رسالة مفتوحة إلى الولايات المتحدة، وبريطانيا، ودول «الاتحاد الأوروبي»، ودول مانحة أخرى
الناقلة «صافر»؛ سفينة مُعدّة لتخزين وتفريغ النفط، ترسو على بُعد 32 ميلًا بحريًا من ميناء مدينة الحُديدة اليمنية الرئيسية، معرضة للانفجار في أي وقت؛ الأمر الذي يهدد بكارثة بيئية وإنسانية، بحسب «الأمم المتحدة»، والتي أعلنت، في 13 يونيو 2022، عدم إمكانية الشروع في المعالجة الطارئة؛ بسبب نقص التمويل، وأطلقت حملة تمويل جماعي بقيمة 20 مليون دولار أمريكي، في محاولة لسد الفجوة.
المنظمات الموقعة أدناه، تحثكم كحكومات مانحة رئيسية على تقديم الدعم الفوري لعملية الإنقاذ، والتي من شأنها وقف تسرّب مئات الألاف من براميل النفط إلى البحر الأحمر. كما ندعوكم إلى الوفاء بالتزاماتكم السابقة بشأن التمويل، بالقدر الضروري لبدء العملية الطارئة فورًا.
منذ 2015، تقبع ناقلة النفط صافر قبالة الساحل اليمني دون صيانة، بينما تحمل على متنها حوالي 1.14 مليون برميل من النفط الخام الخفيف –أربعة أضعاف كمية النفط التي تسربت من «إيكسون فالديز» في ألاسكا عام 1989– وتكفي هذه الكمية لجعل صافر خامس أكبر تسريب نفطي في التاريخ. في الوقت نفسه، فإن الناقلة العملاقة معرضة لخطر الانفجار الوشيك بسبب التآكل المتزايد نتيجة انعدام الصيانة، الأمر الذي دفع الرئيس السابق لشركة النفط اليمنية، المالكة للناقلة، لوصفها بأنها قنبلة.
الأمم المتحدة أعلنت عن استعدادها، حال توافر التمويل اللازم، الشروع في عملية إنقاذ طارئة لنقل النفط إلى سفينة آمنة؛ مقدرةً تكلفة تنظيف تسرب النفط من صافر بـ20 مليار دولار على الأقل، فضلًا عن العواقب الاقتصادية الأوسع. وحذرت الأمم المتحدة أن عملية الإنقاذ الطارئة ستغدو أكثر خطورة بحلول أكتوبر؛ مع زيادة الرياح العاتية والتيارات المتقلبة في البحر الأحمر.
وبينما تُشيد المنظمات الموقعة أدناه بالتزامات التمويل السابقة لمهمة الإنقاذ، فإنها تؤكد أن فجوة التمويل لا تزال متفاقمة، وتشكّل عقبة أساسية أمام العملية. وتعرب المنظمات عن شعورها البالغ بالقلق إزاء بطء وتيرة التبرعات من المجتمع الدولي، الأمر الذي يقرّب اليمن، بشكل خطير، من كارثة إنسانية وبيئية جديدة.
في 5 مارس 2022، وقّع الحوثيون، باعتبارهم سلطة الأمر الواقع والمسيطرون على الحُديدة، مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة؛ للموافقة على تسهيل خطة من مرحلتين تنسّقها الأمم المتحدة لمنع وقوع الكارثة. بعدما أعاق الحوثيون وصول الأمم المتحدة إلى السفينة لسنوات. الخطوة الأولى في نقل النفط من صافر إلى سفينة آمنة، والمتوقع أن تستغرق أربعة أشهر، تصل كلفتها 80 مليون دولار، لايزال ربعها مطلوبًا. بينما تتضمن المرحلة الثانية تركيب حاوية بديلة خلال 18 شهرًا. وتتطلب كلتا المرحلتين 144 مليون دولار.
منذ 2015، عجزت شركة «صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج» مالكة الناقلة العملاقة، والتي تديرها الدولة اليمنية، عن صيانة السفينة؛ الأمر الذي تسبب في تآكلها. وفي مايو 2020، تسربت مياه البحر إلى حجرة محرك الناقلة العملاقة؛ ما زاد المخاوف بشأن احتمال حدوث تسرب نفطي أو انفجار.
