(نيويورك، 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2021) – صرّحت “منظمة العفو الدولية”، و”مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان” و”هيومن رايتس ووتش اليوم، بأن تقرير التنمية البشرية في مصر الصادر عن “برنامج الأمم المتحدة الإنمائي” لشهر سبتمبر/أيلول 2021 يتضمن ادعاءات كاذبة ومضللة، يهدف العديد منها إلى تجميل الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان التي ارتكبتها الحكومة وقوات الأمن المصرية.
وفي رسالة مشتركة أرسلت في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، إلى مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر، وتمت مشاركتها مع مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، استعرضت المنظمات الثلاث تفاصيل الادعاءات الكاذبة والمضللة الواردة في التقرير، إلا أنها لم تتلق أي إجابة حتى وقت كتابة هذا البيان.
وقالت المنظمات الثلاث في الرسالة: “تواصل الحكومة المصرية بشكل منهجي تشويه الحقائق وإنكار أزمة حقوق الإنسان الحالية في مصر، رغم حجم انتهاكات حقوق الإنسان وخطورتها، إلا أن إضفاء وكالة أممية المصداقية على مثل هذه الادعاءات الكاذبة، الصادرة من جانب حكومة… يسهل تكرارها ويشجع الإفلات من العقاب”.
وفي هذا السياق، طالبت المنظمات بضرورة مراجعة تقرير التنمية البشرية في مصر من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للتأكد من توافق محتوياته مع تقييمات خبراء الأمم المتحدة الآخرين، ونهج الأمم المتحدة القائم على حقوق الإنسان لعملية التنمية البشرية. وفي انتظار هذه المراجعة، حثت المنظمات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على سحب التقرير من جميع منصات الأمم المتحدة الإلكترونية، وفتح تحقيق في الظروف المحيطة بصياغة ونشر هذا التقرير وتقديم نتائجه للعموم.
وفي ملحق للرسالة، استعرضت المنظمات الثلاث كيف تتعارض سردية تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع التقييمات والنتائج التي توصلت إليها هيئات الأمم المتحدة الأخرى، بما في ذلك المفوضية السامية لحقوق الإنسان، فضلاً عن التقارير التي أعدتها المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية المستقلة على مدى ثماني سنوات مضت.
إن التجميل الذي يصدره تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يقوض بشدة هدف الأمم المتحدة المتمثل في اتباع نهج قائم على حقوق الإنسان لعملية التنمية البشرية.
وقد دعت المنظمات الثلاث برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى التشاور بشكل هادف، مع الهيئات ذات الصلة في الأمم المتحدة، بما في ذلك آليات حقوق الإنسان والجهات الفاعلة المستقلة في المجتمع المدني قبل إصدار مثل هذه التقارير.
مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: أخيم شتاينر
رئيسة مكتب الأمين العام للأمم المتحدة: ماريا لويزا ريبيرو فيوتي
مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لشئون حقوق الإنسان: إليز براندز كيهريس
حول تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بشأن التنمية البشرية في مصر
نكتب إليكم، نحن المنظمات الحقوقية الثلاث الموقعة أدناه، تعبيرًا عن استيائنا من تقرير التنمية البشرية في مصر، الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في سبتمبر 2021؛ إذ يغفل التقرير العوائق الهيكلية للتنمية البشرية في مصر، ويتجاهل نهج الأمم المتحدة القائم على حقوق الإنسان لعملية التنمية البشرية. ويتضمن ملحق بهذه الرسالة أمثلة لادعاءات كاذبة ومضللة وردت في ذلك التقرير.
يعرض تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سردية تتعارض مع التقارير والبيانات الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة الأخرى وخبراء مجلس حقوق الإنسان المستقلين، فضلًا عن عشرات التقارير والتقييمات التي أعدتها المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية المستقلة على مدى 8 سنوات مضت. إذ يبدو التباين واضحًا بين تقرير التنمية البشرية في مصر والبيانات العامة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر من جهة، وبين الحالة على أرض الواقع في مصر من جهة أخرى. إضافة إلى ما يقدمه التقرير من معلومات مضللة لصناع القرار، بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية، التي لديها مسئولية في تناول قضايا حقوق الإنسان الملحة وسيادة القانون مع مصر.
