أرسلت 24 منظمة من منظمات المجتمع المدني، من بينها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، خطابًا مشتركًا إلى البنك الأوروبي للاستثمار، حول أهمية جعل حقوق الإنسان أولوية حقيقية للبنك، ودمج تعزيز وحماية حقوق الإنسان في إطار كافة المشروعات التي يمولها البنك. الرسالة دعت البنك أيضًا، في إطار مراجعته لإطار الاستدامة البيئية والاجتماعية، لتعزيز نهجه من أجل ضمان ألا يكون لمشاريعه المستقبلية انعكاسات سلبية على حقوق الإنسان، من خلال إقرار سياسة جديدة بيئية اجتماعية وحقوقية متينة، تعكس في خطوات ومبادئ واضحة كيفية تعزيز وحفاظ البنك الأوروبي للاستثمار على حقوق الإنسان. كما قدمت الرسالة للبنك مجموعة من التوصيات من شأنها ضمان الإدماج الفعلي للمقاربة الحقوقية في عمليات البنك الأوروبي للاستثمار.
دعوة لجعل حقوق الإنسان أولوية حقيقية للبنك الأوروبي للاستثمار ودمج تعزيز وحماية حقوق الإنسان في إطار الاستدامة البيئية والاجتماعية للبنك
على مدار سنوات، دأبت المنظمات غير الحكومية والمجتمعات المحلية على دق ناقوس الخطر بشأن ضرورة اهتمام البنك الأوروبي للاستثمار بتعزيز وحماية حقوق الإنسان في كل عملياته. وفي كثير من الأحيان، موَّل البنك مشاريعًا ساهمت في خروقات لحقوق الإنسان، كما لم يكترث بالأصوات المناهضة وتخوفات المجتمعات المتضررة؛ كما حدث مؤخرًا في نيبال وجورجيا وكينيا.
ورغم ترحيبنا بإجراء حوار أكثر انفتاحًا بين البنك الأوروبي للاستثمار ومنظمات المجتمع المدني حول هذه المواضيع، فإن مسودة السياسة البيئية والاجتماعية والمعايير المرتبطة بها، المقترحة من البنك، فشلت في وضع مخاوف ومطالب منظمات المجتمع المدني في عين الاعتبار. كما أن المسودة المقترحة لا تنطوي على ضمانات كافية للحيلولة دون تسبب المشروعات التي يمولها البنك في الإضرار بحقوق الإنسان، كما يعبر الاستعمال المتكرر لمصطلح «القيم» في المسودة عن الفشل، ويجب اعتباره بمثابة جرس إنذار؛ فاحترام حقوق الإنسان يجب أن يكون التزامًا قانونيًا وليس مجرد قيمة.
إن مقاربة «التجاوب مع الحقوق» للبنك الأوروبي للاستثمار والخطاب المرتبط بمسودة السياسة ليست كافية على الإطلاق لضمان احترام وتعزيز المتعاملين مع البنك لحقوق الإنسان أو ضمان محاسبتهم حال فشلهم؛ فادعاء المسودة بالتجاوب مع حقوق الإنسان سيبقى مجرد ادعاء إن لم تعبر عن التزام البنك الأوروبي للاستثمار بإجراء عمليات التحقق من مدى احترام حقوق الإنسان، وأخذ خطوات مناسبة لمنع حدوث أضرار في هذا الصدد.
في هذا السياق، تتقدم المنظمات الموقعة بالتوصيات التالية من أجل الإدماج الفعلي للمقاربة الحقوقية في عمليات البنك الأوروبي للاستثمار في إطار مراجعته لإطار الاستدامة البيئية والاجتماعية:
- وضع ثلاث أسس متينة لإطار يضمن حقوق الإنسان يعتمد على العناصر التالية:
- سياسة بيئية اجتماعية وحقوقية متينة توضح كيفية تعزيز وحفاظ البنك الأوروبي للاستثمار على حقوق الإنسان. ويجب أن تنص السياسة بوضوح على دور البنك في تحديد ومنع والتخفيف من المخاطر المتعلقة بحقوق الإنسان خلال مرحلة تقييم المشروع، مع إجراء تحقيقات حول دور صاحب المشروع ومسئولياته. كما يجب أن تنص السياسة على مسئولية البنك عن التحقق من مدى احترام حقوق الإنسان فيما يتعلق بالمشروع وأن يطلب تقييمًا للأثر على حقوق الإنسان من أصحاب المشروع، في جميع الحالات حيث تم تحديد مخاطر من طرف البنك. كما ينبغي إدراج بنود محددة في السياسة بشأن حماية ومشاركة المدافعين عن حقوق الإنسان. وإجمالًا، يجب أن تٌلزم سياسة البنك الأوروبي للاستثمار بصياغة استراتيجية وخطة عمل مرتبطة بها في مجال حقوق الإنسان.