إن المنظمات الموقعة تؤكد ضرورة التحرك الفوري؛ فكل لحظة يتواصل فيها إهمال السفينة، هي بمثابة خطوة خطيرة نحو كارثة بيئية وإنسانية ستفاقم بشكل كبير الأزمة الإنسانية المستفحلة في اليمن. وتعيد المنظمات تأكيدها على قلقها البالغ بشأن الآثار البيئية الكارثية طويلة الأمد التي قد تنتج ما لم تبدأ عملية الإنقاذ فورًا.
في يوليو 2020، أطلق «برنامج الأمم المتحدة للبيئة» تحذّيرًا من أن تسرب النفط من السفينة سيتسبب في «تأثير بيئي خطير، وطويل الأمد» على أحد أهم مستودعات التنوع البيولوجي على الكوكب، وربما يدمر المستنقعات الساحلية، وأشجار المانغروف، والأعشاب البحرية، والشعاب المرجانية لأجيال. موضحًا أن هذا الدمار البيئي سيكون له عواقب اقتصادية مدمرة طويلة الأمد على قرابة 28 مليون شخص في اليمن، والسعودية، وإريتريا، والسودان، ومصر، وجيبوتي يعتمدون على هذه المناطق في معيشتهم. وفي الوقت نفسه، فإنه نظرًا إلى موقع صافر قرب ممرات الشحن العالمية المهمة، فهناك العديد من العواقب الاقتصادية الضارة المحتملة الأخرى التي قد تنجم عن التسرّب.
في سياق متصل، فإن استخدام الوقود الأحفوري يفاقم أزمة المناخ، ويتسبب في الإضرار بالحقوق البيئية والإنسانية. وبحسب المنظمات، تتزايد هذه المخاطر في مناطق النزاع، مثل اليمن؛ بسبب تراجع الحوكمة البيئية والرقابة الحكومية نتيجة تقليص الميزانيات، أو القيود على الوصول أو غيرها من قضايا السلامة والأمن، بالإضافة إلى احتمالية شن هجمات متعمدة أو عَرَضية على مواقع الوقود الأحفوري.
تسرب النفط قد يؤدي أيضًا إلى إغلاق ميناء الحُديدة، ما يؤثر على ملايين اليمنيين المعتمدين على واردات الغذاء والسلع الأساسية الأخرى؛ إذ أن ما بين 80٪ و90٪ من الاحتياجات الأساسية لسكان اليمن تصل عن طريق الواردات التجارية والمساعدات، التي يدخل حوالي 70٪ منها عبر ميناء الحُديدة.
وتجدد المنظمات الموقعة تحذيرها من أن تسرّب نفطي بهذا الحجم من شأنه مفاقمة الأزمة الإنسانية في اليمن المستفحلة؛ فمنذ 2015، تسبب النزاع المسلح، بين التحالف بقيادة السعودية والإمارات من جهة وجماعة الحوثيين المسلحة من جهة أخرى، في مقتل وإصابة آلاف المدنيين في اليمن، الأمر الذي وصفته الأمم المتحدة بـ «أكبر أزمة إنسانية في العالم».
وبينما تؤكد المنظمات الموقعة أدناه أن التبرع بمبلغ 20 مليون دولار اليوم لإنهاء خطر انفجار الناقلة صافر، سيمنع وقوع كارثة ستكلف المليارات؛ فإنها تشدد على أهمية احترام جميع أطراف النزاع لحقوق الإنسان والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.
الموقعون:
- آفاز
- الائتلاف المدني للسلام
- باكس للسلام
- تيرفاند
- حلم أخضر
- الحملة ضد تجارة الأسلحة
- سام للحقوق والحريات
- فريدم فورورد
- الفريق الدولي المعني بالأزمات
- القسط لحقوق الإنسان
- لجنة الحقوقيين الدولية
- مادري
- مرصد النزاعات والبيئة
- مركز الخليج لحقوق الإنسان
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- المنظمة الدولية لمكافحة العنف
- منظمة العفو الدولية
- منظمة مساءلة لحقوق الإنسان
- مواطنة لحقوق الإنسان
- هيومن رايتس ووتش
Share this Post