وبناءً على ذلك، فإننا نحثكم على اتخاذ الإجراءات اللازمة بهدف:
- مراجعة تقرير التنمية البشرية في مصر للتأكد من توافق محتوياته مع تقييمات خبراء الأمم المتحدة الآخرين، ونهج الأمم المتحدة القائم على حقوق الإنسان لعملية التنمية البشرية. وفي انتظار هذه المراجعة، نحثكم على سحب التقرير من جميع بوابات الأمم المتحدة على الإنترنت.
- ضمان تشاور برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر، بشكل هادف، مع الهيئات ذات الصلة في الأمم المتحدة، بما في ذلك آليات حقوق الإنسان والجهات الفاعلة المستقلة في المجتمع المدني قبل إصدار مثل هذه التقارير.
- فتح تحقيق في الظروف المحيطة بصياغة ونشر هذا التقرير وتقديم نتائجه للعموم.
تواصل الحكومة المصرية بشكل منهجي تشويه الحقائق وإنكار الأزمة الحالية لحقوق الإنسان في مصر، رغم حجم انتهاكات حقوق الإنسان وخطورتها. وتؤكد المنظمات الموقعة أدناه أن إضفاء وكالة أممية المصداقية على مثل هذه الادعاءات الكاذبة، الصادرة من جانب حكومة مسئولة عن ارتكاب جرائم وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي، يعد بمثابة إنكار للطبيعة المنهجية لهذه الانتهاكات الجسيمة، على نحو يسهل تكرارها ويشجع الإفلات من العقاب.
ونحن على ثقة أنكم ستولون هذا الأمر الاهتمام الذي يستحقه.
يسعدنا الاجتماع بكم أو بفريقكم لمناقشة هذه الرسالة في أقرب وقت.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.
المنظمات الموقعة: منظمة العفو الدولية- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان- هيومن رايتس ووتش
الملحق: تفاصيل المعلومات الكاذبة والمثيرة للقلق في تقرير التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر
يشيد تقرير التنمية البشرية في مصر بالإطار التشريعي شديد القسوة لمكافحة الإرهاب في مصر، وتحديدًا قانون مكافحة الإرهاب (رقم 94 لعام 2015) وقانون الكيانات الإرهابية (رقم 8 لعام 2015)، وكذلك قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية (رقم 175 لسنة 2018)، وهي قوانين توظفها السلطات المصرية بشكل روتيني، لتجريم كل أشكال المعارضة وتقويض ضمانات المحاكمة العادلة لمن يتم اتهامهم بالإرهاب وجرائم الأمن القومي.
وقد وثقت المنظمات الموقعة أدناه وغيرها منذ 2013، وفي أعقاب إطاحة الجيش بالرئيس الأسبق محمد مرسي من السلطة، أن قوات الأمن المصرية ارتكبت انتهاكات جسيمة باسم مكافحة الإرهاب، تتضمن الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي الجماعي والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية. وتُرتكب هذه الانتهاكات بشكل منهجي وعلى نطاق واسع. كما تشير الأدلة الموثوقة إلى كونها جزءً من سياسة الدولة لقمع المعارضة.
في فبراير 2021، أصدرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، فيونويلا ني أولي، وفريق عمل الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي بيانًا يسلّط الضوء على إساءة استخدام السلطات المصرية لقانون مكافحة الإرهاب «لمهاجمة المنخرطين في مجال حقوق الإنسان.»، كما أعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم من «مشكلة منهجية في حماية حقوق الإنسان في مصر وإساءة استخدام قوانين وممارسات مكافحة الإرهاب».
وفي بيان صادر في أبريل 2020، حذرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب، بدعم من 6 خبراء ومجموعات عمل أممية أخرى، من «أنّ الأنظمة الجديدة الصارمة التي يفرضها القانون الشامل لمكافحة الإرهاب تؤدّي إلى تآكل إضافيّ لحقوق الإنسان الأساسيّة، وإلى المزيد من الاعتقالات التعسفية وادعاءات التعذيب، وإلى قمع أوسع لحرية التعبير والفكر وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي».
