعقاب النزاع. وأثناء التحضير لهذا الأمر، فمن الضروري أن يأخذ المؤتمر في اعتباره قضايا حقوق الإنسان التي تُعرّض توفير المساعدة الإنسانية بشكل مباشر للخطر، والتي تسهم في استمرار الأزمة. وإذا لم يتم التصدي لهذه القضايا ومعالجتها، فليس ثمة أمل في سلام وأمن دائمين، وهو ما يعتبر المتطلب الأساسي لإعادة البناء والتنمية الفعالة.

ونحن ندعوكم لأخذ النقاط التالية في الاعتبار، وانتهاج الخطوات المحددة المذكورة أدناه من أجل إحداث فارق حقيقي في حياة سكان دارفور.

ونوصي على وجه التحديد دول جامعة الدول العربية، بما يلي:

ضمان أن بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان وبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور مجهزتين بما يكفي من العاملين والمعدات والخبرة التقنية وغيرها من الموارد، أخذاً في الاعتبار أن تحسن حالة الأمن في دارفور تعتمد على قدرات هذه القوات على الاستجابة السريعة وأنشطة القيام بالدوريات.

مطالبة كافة الأطراف بالالتزام الفوري بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، بما في ذلك:
إنهاء الهجمات على المدنيين والاستخدام غير المشروع لألوان وعلامات الأمم المتحدة وبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان على الطائرات.

إنهاء الدعم للميليشيا/الجنجويد المسيئة والمبادرة بتنفيذ برامج نزع أسلحة الميليشيا/الجنجويد.

وضع حدّ لحالة الإفلات من العقاب والترويج للمحاسبة عبر التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وتنفيذ إصلاحات تشريعية وغيرها من الخطوات الرامية لتعزيز النظام القضائي السوداني.

تسهيل نشر قوات بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان وبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في السودان، وضمان أنها تنفذ ما هي مخولة إياه من مهام دون إعاقة، بما في ذلك حرية التنقل في كافة أرجاء دارفور.
الهجمات على المدنيين

بعد خمسة أعوام تقريباً من النزاع في دارفور، أصبح مليوني شخصاً يعيشون في مخيمات ومآوي مؤقتة، بعدما أُجبروا على الفرار من بيوتهم ولم يتمكنون من العودة. وفي عدة مناطق ما زال الناس مشردين إثر تجدد الاقتتال والهجمات المباشرة على القرى والبلدات.

وفي الوقت نفسه يظل المدنيين في دارفور عرضة لخطر العنف في كل يوم. الآلاف من النساء تعرضن للاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي، وهنّ عرضة لهجمات إضافية كل يوم يغادرن فيه المخيمات أو القرى لجمع الحطب أو للذهاب إلى السوق. والمدنيون القلائل الذين يحاولون العودة إلى أراضيهم للزراعة يتعرضون للهجمات ويُبعدون بالقوة. وحتى داخل المخيمات لا يتمتع المدنيون بالأمن. في 18 و19 أكتوبر/تشرين الأول 2007، تعرض اثنين من المدنيين على الأقل للقتل في القتال بين المتمردين السابقين والميليشيات، وهو القتال الذي تصاعد في هجوم شنته الشرطة السودانية على مخيم كالما، وهو أكبر مخيم للأشخاص المشردين في دارفور. وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول أُصيب أيضاً مدنيين في مخيم الحامدية في زالينغي حين أطلقت القوات المسلحة السودانية النيران على المخيم.

كما أن العاملين بالإغاثة الإنسانية وعناصر حفظ السلام يتزايد تعرضهم للخطر. فبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان تعرضت تكراراً لإطلاق النيران، وفي 29 سبتمبر/أيلول 2007 قُتل 10 من عناصر قوات حفظ سلام التابعة لبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان على أيدي قوات المتمردين في هجوم شنه المتمردون على قاعدتهم، وهذا في هاسكانيتا شمالي دارفور. وسيطرت القوات الحكومية سريعاً على المنطقة، وفي 4 أكتوبر/تشرين الأول احترقت البلدة كلها وتفحمت تماماً وقُتل 10 مدنيين على الأقل. وطبقاً لتقرير هيئة خبراء الأمم المتحدة (2 أكتوبر/تشرين الأول 2007) تزايدت الهجمات على عمال الإغاثة الإنسانية ومعداتهم بنسبة 25% في النصف الأول من عام 2007، عن نفس النسبة في النصف الثاني من عام 2006، وتراجعت القدرة على بلوغ السكان المتضررين إلى حد كبير على امتداد العام.

لقد تزايد تعقد النزاع، مع تورط الميليشيات المدعومة من قبل الحكومة والمتمردين السابقين وفصائل المتمردين في السعي العنيف للسلطة والموارد والتنافس عليها. والمدنيون في دارفور هم من يدفعون ثمن هذا العنف. وعلى الرغم من الضمانات التي تقدمت بها حكومة السودان، فقد فشلت في إنهاء الهجمات المتفشية على المدنيين والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تقع مصحوبة بالإفلات من العقاب. وقالت هيئة خبراء الأمم المتحدة في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2007 إن حكومة السودان استخدمت طائرات عليها علامات بيضاء في عملية هجومية. كما فشلت الحكومة في إحكام سيطرتها على ميليشيا الجنجويد وفي نزع أسلحتها. كما شن المتمردون والمتمردون السابقون عمليات عنيفة وغيرها من الانتهاكات ضد المدنيين.

