انضم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان صباح اليوم 15 يونيو 2021، إلى 52 منظمة حقوقية لبنانية وإقليمية ودولية، فضلاً عن 62 ناجيًا وعائلات الضحايا، في رسالة مشتركة إلى الدول الأعضاء والدول المراقبة في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، مطالبًا بتشكيل بعثة تقصي حقائق اممية مستقلة ومحايدة مدتها عام واحد، للتحقيق في أحداث وتداعيات انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020.
الرسالة طالبت مجلس حقوق الإنسان بالاضطلاع بدوره في حماية حقوق الإنسان، وفتح تحقيق دولي يضمن معاقبة المسئولين عن الانفجار وجبر الضرر للضحايا، الذين سبق وعبّروا عن عدم ثقتهم بالآليات المحلية، وأعربوا عن عدم كفاية الخطوات التي اتخذتها السلطات اللبنانية حتى الآن في هذا الصدد؛ نظرًا لاستنادها إلى عمليات معيبة غير مستقلّة وغير حيادية.
إلى الممثلين الدائمين عن الدول الأعضاء والدول المراقبة في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة،
نحن الموقعون أدناه، المنظمات الحقوقية اللبنانية والإقليمية والدولية، والأفراد، والناجون، وعائلات الضحايا، نكتب إليكم لطلب دعمكم في تشكيل بعثة تقصي حقائق دولية مستقلّة ومحايدة، مدتها عام واحد؛ للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020. ونحثّكم على دعم هذه المبادرة وتبنّي القرار لدى مجلس حقوق الإنسان.
في 4 أغسطس 2020، حطّم أحد أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ مرفأ بيروت ودمّر أكثر من نصف المدينة. أودى انفجار مرفأ بيروت بحياة 217 شخصًا، بينهم مواطنين من لبنان، وسوريا، ومصر، وبنغلاديش، والفلبين، وباكستان، وهولندا، وكندا، وألمانيا، وفرنسا، وأستراليا، والولايات المتحدة. وخلّف 7 آلاف جريح، من بينهم 150 أُصيبوا بإعاقة جسدية. وفضلًا عن الأذى النفسي، تسبب الانفجار في تدمير 77 ألف شقة، وتهجير أكثر من 300 ألف شخص. وتوفّي جراء الانفجار ثلاثة أطفال على الأقلّ تتراوح أعمارهم بين عامَيْن و15 عامًا، بينما أُصيب ألف طفل، وفقد 80 ألف آخرين منازلهم. وتضرّرت 163 مدرسة رسمية وخاصّة جراء الانفجار، وتعطّلت نصف مراكز الرعاية الصحية في بيروت، وتأثّرت 56% من الشركات الخاصة في المدينة. وتسبّب الانفجار بحسب «البنك الدولي» في خسائر مادية تُقدّر بـ 3,8 – 4,6 مليار دولار أمريكي.
الحقّ في الحياة حقّ مستقلّ وغير قابل للتصرف، أكد عليه «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية» (المادة 6)، والذي صادق عليه لبنان في 1972. كما ذكرت «لجنة حقوق الإنسان» المفسرة للعهد الدولي وجوب احترام الدول للحق في الحياة وتحصينه من الانتهاك المُمارس من الأفراد أو الكيانات، حتى لو لم يُنسب سلوكها للدولة. وأضافت اللجنة أنّ الحرمان من الحياة يشمل «ما ينجم عن فعل أو تقصير من أضرار أو إصابات قاتلة متعمَّدة يمكن توقعها ومنعها». ويتوجّب على الدول وضع «إطار قانوني وقائي يتضمّن إجراءات جنائية فعالة لحظر جميع مظاهر العنف…التي من شأنها أن تؤدّي للحرمان من الحياة، مثل القتل عمدًا أو بسبب الإهمال».
يتضح من الوقائع المعروفة حاليًا أنّ تخزين أكثر من 2,700 طن من نترات الأمونيوم بجوار مواد أخرى متفجّرة أو قابلة للاشتعال، مثل الألعاب النارية، في مخزن غير آمن في منتصف منطقة تجارية وسكنية مزدحمة في العاصمة المكتظة بالسكّان، أوجد على الأرجح خطرًا غير مقبول على الحياة.