وفي يوليو 2021، سلّط 3 خبراء من الأمم المتحدة، من بينهم المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، الضوء على كيفية تقييد هذا التشريع لعمل المجتمع المدني.
كما أعربت المفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ميشيل باشليت، عن قلقها من محاكمة المدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين بتهم إرهاب أمام محاكم خاصة بالإرهاب.
وبدلًا من تضمين هذه المخاوف الخطيرة، أحتفي تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالقانون رقم 149 لسنة 2019، الذي يشرعن لملاحقة العمل المدني، مدعيًا أنه يعمل على «تعزيز دور المنظمات غير الحكومية» في مصر. وذلك على نحو يتعارض أيضًا مع البيان العام الصادر عن ثلاثة من أصحاب الولايات الخاصة بالأمم المتحدة في يوليو 2021، والذي حث الحكومة المصرية على مراجعة هذا القانون، والتأكد من توافقه مع التزامات مصر الدولية في مجال حقوق الإنسان، باعتبار أن القانون ولائحته التنفيذية «تحد من وصول المجتمع المدني إلى التمويل وتمكن السلطة التنفيذية من.. تنظيم منظمات المجتمع المدني وحلها».
وبحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره فإن «السجون المصرية شهدت تحسنًا»، وهو ما يتعارض أيضًا مع تقييم أبريل 2020 للمتحدثة باسم المفوضة السامية لحقوق الإنسان بأن «غالباً ما تكون السجون ومراكز الاعتقال في مصر مكتظة وغير صحية وتعاني من نقص الموارد. ويُمنع المعتقلون بشكل روتيني من الحصول على رعاية طبية وعلاج ملائمين». كما ذكر المقرر الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القانون، وخبراء آخرون، أن أوضاع السجون في مصر تعرّض حياة آلاف المعتقلين للخطر. وأشار خبراء إلى وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسي في السجن، مسلطين الضوء على أن وفاته أثناء الاحتجاز، ربما تصل حد اعتبارها «قتلاً تعسفيًا بإقرار من الدولة». ودعا الخبراء لفتح تحقيق نزيه في وفاة سجناء رهن الاحتجاز منذ 2012.
وفي القسم الخاص بالحق في السكن، يدعي تقرير التنمية البشرية أن «مصر تتبع قواعد وإجراءات محددة فيما يتعلق بإعادة توطين أو إجلاء المواطنين في المناطق غير الآمنة أو غير المخططة، تماشيًا مع المبادئ التوجيهية للمقرر الخاص [بشأن الحق في السكن اللائق] والتي تتضمن المبدأ التوجيهي «حظر الإخلاء القسري ومنع عمليات الإخلاء كلما أمكن ذلك»». الأمر الذي يتعارض مع تقرير المقررة الخاصة ليلاني فرحة بشأن زيارتها لمصر 2018، إذ أشارت لأن التشريعات المصرية تقوض الحق في السكن، فضلاً عن غياب آليات الاستئناف وإجراءات التعويض الكافية. كما سلطت الضوء على العديد من حالات الإخلاء القسري وهدم المنازل. وأعربت فرحة في تقريرها عن قلقها العميق «أن الأفراد المهددين بالإخلاء القسري أو المتضررين من ذلك، وكذلك المحامين والمدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان المعنيين بالحق في السكن، يخشون التعرض لأعمال انتقامية في حال مد الإجراءات الخاصة بمعلومات بغرض التماس الجبر من خلال الآليات الدولية لحقوق الإنسان».
وفي الواقع، كانت الأعمال الانتقامية بحق المتعاونين مع المقررة الخاصة أثناء زيارتها لمصر بالغة الشدة، لدرجة أنها ذكرت في ديسمبر 2018، «ما لم تضمن مصر أن المدافعين عن حقوق الإنسان وضحايا انتهاكات الحقوق، قادرون على التواصل مع مبعوثي حقوق الإنسان بدون خوف من الانتقام، فإنها في رأينا ليست مستعدة لاستضافة مزيد من زيارات (خبراء حقوق الإنسان)». هذه المعلومات والمواقف التي قدمتها المقررة الخاصة، وغيرها مما قدموه المقررون الخواص الآخرين، لم يتم إدراجها في تقرير التنمية البشرية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- منظمة العفو الدولية
- هيومن رايتس ووتش
Share this Post