عقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مساء الثلاثاء 4 يونيو 2024، ندوته الشهرية في إطار صالون ابن رشد، تحت عنوان «أي دور لاتحاد القبائل العربية في الديناميكيات السياسية والأمنية في مصر؟». استضاف الصالون الكاتب والمحلل السياسي هشام قاسم عضو مجلس أمناء التحالف الحر، ومهند صبري الباحث المتخصص في الشأن الأمني والعسكري المصري وشبه جزيرة سيناء، وأدار النقاش الأكاديمي والحقوقي معتز الفجيري.
في البداية أكد الباحث مهند صبري أن اتحاد القبائل العربية ليس بكيان جديد، وإنما كيان مسجل منذ 2011، إلا أن إبراهيم العرجاني قد تمكن مؤخرًا من أخذ الاتحاد بسلطة القوة والسطوة والعلاقات مع الدولة، وأعاد تقديمه في ثوبه الجديد. الأمر الذي وصفه هشام قاسم بأنه جزء من «صفقة فساد كبرى» مشيرًا إلى أن تاريخ العرجاني الذي يبرهن أنه مجرد واجهة لحجم مال وأعمال ضخمة ومخيفة لا يملكها، وأن الاتحاد هو مجرد تكريم له كونه واجهة وفية ومطيعة لأجهزة الدولة، ومحاولة لمنحه مكانة اجتماعية.
إلا أن الخطورة الحقيقية من هذا الاتحاد بشكله الجديد حسب صبري، تكمن في تورط الدولة، في خضم وضع أمني حرج، في اختيار أفراد وكيانات مشبوهة، تعطيها ميزات وصفات خاصة، لتعمل خارج نطاق حكم ومسئولية المؤسسات الرسمية، وتحت مظلة من الحماية القانونية. وقد حذر صبري من تبعات ذلك ليس فقط على تفتيت النسيج المجتمعي وزرع الفتنة، وإنما مزيد من تجريف سمعة وصورة المؤسسات الأمنية والسيادية في أعين الشعب المصري وعلى المستوى الإقليمي والدولي. كما حذر صبري من خطورة هذه الكيانات والأفراد على المؤسسات الأمنية ذاتها، مشيرًا لأن تنظيم «أنصار بيت المقدس»، نشأ في الأساس من بضع أفراد بعضهم كانوا محتجزين في السجن نفسه مع إبراهيم العرجاني، وربما الفرق الوحيد أن العرجاني قرر مولاة الأجهزة الأمنية فتولى رئاسة «كيان هش يتم تحريكه بالأوامر»، بينما هم قرروا الانتقام منها، وكانت النتيجة عشر سنوات من الإرهاب في سيناء.
وفي هذا السياق وصف هشام قاسم النظام الحالي بأنه نظام «أزمات»؛ إذ تسببت سوء إدارته على مدى عشر سنوات في سلسلة ممتدة من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية أيضًا. واصفًا فضيحة شركة هلا المملوكة للعرجاني، وسماح النظام الحالي بها، بأنها بقعة سوداء في تاريخ مصر، مستبعدًا أن يباشر هذا النظام السياسي أي تحقيق جاد حولها، وواصفًا الموقف الرسمي منها بالمخزي قائلا: «لا أعتقد أن هناك واقعة شهدت ابتزاز ناس تلجأ لدولة هربًا من مجازر يرتكبها جيش مسلح على الجانب الأخر، هذه سابقة جديدة على مستوى العالم كله وليس مصر فقط». بينما فسر صبري صمت النظام عن هذه الفضيحة، بأن الشركة واجهة لأشخاص نافذين في الدولة المصرية، معتبرًا أن مثل هذه الجرائم وسماح النظام المصري بها هو الذي شجع إسرائيل على اتهام مصر في محكمة العدل بأنها تقطع المعونة عن أهل غزة: «إذا كنا واقفين ناخد منهم إتاوات على المعبر!»
أما عن تأثير هذا الاتحاد على القاعدة الشعبية للنظام الحالي خاصة بين القبائل العربية في مصر، فقد أكد المتحدثان ألا قيمة له، بل ربما يكون له أثر سلبي. إذ أن الحقيقة أن العديد من قيادات القبائل لا تعتبر الاتحاد ولا العرجاني ممثلًا لها، فضلًا عن أن القبائل موجودة وممتدة في جميع أنحاء مصر ولها ثقل مركزي في عدد من المحافظات وليس سيناء فقط. بل على العكس حذر صبري من أثر هذا الاتحاد في زرع الفتنة بين القبائل، لا سيما في ضوء التعامل العنيف والممتد من جانب الدولة والأجهزة الأمنية على مدى السنوات العشر الماضية، والذي خلق حسب وصفه «طبقة من المنتفعين من هذا العنف»، مشيرًا لأن نظام السيسي «لا يزال يمتلك مخزونًا ضخمًا من العنف، ولن يتورع عن استخدامه بحق المجتمع بأسره، سواءً عن طريق أجهزة الجيش والشرطة أو عن طريق وسطاء، مثل اتحاد قبائل سيناء أو غيره». الأمر الذي يطرح سؤالاً حول «ما إذا كان النظام يعي خطورة وتبعات أفعاله؟»
شاهدوا التسجيل الكامل للندوة هنا:
Share this Post