في أعقاب الانفجار، تناول الإعلام عددًا من الوثائق الرسمية المسربة، من بينها رسائل رسمية ووثائق قضائية، تشير لتحذير مسئولين في الجمارك، والمرفأ، والقضاء، والحكومة، والسلطات العسكرية والأمنية، في مناسبات عديدة منذ 2013، من وجود كمية خطيرة من المواد الكيميائية القابلة للانفجار في المرفأ.
ويؤكد التعليق العام 36 على المادة 6 للجنة حقوق الإنسان على أنّ «واجب الحماية القانونية للحق في الحياة يقتضي من الدول الأطراف أيضًا تنظيم جميع الأجهزة العامة والهياكل الإدارية لممارسة السلطة العامة بطريقة تتوافق مع ضرورة مراعاة الحق في الحياة وكفالته، ويشمل ذلك إرساء المؤسسات والإجراءات الملائمة بموجب القانون لمنع الحرمان من الحياة، والتحقيق في الحالات المحتملة من الحرمان التعسفي من الحياة، وملاحقة المسئولين عنها ومعاقبتهم وتوفير كامل سبل جبر الضرر». يجب أن تكون التحقيقات في انتهاكات الحق في الحياة «مستقلّة، ومحايدة، وفورية، وشاملة، وفعالة، وذات مصداقية، وشفافة» وأن تستكشف »المسئولية القانونية لكبار الموظفين عما يرتكبه مرؤوسوهم من انتهاكات الحق في الحياة».
من المحتمل أيضًا أن آثار الانفجار وعواقبه قد تسببت في انتهاك لبنان لالتزاماته الدولية في مجال حقوق الإنسان؛ بضمان الحق في التعليم ومستوى معيشي لائق، بما يتضمن الحق في الغذاء والسكن والصحة والملكية. والأهم من ذلك، أن السلطات اللبنانية ستعجز عن الوفاء بالتزامها بتوفير سبل انتصاف فعالة للضحايا ما لم تضمن إجراء تحقيق موثوق، وفعال، ومحايد، تمثل نتائجه الأساس لأي خطة انتصاف فعالة.
في أغسطس، استعرض 30 خبيرًا في الأمم المتحدة علنًا معايير إجراء تحقيق موثوق حول انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020، بناءً على المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وأشاروا إلى ضرورة «حماية التحقيق من أي تأثير غير ضروري»، و«تضمينه المنظور الجنساني» و«منح الضحايا وأقاربهم إمكانية الوصول الفعال إلى التحقيق»، و«منح ولاية قوية وواسعة النطاق للتحقيق بفعالية في أي إخفاقات منهجية ارتكبتها السلطات اللبنانية».
لم يستوف التحقيق المحلي في انفجار بيروت هذه المعايير الدولية؛ إذ شهدت الأشهر العشرة الماضية منذ حدوث الانفجار عرقلةً، وتهرّبًا، وتأخيرًا من السلطات. ووثّقت «هيومن رايتس ووتش»، و«منظمة العفو الدولية»، و«ليغل أكشن وورلدوايد»، و«المفكرة القانونية» و«لجنة الحقوقيين الدولية» مجموعة من الشوائب الإجرائية والمنهجية في التحقيق المحلي حالت دون تأمين العدالة بشكل موثوق، بما في ذلك التدخل السياسي الفاضح، ومنح الحصانة للمسئولين السياسيين الكبار، وعدم احترام معايير المحاكمة العادلة، وانتهاك الإجراءات القانونية اللازمة.
طالب ضحايا الانفجار وأقاربهم بوضوح بإجراء تحقيق دولي، وعبّروا عن عدم ثقتهم بالآليات المحلية. كما زعموا عدم كفاية الخطوات التي اتخذتها السلطات اللبنانية حتى الآن؛ نظرًا لاستنادها إلى عمليات معيبة غير مستقلّة وغير حيادية. وهو الأمر الذي يثير مخاوف جدية حيال مدى قدرة السلطات اللبنانية واستعدادها لضمان حقوق الضحايا في الحقيقة، والعدالة، والانتصاف، نظرًا لتاريخ الإفلات من العقاب المتجذّر منذ عقود في البلاد وحجم المأساة.
