رسالة إلى:
وزير الخارجية أنطوني بلينكين
2201 C Street NW
Washington, DC 20520
نسخة إلى: القائم بأعمال مساعد السكرتير، مكتب شئون الشرق الأدنى، ياعيل لمبرت
نائب مساعد السكرتير، مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل، كريستوفر لو مون
بخصوص: مخاوف متعلقة بحقوق الإنسان عقب الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ومصر
السيد الوزير بلينكين،
تكتب منظماتنا إليكم، ردًا على الحوار الاستراتيجي المخيب للآمال بين الولايات المتحدة ومصر، والذي عُقد يومي 8 و9 نوفمبر في واشنطن العاصمة. على مدار الأيام التي سبقت الحوار، أعلنت وزارة الخارجية عن التزامها بالارتقاء بحقوق الإنسان والمساءلة عن الانتهاكات، باعتبارها أولويات أساسية في علاقتها مع السلطات المصرية. ولكن من الواضح، بناء على كل المؤشرات، أن إدارة بايدن فشلت في ذلك الالتزام.
في أعقاب الحوار أصدر الطرفان بيانًا مشتركًا، ذكرت فيه حقوق الإنسان بشكل عابر، الأمر الذي يعبر عن التزام أقل بكثير من ذلك الذي رأيناه في مذكرات «التعاون الدفاعي» العديدة التي اتفقت عليها الولايات المتحدة مع الحكومة المصرية. في واقع الأمر، لم يذكر البيان أي مخاوف أو اتفاقيات محددة تتعلق بحقوق الإنسان.
ورحبت إدارة بايدن في البيان بــ «بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر، والخطط الوطنية للنهوض بحقوق الإنسان في البلاد بالتعاون مع المجتمع المدني». بينما تجاهلت الإدارة الأمريكية حقيقة أن هذه «الاستراتيجية»، التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في سبتمبر2021، لا تعبر عن التزام حقيقي بمعالجة أزمة حقوق الإنسان في مصر. فالاستراتيجية تنكر استخدام الحكومة المصرية لتشريعات شديدة القسوة لتجريم حرية التعبير والتجمع السلمي، كما تنكر أيضًا انتهاكات قوات الأمن المتواصلة لحقوق الإنسان، والتي يتمتع مرتكبوها بإفلات مطلق من العقاب. كذا تتجاهل الاستراتيجية استغلال السلطات المصرية المستمر لقوانين مكافحة الإرهاب الغامضة، وتوظيفها لخنق ومعاقبة المعارضة والنقد والمجتمع المدني. فضلًا عن عمليات القتل خارج نطاق القضاء والتعذيب والاختفاء القسري والتمييز المنهجي بحق النساء والأقليات الدينية والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية من المصريين والمهاجرين وطالبي اللجوء. كما أنها تفشل في محاسبة قوات الأمن على قتلها لأكثر من 900 متظاهر في مجزرة رابعة عام 2013.
إن الادعاء باعتزام حكومة السيسي التعاون بشكل هادف مع المجتمع المدني وتنفيذ إصلاحات حقيقية، هو أمر تدحضه الحملة المستمرة ضد جماعات حقوق الإنسان. فبدلاً من ذلك، تواصل السلطات على نطاق واسع وبشكل غير عادل احتجاز واستهداف ومعاقبة المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والعاملين في المجتمع المدني والمعارضين السياسيين بسبب انتقادهم القانوني للسلطات المصرية وسجل مصر الحقوقي. وتعلم إدارة بايدن أسماء إبراهيم عز الدين وباتريك جورج زكي وهيثم محمدين وعزت غنيم وهدى عبد المنعم ومحمد بكر وعلاء عبد الفتاح وزياد العليمي وحسام مؤنس وهشام فؤاد وعبد الناصر سلامة وغيرهم الكثيرين المنتهَك حقوقهم. حاكمت السلطات هؤلاء وغيرهم الكثير محاكمات صورية وسافرة وسجنتهم بتهم ملفقة تتمثل في «نشر أخبار كاذبة».
في السياق نفسه، وفي وقت كتابة هذا التقرير، ينتظر المدافع البارز عن حقوق الإنسان ومدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حسام بهجت الحكم عليه بتهم ملفقة ترتبط بنشاطه الحقوقي. كما أدانت المحاكم المصرية بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، في قضيتين منفصلتين غيابيًا، وحكمت عليه بتهم ملفقة بالسجن 18 عامًا لممارسته حقوقه الإنسانية. ولا تزال التحقيقات الجنائية في القضية 173 تستهدف ما لا يقل عن 15 مدافعًا عن حقوق الإنسان وعاملًا في المجتمع المدني. ورغم أن بعض هؤلاء لم يعودوا قيد التحقيق في القضية، لكنهم لا يزالون يواجهون حظر سفر تعسفي، وتجميد أصول، تفرضه السلطات المصرية.