- يجب على استراتيجية حقوق الإنسان أن:
- تدمج سياسات محددة لصالح المدافعين عن حقوق الإنسان وألا تتسامح مع الأعمال الانتقامية،
- تشرح كيف سيتم التعامل ومنع أو التخفيف من المخاطر المتعلقة بحقوق الإنسان،
- توضح كيفية تعزيز البنك لمقاربة حقوق الإنسان وسط أصحاب المصلحة ومختلف الأطراف المتعاملة معه،
- تولي اهتمامًا خاصًا لضمان الولوج إلى المعلومة والمشاركة والوصول إلى حلول وضمانات لعدم العودة،
- تشترط تنفيذ ونشر تقييمات سابقة لتأثير عمليات وأنشطة البنك على حقوق الإنسان،
- تعزز الموارد البشرية والكفاءات في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى وضع الخبرات المحلية الحقوقية في عين الاعتبار، نظرًا لعدم إمكانية استيعاب الخبرات الأجنبية الخصوصيات في سياقات معينة، كما يتعين على البنك توفير وسائل آمنة للاستعانة بهذه الخبرات.
- نظام متين للتحقق من مدى احترام حقوق الإنسان على مستوى المشروع وأثناء كافة مستويات تنفيذه، اعتمادًا على:
- إجراء البنك تدقيقًا في المخاطر المتعلقة بحقوق الإنسان، وتقييمها قبل النظر في المشروع، وإعلام العموم وضمان مشاركة المجتمع المدني في تلك الخطوات،
- طلب إجراء تقييم حقوقي حول المشاركة ومقاربة النوع من صاحب المشروع كلما تم تحديد مخاطر حقوقية تتعلق بالمشروع أو بالموازاة مع إجراء تقييم للأثر البيئي والاجتماعي. ويجب أن يوضح هذا التقييم استراتيجية التحقق من مدى احترام حقوق الإنسان والتدابير لوقف أو منع أو التخفيف من أي انعكاسات محتملة على حقوق الإنسان،
- آليات الرصد والإبلاغ،
- الولوج الفعلي إلى حلول.
وينبغي أن يكون مسار التحقق بأكمله –بما يتضمن تقييم الأثر على حقوق الإنسان والمنهجية المعتمدة– علنيًا قبل المصادقة على المشروع، تماشيًا مع الممارسات المعتمدة من طرف بنوك التنمية المتعددة الأطراف. ويجب أن تكون نتائج التحقق جزءً أساسيًا من البيانات البيئية والاجتماعية لبنك الاستثمار الأوروبي.
كما يتطلب النظام رصدًا مستمرًا للوضع على أرض الواقع؛ من أجل ضمان احترام المشاريع للمبادئ والمعايير الأساسية المؤطرة للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، وألا تساهم –بشكل مباشر أو غير مباشر– في خروقات حقوق الإنسان.
- تحسين انخراط أصحاب المصلحة والمشاركة العامة
- على سياسات ومعايير البنك الأوروبي للاستثمار ضمان الإبلاغ الكلي والجاد للمجتمعات المحلية والمتضررين أو الذين قد يتضررون من عملياته، واستشارتهم قبل تقييم المشروع. وينبغي الإفصاح عن مساهماتهم في وثائق المشروع (مع ضمان عدم ذكر مصادر المعلومات)، كما يجب أن يضم المعيار الثاني لانخراط أصحاب المصلحة بنودًا تطلب من صاحب المشروع وبنك الاستثمار الأوروبي التواصل وتحديد أصحاب المصلحة والعمل على إدماج المجتمع المدني في هذه العملية.
- يجب على البنك الأوروبي للاستثمار ضمان ولوج الأطراف المتضررة لألية شكاوى تتسم بالانفتاح والتجاوب والفاعلية والاستقلالية، بما في ذلك الحق في جبر الضرر الفعلي تجاوبًا مع المخاوف المعبَّر عنها، وهذا يشمل وضع مشروع آلية للتظلمات (التي يجب أن يضعها أصحاب المصلحة باستعمال لغتهم، وأن تكون متاحة لغير المتعلمين وأصحاب الاحتياجات الخاصة، وأن تكون شاملة وآمنة) كما يتضمن تعزيز آلية الشكاوى لبنك الاستثمار الأوروبي والولوج إلى المؤسسات الوسيطة بالاتحاد الأوروبي.
- إتاحة الحق في الموافقة المسبقة عن علم بشكل منهجي وشفاف وتوثيقه بشكل علني. وبالنسبة للمجتمعات غير الأصلية المتضررة في حال وجود استثمارات بشأن الأراضي والموارد الطبيعية، فإن معايير البنك الأوروبي للاستثمار يجب أن تحيل للمبادئ التوجيهية للإدارة المسئولة للحيازة.