مع اقتراب الذكرى الأولى للانفجار، أصبحت قضية فتح تحقيق دولي مماثل أكثر إلحاحًا. ويمتلك مجلس حقوق الإنسان فرصة لمساعدة لبنان في استيفاء التزاماته بحقوق الإنسان عبر تشكيل بعثة تحقيق أو تقصي حقائق خاصة بالانفجار؛ لتحديد مدى تسبب أو مساهمة تصرّف الدولة في القتل غير القانوني، ولرسم الخطوات الواجب اتخاذها لتأمين انتصاف فعّال للضحايا.
على بعثة التحقيق المستقلّة تحديد انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن إخفاق الدولة اللبنانية في حماية الحق في الحياة، تحديدًا على صعيد:
- الإخفاقات في الالتزام بحماية الحقّ في الحياة، والتي أدّت لانفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس، ومن بينها الإخفاقات في تأمين تخزين آمن لكمية كبيرة من المواد سريعة الاشتعال والتي قد تكون متفجرة أو التخلّص منها؛
- الإخفاقات في التحقيق في الانفجار، بما تشكله من انتهاك للحق في الانتصاف، والحق في الحياة.
يتحتم على بعثة التحقيق المستقلّة الإبلاغ عن حقوق الإنسان المنتهَكة جراء الانفجار، وإخفاقات السلطات اللبنانية، وأن تعطي توصيات للبنان والمجتمع الدولي حول الخطوات اللازمة لتأمين الانتصاف عن الانتهاكات والحرص على عدم تكرارها في المستقبل.
لم يكُن انفجار بيروت حدثًا معزولًا أو غريبًا. في الأسابيع التي أعقبت الانفجار، شبّ حريقان في المرفأ في مشاهد أعادت ذكرى الحريق المتسبب في انفجار بيروت، ما أرعب الناس. وفي فبراير 2021، حذّرت شركة ألمانية كُلِّفت بإزالة أطنان من المواد الكيميائية الخطرة المتروكة في مرفأ بيروت منذ عقود بأنّ ما وجدته كفيل بإحداث «انفجار ثانٍ في بيروت»، وبحسب تصريح المدير المؤقت للمرفأ، لو اشتعلت هذه الموادّ «لَدُمرّت» بيروت بأكملها.
لقد حان الوقت ليتدخّل مجلس حقوق الإنسان، ويستمع إلى دعوات عائلات الضحايا والشعب اللبناني المطالِبة بالمحاسبة، وحكم القانون، وحماية حقوق الإنسان. لقد شكّل انفجار بيروت مأساة ذات أبعاد تاريخية، ناجمة عن تقاعس السلطات اللبنانية عن حماية أبسط الحقوق، أي الحق في الحياة، وستلقي المأساة بتداعياتها لفترة تتخطى الوقت اللازم لبناء أحجار المدينة بكثير.
إن انفجار 4 أغسطس يمثل فرصة جوهرية للإصلاح وإعادة البناء بعد الدمار في ذلك اليوم. هذا أقلّ ما يستحقّه آلاف الأفراد الذين انقلبت حياتهم رأسًا على عقب، ومئات الآلاف الذين رأوا عاصمتهم مشوهة بطريقة لا عودة عنها.
