كشفت المفوضية الأوروبية اليوم، 11 مارس 2025، عما أسمته «النهج الأوروبي الجديد المشترك بشأن إعادة اللاجئين وطالبي اللجوء»، والذي يهدف إلى تسريع عمليات إعادة الأشخاص إلى بلدانهم الأصلية أو دول العبور. وفي هذا السياق، تعرب منظمات المجتمع المدني الموقعة أدناه عن قلقها العميق إزاء التداعيات الخطيرة لهذا النهج الجديد وما سينتج عنه من إجراءات ذات أثر خطير على قضايا حقوق الإنسان.
إشكاليات حول مفهوم «البلد الثالث الآمن»
من المحتمل أن يطرح النهج الجديد توجهًا جديدًا بشأن الإعادة، أو لائحة جديدة تحل محل اقتراح 2018 الخاص بمراجعة النهج الساري الخاص بالإعادة وفق التوجيه رقم 2008/115/EC، فضلاً عن احتمالية طرح أحكام جديدة تتعلق بـ «مراكز الإعادة» ومراجعة لمفهوم «البلد الثالث الآمن».
لطالما عارضت بشدة الأورومتوسطية للحقوق وغيرها من المنظمات الحقوقية، مفهوم «البلد الثالث الآمن» و مفهوم «بلد المنشأ الآمن»، لتعارضهما مع اتفاقية اللاجئين لعام 1951، والتي تنص على ضرورة فحص كل طلب لجوء بشكل فردي. فكل حالة إنسانية فريدة من نوعها، ولا يمكن اعتبار أي بلد خاليًا تمامًا من انتهاكات حقوق الإنسان أو معفيًا من مسئولية حماية الأفراد. ورغم ذلك، تستند الدول الأوروبية بشكل متزايد وغير متناسب لهذه المفاهيم، بهدف تسريع عمليات إعادة طالبي اللجوء. فعلى سبيل المثال، حدثت إيطاليا عام 2024 قائمتها لـ«بلدان المنشأ الآمنة» وضمت إليها مصر وتونس، رغم الانتهاكات الحقوقية الموثقة على نطاق واسع في كلا البلدين. ويُذكر أن مصر ليست طرفًا في اتفاقية الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، مما يثير تساؤلات خطيرة حول تصنيفها كبلد آمن.
وفي هذا الإطار، تعرب المنظمات الموقعة عن قلقها إزاء اتجاه الاتحاد الأوروبي لخفض معايير الحماية المطلوبة في تصنيف «البلد الثالث الآمن»، وإزالة معايير الربط بينه وبين اللاجئ، في لائحة إجراءات اللجوء الجديدة.
خفض معايير الحماية
بموجب الميثاق الأوروبي للهجرة واللجوء المعتمد في 2024، تم بالفعل خفض الحد الأدنى لمعايير الحماية التي يجب أن يوفرها البلد الثالث، وذلك عبر إدخال مفهوم «الحماية الفعالة». وهو مستوى أدنى من الحماية التي تكفلها اتفاقية اللاجئين لعام 1951. الأمر الذي سيسمح فعليًا للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي باعتبار بعض البلدان «آمنة» حتى لو لم تكن طرفًا في اتفاقية اللاجئين. على سبيل المثال، يمكن أن ينطبق هذا التصنيف على لبنان، الذي لا يعد من الدول الموقعة على الاتفاقية، لكنه يعتبر «بلدًا آمنًا» من قبل قبرص، التي سبق أن تورطت في عمليات إعادة قسرية عنيفة وغير قانونية لطالبي اللجوء السوريين. وقد أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قبرص في أكتوبر 2024 في القضية M.A. and Z.R. v. Cyprus (Appl. No 39090/20) بسبب هذه الممارسات.
غياب معايير الربط
رغم أن المفوضية السامية لشئون اللاجئين (UNHCR)) قد أكدت في توصياتها القانونية أهمية وجود صلة بين طالب اللجوء والبلد الثالث – مثل الإقامة السابقة أو وجود أفراد من العائلة – فمن المرجح أن تقرر دول الاتحاد الأوروبي إلغاء هذه المعايير في مراجعة مفهوم «البلد الثالث الآمن». مما سيؤدي لمنح دول الاتحاد الأوروبي سلطة تقديرية واسعة تمكنها من إعادة طالبي اللجوء إلى دول لا تربطهم بها أي علاقة، قد يتعرضوا فيها لخطر جسيم.
انتهاكات حقوق الإنسان
في العديد من البلدان التي تعتبرها أوروبا «آمنة»، والتي أبرمت معها مؤخرًا اتفاقيات مثيرة للجدل للحد من الهجرة، مثل تونس، لبنان، ومصر، تتدهور بشكل سريع ومقلق حالة حقوق الإنسان ومستوى سيادة القانون.
- ففي تونس، عززت الانتخابات الأخيرة القبضة السلطوية للرئيس، في حين أن وضع المهاجرين واللاجئين بات مقلقًا للغاية، مع تصاعد عمليات الطرد الجماعي وخطاب الكراهية والاعتداءات الجسدية.
- في مصر، لا تزال حملات القمع بحق المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان وقمع المعارضة السلمية مصدر قلق كبير. كما لا تزال الاعتقالات التعسفية والاحتجاز الجماعي وعمليات القتل خارج نطاق القانون مستمرة. هذا بالإضافة إلى قانون اللجوء الجديد الذي سيتسبب في تدهور الوضع المتردي أصلًا للاجئين وطالبي اللجوء، لا سيما مع التوثيق المتزايد لحالات الاعتقال الجماعي والترحيل القسري للاجئين سودانيين. وفي بيان مشترك، أعرب خبراء أممين عن قلقها البالغ إزاء تأثير قانون اللجوء المصري الجديد، وأنه «إذا تم إقراره، سيكون متعارضًا بشكل كبير مع معايير حقوق الإنسان الدولية وقوانين حماية اللاجئين».
الخلاصة
ما يقترحه الاتحاد الأوروبي هو محاولة أخرى للابتعاد أكثر عن سياسات الهجرة واللجوء القائمة على الحقوق، والاستمرار في نهج الترحيل القسري لخارج حدوده والذي أثبت فشله التام، كما هو الحال في الاتفاق الإيطالي–الألباني الأخير، والذي أدى إلى معاناة لا نهاية لها، وانتهاكات جسيمة، وتسبب في وفاة العديد من الأشخاص.
الموقعون:
- Tamkeen for legal aid and human rights (Jordan)
- ARCI
- İHD – Human Rights Association (Turkey)
- Irídia (Spain)
- Novact (Spain)
- Greek Council for Refugees (GCR)
- CEAR
- CNCD- 11.11.11
- Human Rights League (LDH)
- CS-LADDH
- Fondation pour la promotion des droits
- Association tunisienne des Femmes Démocrates (ATFD)
- Centre for Peace Studies Croatia
- Cairo Institute for Human Rights Studies (CIHRS)
- Safe Passage International
- KISA
- La Fondation pour la promotion des droits
- EuroMed Rights
Share this Post