أعلنت القمة العربية الطارئة المنعقدة بالقاهرة في 4 مارس 2025، رفض قاطع لخطة التطهير العرقي للفلسطينيين في غزة التي اقترحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتبناها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بينما اعتمدت الخطة التي قدمتها مصر لإعادة إعمار غزة. وفي بيانها الختامي طالبت بوضع حد للعدوان الإسرائيلي في الضفة الغربية، ولعرقلة وصول المساعدات إلى غزة.
في هذا السياق، يؤكد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن هذا الموقف المعلن في القمة لا بد أن تتم ترجمته لأفعال ملموسة على الأرض، ومواصلة الضغط من أجل وقف الهجمات الإسرائيلية فورًا على الضفة، وضمان دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق لغزة. هذا بالإضافة إلى أهمية العمل الجاد من أجل التوصل لحل دائم ينهي الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني لفلسطين، ويفكك نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، ويضمن حق الفلسطينيين في تقرير المصير والمشاركة السياسية الديمقراطية الكاملة.
تقترح خطة مصر لإعادة الإعمار – التي رفضتها الولايات المتحدة وإسرائيل – سكنًا مؤقتًا لسكان غزة لحين انتهاء أعمال إعادة الإعمار، ولجنة إدارية مؤقتة لإدارة شئون القطاع، تضم مجموعة تكنوقراط مستقلين يعملون تحت مظلة الحكومة الفلسطينية. كما تتضمن الخطة تشكيل بعثة دولية لحفظ السلام ومنطقة عازلة، على أن يتم تنفيذها بالتوازي مع الجهود المبذولة لحل الدولتين. وعلى النقيض، اقترحت الولايات المتحدة خطة لإعادة إعمار غزة مبنية بالأساس على تهجير الفلسطينيين قسرًا لدول أخرى، ضاربًة بعرض الحائط كل حقوق الفلسطينيين، والتعامل معهم باعتبارهم مجرد مستفيدين من المساعدات لا صناع قرار، أصحاب حق في تشكيل وتقرير مصيرهم ومستقبلهم.
تقول آمنة القلالي مديرة البحوث بمركز القاهرة: «أن إعادة إعمار غزة وفق مقترح مصر؛ بمثابة ضمادة على جرح عميق ما زال يحتاج لعلاج جذري. فالشعب الفلسطيني له حق كامل في تقرير المصير، والسيادة الفعلية الكاملة على أراضيه. الأمر الذي يتطلب تفكيك الاحتلال الإسرائيلي، وتحرير الأراضي الفلسطينية من كل أشكال السيطرة المفروضة عليها، وضمان حكم الفلسطينيين لأراضيهم وفق عملية سياسية تضمن مشاركة الفلسطينيين الفعالة في تشكيل مستقبلهم».
جدير بالذكر، أن البيان الختامي للقمة العربية قد تطرق بشكل مقتضب إلى حاجة دولة فلسطين إلى بذل «جهد» لضمان إجراء الانتخابات وقتما تسمح الظروف، علمًا بأن حرمان الفلسطينيين من حقهم في المشاركة السياسية ممتد منذ فترة طويلة. إذ أجريت أخر انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في 2006، بينما أخر انتخابات رئاسية كانت في 2005.
تأتي هذه القمة العربية وخطتها لإعادة إعمار غزة بالتزامن مع هجمات إسرائيلية عنيفة وتهجير قسري للفلسطينيين في الضفة الغربية. هذا بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي للمساعدات والحيلولة دون وصلها لغزة منذ 2 مارس الجاري. الأمر الذي أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع المحتل، في انتهاك صارخ لاتفاق وقف إطلاق النار والتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ومخالفة لأوامر محكمة العدل الدولية.
في21 يناير، أي بعد يومين فقط من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، شنت إسرائيل عملية عسكرية في الضفة الغربية، هي الأطول منذ عقدين، تضمنت غزوًا بريًا وغارات جوية وإجراءات أمنية مشددة واعتقالات جماعية للفلسطينيين في جميع أنحاء الضفة. وبحلول 21 فبراير/ شباط، قتلت إسرائيل ما لا يقل عن 50 فلسطينيًا بينما شردت أكثر من 000 40 شخص من مخيمات اللاجئين، مما أدى إلى تأجيج أزمة إنسانية وسياسية متردية أصلا.
هذه العملية العسكرية الوحشية الجارية الآن في الضفة تمثل أحدث التوغلات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية. فبين أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و21 فبراير/ شباط 2025، قٌتل ما لا يقل عن 887 فلسطينيًا في الضفة الغربية، فضلًا عن استمرار إسرائيل في توسيع مستوطناتها غير القانونية وإضافة أكثر من 30,000 وحدة سكنية في عام 2023 ، بزيادة قدرها 180% على مدى السنوات الخمس الأخيرة. وبحلول سبتمبر 2023، كان حوالي 700,000 مستوطن يقيمون بشكل غير قانوني في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.
لقد انتهت قبل أيام المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، التي استمرت 42 يومًا، وبدأ التفاوض على تنفيذ المرحلة الثانية المقترحة، التي من شأنها أن تتضمن الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة، وإعلان وقف دائم لإطلاق النار المستمر منذ أكتوبر 2023. والذي أسفر حتى مارس 2025 عن مقتل أكثر من 40,000 فلسطيني تم التعرف عليهم في غزة وفقًا لمصادر رسمية، بينما يُقدر العدد الفعلي للقتلى بثلاثة أضعاف هذا العدد. وتسبب في نزوح 90% من الفلسطينيين في غزة.
على المجتمع الدولي أن يضمن الإنهاء الفوري للاحتلال الإسرائيلي غير القانوني وتفكيك نظام الفصل العنصري الإسرائيلي، ومحاسبة إسرائيل على انتهاكاتها، وفقًا لفتوى محكمة العدل الدولية المؤرخة في يوليو/تموز 2024، والتي تدعو إسرائيل إلى إنهاء احتلالها غير القانوني للأرض الفلسطينية فورًا. كما ينبغي أن تبرهن دول العالم على التزامها القانوني الدولي بعدم الاعتراف بالوضع الناشئ عن الاحتلال الإسرائيلي، وتعليق كل أشكال الدعم أو المساعدة التي تعزز بقائه والحفاظ عليه.
Share this Post