قبيل انعقاد البرلمان الإيطالي، والمقرر في 13 أكتوبر، تدعو 13 منظمة من منظمات المجتمع المدني المصري والإيطالي جميع القوى السياسية المنتخبة لتمثيل الشعب الإيطالي للالتزام بشكل ملموس بتعزيز مبادئ حقوق الإنسان، بما فيها السلام والتضامن الدولي، المنصوص عليهما في الدستور الإيطالي، بما يتوافق مع التزامات إيطاليا الدولية، في سياق العلاقات بين إيطاليا ومصر.
إن الشراكة الاستراتيجية مع مصر، ومنها الصفقات المتعلقة بالطاقة والدفاع، يجب ألا تتعارض مع التزامات إيطاليا باحترام حقوق الإنسان و«رفض الحرب كوسيلة للإساءة إلى حرية الشعوب الأخرى».[1] إن التدهور الحاد في سيادة القانون في مصر أدى لتركيز سلطات تعسفية ومطلقة في أيدي الجيش وقوات الأمن، الأمر الذي تسبب في تفشي الفساد والإفلات من العقاب بين الجهات الفاعلة الحكومية، وخلق بدوره ما وصف بأنه أسوأ أزمة لحقوق الإنسان في البلاد على مدار القرن الماضية.
ويساهم التعاون الثنائي بين مصر وإيطاليا، في القطاعات الاستراتيجية، في إضفاء الشرعية على وزارة الداخلية المصرية وأجهزة الأمن وتمكينها. وهي نفسها التي أقرت الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا بتورطها في ارتكاب انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان.
وتتعدد مجالات التعاون الإشكالية بين مصر وإيطاليا، ومنها التعاون بين أجهزة الشرطة، واتفاقيات مراقبة الحدود، وتجارة الأسلحة –بما في ذلك بيع أو توريد تكنولوجيات مراقبة الذكاء الاصطناعي، التي تستخدم غالبًا في انتهاكات حقوق الإنسان.
وعلى مدار عقد 2010/2020، وتوازيًا مع تدهور الحقوق والحريات المدنية في مصر، تزايدت كثافة التعاون الشرطي، بما في ذلك برامج التدريب وتوفير المعدات شبه العسكرية من جانب إدارة الشرطة الإيطالية، وجميعها مبادرات ممولة من الأموال العامة وموارد الدولة.
ونود الإشارة لأن القانون الإيطالي الحالي يحظر توريد أو بيع معدات تسليح إلى البلدان المتورطة في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، أو في صراعات مسلحة. وفي ضوء تدهور حالة حقوق الإنسان في مصر، على سبيل المثال الانتهاكات الخطيرة والمنهجية التي ترتكبها الجهات الفاعلة الحكومية مثل الشرطة وقوات الأمن. إلى جانب مشاركتها في النزاعات المسلحة المحلية والإقليمية، كما هو الحال في شبه جزيرة سيناء واليمن وليبيا، الموثقة على نطاق واسع من جانب منظمات حقوق الإنسان المستقلة وهيئات حقوق الإنسان بالأمم المتحدة؛ فإن أي توريد أو تجارة أسلحة تستفيد منها مصر تنتهك القانون 185 لعام 1990. كما يتعارض توريد الأسلحة إلى مصر مع التزامات إيطاليا الدولية، وتحديدًا معاهدة تجارة الأسلحة، والتي وقعت عليها إيطاليا، ودخلت حيز النفاذ في 24 ديسمبر 2014.
وفي السياق نفسه، تم حدوث انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان فيما يتعلق بالتعاون في مجال مراقبة الهجرة وإعادة المهاجرين إلى أوطانهم. وينتهك رفض المهاجرين على الحدود حقهم الأصيل في التماس اللجوء من الاضطهاد المنصوص عليه في الدستور الإيطالي، والمادة 10، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية المتعلقة بوضع اللاجئين.
وعلاوة على ذلك، تنتهك الإعادة القسرية للمهاجرين إلى مصر مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في اتفاقية جنيف. ونظرًا للتدهور الخطير لحقوق الإنسان في مصر؛ فلا يمكن اعتبارها دولة ثالثة آمنة، إذ ترتكب السلطات المصرية انتهاكات متعددة، منها إعادة المدنيين إلى مناطق النزاع، والاستخدام المفرط للقوة بحق المهاجرين، والاعتقال التعسفي والتعذيب بحق المعارضين الذين يمنعهم الإطار القانوني الدولي الحالي من الخروج من البلد.