بينما عُقد الحوار الاستراتيجي في واشنطن، ظل الآلاف في مصر، ولا يزالون، رهن الاعتقال التعسفي، ويشمل هذا استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وقادة المعارضة بتهم تعسفية تتعلق بالإرهاب. في كثير من الحالات، مارست السلطات معهم التعذيب وسوء المعاملة، وحرمتهم من الرعاية الطبية الكافية. وعلى مدار 2021، تم تسجيل تنفيذ ما لا يقل عن 83 عملية إعدام، حتى الآن، وهو ارتفاع مقلق لثالث أكثر منفّذ لحالات الإعدام في العالم في عام 2020. وفي الوقت الحالي، يواجه 36 رجلًا على الأقل خطر الإعدام بعد إدانات غير قابلة للاستئناف من جانب محاكم الطوارئ، في محاكمات بالغة الجور تتفشى فيها انتهاكات الحقوق وادعاءات «الاعترافات» المنتزعة تحت التعذيب.
وواصلت السلطات المصرية، إلى حد كبير، تجاهل المطالبات والتوصيات من هيئات الأمم المتحدة والدول الأعضاء، إلى جانب جماعات حقوق الإنسان الدولية والمصرية. وبدلًا من التفاعل الجاد مع هذه المطالبات، قدمت السلطات المصرية واجهة «إصلاحية» من خلال إطلاق سراح عدد محدود من المعتقلين -بعضهم محتجز بشكل تعسفي لسنوات، مع مواصلة التهديد بمزيد من الاعتقال والمحاكمة.
ورغم قرار الرئيس السيسي برفع حالة الطوارئ المتواصلة على مستوى الدولة في مصر منذ أربع سنوات؛ إلا أن البرلمان المصري سرعان ما أقر تعديلات أخرى تساعد على ترسيخ السلطات الاستثنائية للرئيس والولاية القضائية الجائرة للمحاكم العسكرية على المدنيين. ويستمر عشرات المعارضين في مواجهة محاكمات صورية في «محاكم الطوارئ». على نطاق واسع، حولت السلطات المصرية مصر إلى «سجن مفتوح للمعارضين والنقاد»؛ فهي تستخدم تدابير قاسية لتدمير حياة المدافعين عن الحقوق، وكل ذلك يحدث بضوء أخضر يتمثل في مليارات الدولارات من المساعدات الأمنية الأمريكية. ويتمدد هذا القمع إلى ما هو أبعد من حدود مصر حيث تنفذ السلطات أعمالًا انتقامية بحق عائلات المنشقين المصريين الذين يعيشون في الخارج. تعرف إدارة بايدن جيدًا حالة محمد سلطان، المدافع عن حقوق الإنسان المقيم في الولايات المتحدة، وأبوه صلاح سلطان المحتجز بمعزل عن العالم الخارجي في مصر في انتقام واضح لنشاط ابنه.
ويحظر قانون الولايات المتحدة استمرار عمليات نقل الأسلحة إلى أي حكومة تَقرَّر ارتكابها مثل هذا النمط من المضايقات بحق الأفراد في الولايات المتحدة. كما يمنع قانون المساعدات الخارجية، الولايات المتحدة من تقديم المساعدة الأمنية لمنتهكي الحقوق الجسيمين مثل الحكومة المصرية، والتي تؤكد الأدلة الموثقة على استخدامها أسلحة وفرتها الولايات المتحدة في الانتهاكات المذكورة. ولا توجد استثناءات في هذه القوانين.
رغم ذلك، مع هذا الحوار الاستراتيجي، لم تقدم الإدارة أي اعتراف أو إشارة علنية بالحاجة لإعادة تقييم وشرط المساعدة الأمنية الأمريكية لمصر على أساس حقوق الإنسان، وهذا تحديدًا ما ينبغي على الولايات المتحدة أن تفعله حتى تتخذ حكومة السيسي إجراءات ملموسة لإنهاء الانتهاكات المنهجية وتحسين أوضاع حقوق الإنسان. بينما تبدأ الولايات المتحدة فترة عضويتها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يناير 2022، ينبغي عليها أيضًا الضغط من أجل تشكيل آلية مراقبة أممية لحقوق الإنسان في مصر. على إدارة بايدن اتخاذ مثل هذه الخطوات؛ لتعزيز المساءلة الجادة عن الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان، والتي ارتكبتها الحكومة المصرية مع إفلات تام من العقاب.
إن امتناع إدارة بايدن عن اتخاذ إجراءات صارمة ردًا على انتهاكات حقوق الإنسان الوقحة في مصر يجعل التزامها بـ«حماية ودعم المدافعين عن حقوق الإنسان» التزامًا أجوف. لقد حان الوقت لهذه الإدارة لإظهار إرادة سياسية حقيقية والوقوف في وجه الحكومة المصرية فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
مع خالص التقدير،
المنظمات الموقعة:
- منظمة العفو الدولية بالولايات المتحدة الأمريكية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- لجنة العدل
- لجنة حماية الصحفيين
- الديمقراطية في العالم العربي الآن
- المنبر المصري لحقوق إنسان
- مبادرة الحرية
- هيومن رايتس ووتش
- بي إي إن أمريكا
- مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
- روبرت ف. كينيدي لحقوق الإنسان
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
Share this Post