قائمة الموقعين:
- المنظمات:
- الجمعية اللبنانية السويسرية
- الحركة الوطنية لشباب لبنان
- الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان
- المركز الدولي للعدالة الانتقالية
- المركز السوري للإعلام وحرية التعبير
- المركز اللبناني لحقوق الإنسان
- المفكرة القانونية
- أمم للتوثيق والأبحاث
- بيتنا
- تجمّع نقابة الصحافة البديلة
- حركة مناهضة العنصرية
- حلم
- خضّة بيروت
- دولتي
- رابطة الأبحاث حول حقوق الإنسان
- شبكة المغتربين اللبنانيين
- شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية
- شبكة مدى
- عدالة ومساواة من أجل لبنان (ع.م.ل)
- كلّنا إرادة
- لجنة الحقوقيين الدولية
- لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين في لبنان
- لقاء تشرين
- ليغل أكشن وورلدوايد
- مبادرة الإصلاح العربي
- مبادرة غربال
- مبادرة مسار السلام
- مركز الخليج لحقوق الإنسان
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز وصول لحقوق الإنسان – لبنان
- مركز وصول لحقوق الإنسان – فرنسا
- مشروع «اللاجئون = شركاء»
- مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط
- مغتربين مجتمعين
- منظمة إعلام للسلام
- منظمة «أكاونتبلتي ناو»
- منظمة التضامن لحقوق الإنسان – جنيف
- منظمة العفو الدولية
- منظمة إمبيونتي ووتش
- منظمة ألف – تحرك من أجل حقوق الإنسان
- منظمة باكس (هولندا)
- منظمة بسمة وزيتونة
- منظمة حقوق الإنسان بلا حدود
- مواطَنة لحقوق الإنسان
- مؤسسة العدالة للبنان
- مؤسسة سمير قصير
- مؤسسة هيومن لايف للتنمية والإغاثة (اليمن)
- نواة للمبادرات القانونية
- هيومن رايتس ووتش
- هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات
- الأفراد:
- رندا سليم – زميلة أولى ومديرة برنامج تسوية النزاعات وحوارات المسار الثاني في «معهد الشرق الأوسط»
- كريستوف أبي ناصيف – مدير برنامج لبنان في «معهد الشرق الأوسط»
- ناصر السعيدي – رئيس شركة «ناصر السعيدي وشركاه»؛ الوزير اللبناني السابق للاقتصاد والصناعة
- الناجون وعائلات الضحايا:
- ألكسندر إبراهيم شاه، فقد والدته ماريون هوشر إبراهيم شاه
- أنطوان كساب، فقد والده
- أنطوني وشاديا وأفا وأمّة نعوم
- أولغا كافران
- آية أرزة سلوم
- باتريس كنعان، فقد شقيقه
- باتريسيا حداد، فقدت والدتها
- بول وترايسي نجار، فقدا ابنتهما ألكسندرا نجار
- تانيا ضو علام، فقدت زوجها
- جان مارك متى
- جهاد نعمة
- جوانا داغر حايك، أُصيبت
- جورج زعرور، فقد شقيقه
- روني مكتف
- ريم أبو عبد الله
- ريما مالك
- رينا صفير، تحطّم منزلها
- رينيه جريصاتي
- زينا صفير
- سارة كوبلند، فقدت ابنها إسحق أوليرز
- ساره جعفر، فقدت منزلها
- سيبيل أسمر، فقدت خالتها ديان ديب
- سيدريك العضم، فقد شقيقته
- سيسيليا وبيار أسود
- شارل نعمه، فقد والده
- شربل معربس
- طوني نجم، فقد والدته
- فارتان بابازيان، فقد كنّته
- فؤاد رحمه، فقد والده
- فيكي زوين
- كارول عقيقي
- كارين زعتر
- كارين طعمة
- كارين فرّان صاصي
- كارين مخلوف، فقدت والدتها
- كارين مطر
- لورا خوري
- لينا قماطي
- ميراي الخوري، فقدت ابنها
- ميرنا مزهر حلو، فقدت والدتها
- نادين خازن، فقدت والدتها
- نيكولا دهان
- نيكولا وفيرا فياض
- عائلات عناصر الإطفاء:
- إيلي خزامي
- جو أندون
- جو بو صعب
- جو عقيقي
- جو نون
- جوزيف روكز
- جوزيف مرعي
- رالف ملاحي
- رامي الكعكي
- سحر فارس
- شربل حتي
- شربل كرم
- مثال حوا
- نجيب حتى
Share this Post