ونحن نأمل أن تستخدم حكومات جامعة الدول العربية نفوذها، وفرصة انعقاد هذا اللقاء، للإصرار على أن تلتزم كافة الأطراف فوراً بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، بما في ذلك إنهاء الهجمات على المدنيين والاستخدام غير القانوني لألوان وعلامات الأمم المتحدة وبعثة الاتحاد الأفريقي في السودان على الطائرات. وعلى حكومة السودان أيضاً أن تكف فوراً عن دعم الميليشيا/الجنجويد المسيئة والمبادرة بتنفيذ برامج لنزع أسلحة الميليشيا/الجنجويد.

الإفلات من العقاب والعدالة

تم إجراء هذه الإساءات في ظل إفلات شبه كامل من العقاب. وقد رفضت الحكومة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، ورفضت تسليم الشخصين التي صدرت بحقهما أوامر اعتقال من المحكمة. وأحد المشتبه بهما هو أحمد هارون، ما زال وزير الدولة للشؤون الإنسانية في دارفور، وتم تعيينه مؤخراً عضواً في لجنة مسؤولة عن تلقي شكاوى إساءات حقوق الإنسان. والآخر هو علي قشيب، كان رهن الاحتجاز في السودان ولكن طبقاً لما ذكره وزير الخارجية السوداني، فقد تم إطلاق سراحه مؤخراً. وهذه إهانة مروعة للمجتمع الدولي، نظراً لأن القضية قد تم تحويلها إلى المحكمة الجنائية الدولية من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. كما فشلت الحكومة في الملاحقة القضائية لمن ارتكبوا أخطر الفظائع على المستوى الوطني، وكذلك في تنفيذ الإصلاحات الموعودة في النظام القضائي الوطني. وعلى جامعة الدول العربية حث الحكومة السودانية على التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية والقيام بالإصلاحات التشريعية وغيرها من الخطوات بهدف تعزيز النظام القضائي السوداني.

قوة حفظ سلام الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي المختلطة

في هذه الأجواء العنيفة والمعقدة حيث المدنيين ما زالوا عرضة للخطر المستمر، تصبح قوات حفظ السلام القوية هامة وضرورية للغاية. وقد صوت مجلس الأمن بالإجماع في يوليو/تموز 2007 على التصريح بنشر قوة حفظ سلام معززة القدرات. ومن الضروري الآن أن تتلقى القوة كل الدعم المالي واللوجستي والتقني الممكن لضمان قدرتها على الوفاء بولايتها المفوضة إياها لحماية المدنيين. وتحسين الحالة الأمنية في دارفور يتوقف كثيراً على مدى قدراتهم على الاستجابة السريعة وأنشطة القيام بالدوريات. وفيما توجد حالياً أعداد كبيرة من القوات، فما زالت توجد ثغرات خطيرة من حيث القدرة على النقل الجوي والبري، وعلاجها ضروري لتوفير الحماية الفعالة. وعلى جامعة الدول العربية أن تقدم أي دعم ممكن لسد هذه الثغرات الخطيرة (وأية ثغرات غيرها)، وفي الوقت نفسه تستمر في توفير الدعم لقوات بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان المنتشرة حالياً في مواقعها.

وعلى الرغم من قبولها لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، فإن الحكومة السودانية قد فشلت في تسهيل نشر القوات، بما في ذلك تخصيص الأرض المطلوبة لتشييد القواعد، كان سلوكها مراوغاً فيما يخص تشكيل القوات. وعلى جامعة الدول العربية أن تصر على أن تيسر الحكومة السودانية قدر الإمكان النشر السريع لعناصر بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان وبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور، وأن تضمن تنفيذها لما هي مخولة إياه من ولاية دون معوقات، بما في ذلك حرية التنقل في كافة أرجاء دارفور.

وقد لعبت حكومات جامعة الدول العربية دوراً هاماً حتى الآن في ضمان استمرار تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان، وفي ضمان موافقة حكومة السودان على قوة بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور. إلا أنه حتى توقف كافة الأطراف هجماتها المتعمدة على المدنيين وغيرها من إساءات حقوق الإنسان، وحتى تتخذ خطوات ملموسة في تسهيل انتشار قوة حفظ السلام المختلطة، فإن المدنيين مستمرين في المعاناة من الهجمات القاسية، وفي العيش في خوف وهم محاصرون داخل المخيمات غير قادرين على العودة إلى ديارهم.

مع فائق الاحترام،

هيومن رايتس ووتش
الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
البرنامج العربي لنشطاء حقوق الانسان
الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان
دار الخدمات النقابية و العمالية
الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
لجان الدفاع عن الحريات الديموقراطية و حقوق الانسان في سوريا
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
مركز البحرين لحقوق الإنسان
المركز السوري للإعلام و حرية التعبير
مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان
مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف
مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان
منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان
المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
المنظمة المصرية لحقوق الإنسان
المنظمة الوطنية لحقوق الانسان ( سوريا)
المنظمة السودانية لمناهضة التعذيب
منظمة ستاند سيراليون
تحالف دارفور أليرت
شبكة اللاجئين والمشردين داخلياً في غرب أفريقيا (واريبنت)
التجمع الأفريقي للدفاع عن حقوق الإنسان (رادهو)
مشروع الحقوق الاجتماعية الاقتصادية والمحاسبة
التحالف البحريني من أجل المحكمة الجنائية الدولية
شبكة المرأة الأفريقية لتنمية الاتصالات (فيمنت)