أكثر من 700 بنك أوروبي وصناديق إدارة أصول وشركات تأمين وصناديق معاشات تمتلك أسهمًا وسندات بقيمة 115 مليار دولار أمريكي في 50 شركة منخرطة في أنشطة محل تحفظ ومخاوف أممية تتعلق بحقوق الإنسان وبناء المستوطنات الإسرائيلية وتزويدها بالخدمات، وهدم منازل الفلسطينيين ومراقبتهم. ومؤسسات مالية أوروبية قدمت 171 مليار دولار أمريكي في شكل قروض واكتتابات لهذه الشركات.
كشف تقرير جديد صادر عن تحالف «لا تساهم في تمويل الاحتلال»، وهو تحالف يضم 24 منظمة أوروبية وفلسطينية في7دول أوروبية، أنه للسنة الثانية على التوالي تستثمر مئات المؤسسات المالية الأوروبية بشكل كبير في شركات تدعم المستوطنات الإسرائيلية ومشاريعها السكنية والزراعية والصناعية غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة.
يقول ويليم ستايس منسق تحالف لا تساهم في تمويل الاحتلال: «لهذه الشركات دور حاسم في عمل واستدامة وتوسيع المستوطنات غير القانونية. بالتالي، ومن خلال إقراض هذه الشركات أو الاستثمار فيها، تربط المؤسسات المالية نفسها بأنشطة تنتهك القانون الدولي».
تعد المستوطنات الإسرائيلية توسعات غير قانونية بموجب القانون الدولي، تصل حد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية؛ إذ يعتمد بناء المستوطنات على مصادرة واسعة النطاق للأراضي الفلسطينية، وعمليات نقل قسري للسكان الفلسطينيين من وإلى الأراضي المحتلة. هذه المستوطنات غير القانونية، والتي يحميها النظام العسكري الإسرائيلي، تلحق خسائر فادحة بحقوق الفلسطينيين، بما في ذلك حقهم في حرية التنقل، والأمن، ومستوى معيشي لائق. هذا بالإضافة إلى التصاعد المستمر لعنف المستوطنين بحق المجتمعات الفلسطينية وسكانها، بما في ذلك العنف الجسدي والترهيب، واستخدام الذخيرة الحية، وتدمير الحقول وقتل الماشية.
تقول إيناس عبد الرازق من معهد فلسطين للدبلوماسية العامة، عضو التحالف: «المستوطنات عنصر أساسي في نظام الفصل العنصري الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وبتقديم الدعم المباشر أو غير المباشر لهذا المشروع الاستعماري الاستيطاني، تصبح المؤسسات المانحة متواطئة في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، ونهب الموارد الطبيعية، والتهجير القسري للفلسطينيين، وبالتالي فهم بعيدون كل البعد عن الالتزام بمسئولياتهم».
تلزم المبادئ التوجيهية الدولية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان المؤسسات المالية ببذل مزيد من العناية الواجبة بحقوق الإنسان في المناطق الواقعة تحت الاحتلال العسكري. ومن ثم ينبغي على هذه المؤسسات وصناديق إدارة الأصول ممارسة ضغط على الشركات المستثمر فيها لتخفيف الآثار السلبية للاستثمارات، وإنهاء العلاقات المالية مع الشركات غير الراغبة في تطبيق القانون الدولي ومراعاة حقوق الإنسان. لكن من الواضح أن هذا لا يحدث على المستوى المطلوب.
من بين أكبر المانحين، من حيث حجم الإقراض، للشركات المنخرطة في أنشطة في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية؛ BNP Paribas، وHSBC، وSociété Générale، وDeutsche Bank، وBarclays. أما من حيث الاستثمار، فيأتي على رأس القائمة؛ الصندوق العالمي للمعاشات التقاعدية للحكومة النرويجية، وCrédit Agricole، وGroupe BCPE، وDeutsche Bank، وLegal & General بإجمالي استثمارات يناهز 44 مليار دولار أمريكي.
على الجانب الأخر يكشف التقرير الثاني لتحالف «لا تساهم في تمويل الاحتلال» لعام 2022 عن استثناءات محترمة للقاعدة. إذ استبعد صندوق التقاعد الهولندي ABP، ومدير الأصول النرويجي Storebrand، وأكبر شركة معاشات تقاعدية في النرويج KLP، في السنوات الأخيرة عددًا كبيرًا من الشركات التي تعمل بنشاط مع المستوطنات الإسرائيلية.
يقول شتاينار كروغستاد، نائب رئيس الاتحاد النرويجي لنقابات العمال، عضو تحالف «لا تساهم في تمويل الاحتلال»: «ينبغي على المؤسسات المالية التطلع لأقرانها ممن لم يكتفوا بتولي زمام المبادرة في هذه القضايا فحسب، وإنما احتلوا الصفوف الأمامية للتغيير. إن انتهاكات القانون الدولي الموثقة جيدًا والآثار السلبية التي تسببت فيها الشركات المتورطة في المستوطنات متواصلة لفترة طويلة جدًا لدرجة أن المؤسسات المالية لا يمكنها التظاهر بالجهل بها».
يدعو تحالف «لا تساهم في تمويل الاحتلال» المؤسسات المالية إلى بذل العناية الواجبة لحقوق الإنسان بما يتماشى مع مسئولياتها بموجب القانون الدولي والمعايير الدولية الخاصة بالأعمال التجارية المسئولة؛ واتخاذ إجراءات محددة زمنيًا وفعالة بشأن نتائج تقييمات الأثر، والضغط على الشركات العاملة في المستوطنات لوقف نشاطها؛ وفي حالة فشل ذلك، إنهاء العلاقات المالية بشكل مسئول مع هذه الشركات التي لا ترغب في التوافق مع القانون الدولي وحقوق الإنسان.
للاطلاع على التقرير كاملًا هنا
مقدمة التقرير وملخصه التنفيذي متوفر بالعربية أيضًا هنا
Share this Post