مؤخرًا، تفاقمت هذه الصورة بسبب سباق الدول الأوروبية، ومن بينها إيطاليا، للحصول على الطاقة، في محاولة لاستبدال الغاز الروسي. ويساهم التعطش الأوروبي للغاز في تسريع تصعيد الصراع وعسكرة شرق البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يتمثل في بيع فرقاطات FREMM لمصر في 2019. وتجدر الإشارة إلى أن استخراج الغاز في بلدان مثل مصر يهدف بالأساس للتصدير إلى الاتحاد الأوروبي، وحرمان المنتجين من المساواة في الوصول إلى الموارد المحلية وتغذية دوامة التبعية التي تفقر المجتمعات، وتعزز وضع عدم الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة.
إن المحاولة الحالية لتقليل الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي معرضة لخطر تحويل محور هذا الاعتماد من روسيا إلى بلدان مثل مصر وإسرائيل، اللتان تمتلكان سجل كئيب بالقدر نفسه من انتهاكات حقوق الإنسان. ببساطة، الغاز الطبيعي المسال في مصر غير مستدام لأنه يجعل إيطاليا متواطئة مع النظام المصري، ويمنحه الشرعية السياسية.
بصفتنا منظمات مصرية وإيطالية مستقلة، نعرب عن قلقنا بشأن استخدام خطاب الكراهية بحق النساء والأقليات والمهاجرين أثناء الحملات الانتخابية، وندعو ممثلي الدولة المنتخبين حديثًا لاتخاذ تدابير ملموسة لدعم حقوق الإنسان للجميع.
أخيرًا، وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية مع مصر، نطلب من جميع القوى السياسية الممثلة للشعب الإيطالي الالتزام الملموس والاستباقي بالنقاط التالية:
- وقف تجارة وتوريد الأسلحة والمواد العسكرية وشبه العسكرية إلى مصر، ويمكن تحقيق ذلك بتجميد تراخيص التصدير؛ نظرًا للتدهور الحاد في حقوق الإنسان في مصر، فضلًا عن تورطها في النزاعات المسلحة في المنطقة، بما يتسق مع التزامات إيطاليا الدولية بموجب معاهدة تجارة الأسلحة.
- الوقف الفوري لجميع برامج وأنشطة الدوريات ومراقبة الحدود مع مصر، وكذلك جميع مبادرات التعاون بين الشرطة والأمن، مع منح اهتمام خاص لبرامج التدريب المهني. ويجب أن تتناسب الاتفاقات الثنائية بشأن تعاون الشرطة والدفاع مع مصر مع القوانين المحلية، بما في ذلك القانون 76 المؤرخ 20 مارس 2003، واتفاق إعادة القبول لعام 2007. إننا ندعو البرلمان الإيطالي لإلغاء أو تعديل الإطار القانوني المذكور أعلاه بشأن تعاون الشرطة؛ ليتوافق مع التزامات إيطاليا الدولية فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
- استخدام أدوات الضغط الدبلوماسية لدعم العدالة فيما يتعلق بقضية ريجيني، ومعارضة العرقلة غير المقبولة لوزارة الداخلية المصرية والتي تقوض جهود القضاء الإيطالي لمحاسبة الجناة من خلال محاكمة عادلة.
- مراجعة اتفاقيات توريد الغاز الطبيعي المسال مع مصر، بما في ذلك إعادة تخصيص الموارد المستخدمة حاليًا لاستيراد الوقود الأحفوري مثل الغاز الطبيعي المسال لتطوير مصادر الطاقة المتجددة. إننا ندعو لاتباع سياسات طاقة أكثر جرأة وتطلعية لتحقيق انتقال شامل وعادل للطاقة، الأمر الذي من شأنه وقف ارتباط إيطاليا والاتحاد الأوروبي بالاعتماد على الأنظمة الاستبدادية.
المنظمات الموقعة:
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان.
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
- المنبر المصري لحقوق الإنسان.
- إيجيبت وايد لحقوق الإنسان.
- مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان.
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
- مركز النديم.
- ARCI
- Centro Studi Sereno Regis
- Rete Italiana Pace e Disarmo
- Station to Station 2 Agosto
- Un Filo Rosso
- Un Ponte per
[1] (المادة 11 من الدستور الإيطالي)
Share this Post