- يراجع البنك الأوروبي للاستثمار ويعزز من قابلية تطبيق معيار الشعوب الأصلية، ويتعين عليه الإفصاح للعلن عن الأسس التي جعلته يختار تطبيق المعيار؛ لكي تتمكن المجتمعات التي تعتبر نفسها أصلية من فهم –أو الطعن إن اقتضى الأمر– طريقة تعامل زبائن البنك مع المعيار المذكور. ونعيد تذكير البنك أنه جعل التعامل مع المجتمعات التي تعتبر نفسها أصلية أو قبلية معيارًا أساسيا لتحديد المجموعات التي تسري عليها بنود الاتفاقية، وفقًا لاتفاقية منظمة العمل الدولية لـ 1969.
- حماية المدافعين عن حقوق الإنسان
- تفتقر سياسة البنك لمقتضيات واضحة لمناهضة للانتقام. لذا نقترح إدخال الفقرة التالية: «لا يتسامح البنك الأوروبي للاستثمار على الإطلاق مع الانتقام والترهيب والتهديد والتحرش والعنف وأي من خروقات حقوق الأفراد خاصةً المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين في مجال البيئة».
- يجب على البنك الأوروبي للاستثمار صياغة سياسات محددة خاصة بالمدافعين عن حقوق الإنسان، وبروتوكولات للتصدي لمخاطر الانتقامات. لذا يجب أن يضم التحقق من حقوق الإنسان على مستوى المشروع، أولًا تقييما مرحليًا للمخاطر من أجل تحديد مخاطر الانتقامات بحق المدافعين عن حقوق الإنسان، وثانيًا إجراءات التخفيف من حدة المخاطر. وهذا ينطوي على إجراء مشاورات مع المدافعين عن حقوق الإنسان في إطار التقييم الحقوقي للبنك.
- يجب أن توضح هذه السياسات والبروتوكولات كيفية تجاوب البنك مع التهديدات أو الهجمات الانتقامية بسرعة وفاعلية. كما يجب على بنك الاستثمار الأوروبي وضع تدابير لضمان التشاور السليم مع المدافعين عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر من أجل منع حدوث اعتداءات في المستقبل، وضمان مسائلة المذنبين. وينبغي أن تتضمن السياسة التنفيذية للبنك عقوبات، بما فيها الامتناع عن صرف العقود وإلغاؤها ومنع الزبائن –الذين ثبتت مسئوليتهم في الانتقامات– من الدخول في علاقة تعاقدية مع البنك في المستقبل.
- وعلى عكس ما تشير إليه الفقرات المتعلقة بحقوق الإنسان في المذكرة التفسيرية (وضع آلية تلقي التظلمات)، فإن هذه الآلية ليست كافية لجبر الضرر الفعلي وضمان محاكمة عادلة، خاصةً حينما تكون الجهات التي نفذت الانتقام سلطات الأمن بتواطؤ مع القضاء، أو حينما يتضمن الانتقام اختفاء قسريًا أو اعتقالًا تعسفيًا أو محاكمة غير عادلة، في هذه الحالة يتعين على البنك طرح الأمر على السلطات الوطنية.
ملخص لأهم التوصيات:
- يجب أن تلزم السياسة البيئية والاجتماعية والحقوقية بنك الاستثمار الأوروبي بصياغة استراتيجية لحقوق الإنسان وخطة عمل كما فعلت بشأن مقاربة النوع،
- يجب أن تصف السياسة كيفية التحقق من مدى احترام حقوق الإنسان، وأن تقتضي تقييمًا لحقوق الإنسان على مستوى المشروع في جميع التمويلات حيثما بتم تحديد مخاطر حقوقية من طرف البنك،
- تعزيز انخراط أصحاب المصلحة والعموم،
- يجب أن تعبر السياسة بشكل قوي عن مناهضة الانتقامات، وأن تلزم بنك الاستثمار الأوروبي بوضع سياسات محددة وبروتوكولات لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان وضمان إعلامهم ومشاركتهم والعمل على الحد من مخاطر الانتقام،
- يحتاج بنك الاستثمار الأوروبي إلى المزيد من الخبراء في حقوق الإنسان في صفوفه ولتعزيز حضوره في جميع الدول التي يعمل داخلها، كما يجب على البنك ضمان الموارد المالية للولوج إلى خبرات خارجية (بما فيها الخبرات المحلية).
الموقعون:
- تحالف عرب واتش
- الجمعية التونسية للحوكمة المحلية
- جمعية تلاسمطان للبيئة والتنمية
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان(FIDH)
- المرصد اليمني لحقوق الإنسان
- مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (CIHRS)
- Accountability Counsel
- Balkani Wildlife Society (Bulgaria)
- Both ENDS
- CEE Bankwatch Network
- Counter Balance
- Defenders in Development campaign
- Espace de Solidarité et de Coopération de l’Oriental (Maroc)
- Focus (Slovenia)
- Gender Action
- Jamaa Resource Initiatives, Kenya
- Polish Green Network
- ReCommon
- Recourse
- Rivers without Boundaries International Coalition (RwB)
- The center for Protection of the Natural Ecosystems in Albania (EcoAlbania)
- The European Network on Debt and Development )Eurodad(
- Urgewald
Share this Post