خطاب المجموعات الحقوقية إلى الرئيس التنفيذي لـ (الفورمولا 1) قبل سباق جائزة البحرين الكبرى
السيد ستيفانو دومينيكالي
نحن، المنظمات الموقعة أدناه، نكتب إليكم لنجدد مخاوفنا بشأن توظيف البحرين لسباق الجائزة الكبرى الفورمولا 1 «لتبيض» سجل البلاد المخزي في مجال حقوق الإنسان. فبينما تحتفلون بعقدين من السباقات الرياضية في البحرين، وسط ادعاءات بأن جائزة الفورمولا 1 كانت «قوة للخير» للبلاد؛ نحث إدارتكم على بحث وتقييم تأثيرها على وضع حقوق الإنسان في البحرين.
احتفت وسائل الإعلام الحكومية هذا العام بالذكرى السنوية الـ 20 لسباق جائزة البحرين الكبرى، والتي بدأت عام 2004، باعتبارها مسيرة 20 عامًا من المجد. إلا أن هذا المجد لا وجود له على أرض الواقع، حيث تواصل السلطات البحرينية تضييق الخناق بشدة على حريات المواطنين في التعبير وفي التجمع، بما في ذلك في سياق السباق نفسه.
فرغم تأكيدات القائمين على السباق، أنهم «أوضحوا لجميع الحكومات ورعاة السباق في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك البحرين، جدية تعاملهم مع سجلات العنف وانتهاك حقوق الإنسان والقمع»، تواصل البحرين انتهاك حقوق المواطنين بشكل منهجي، وقمع المعارضة، وإسكات الصحفيين، والعنف المنهج، بما في ذلك التعذيب وممارسات الشرطة الوحشية.
20 عامًا من توظيف الرياضة لصرف الانتباه عن التدهور المفزع في سجل الحريات الأساسية
على مدى السنوات العشرين الماضية، تراجع بشكل سيئ سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان حتى أضحت واحدة من أكثر الدول قمعًا في الشرق الأوسط. إذ تشهد أحد أعنف حالات التدهور في مجال الحريات الإنسانية على مستوى العالم بين عامي 2007 و2021، وفقًا لمؤشر الحرية الإنسانية 2023. كما صُنفت البحرين من بين أسوأ 10 دول عالميًا في مجال حرية الصحافة حسب مؤشر منظمة مراسلون بلا حدود العالمي عام 2023، ولا يزال 10 صحفيين على الأقل محتجزين في البلاد بسبب نشاطهم الصحفي، وفقًا لمراسلون بلا حدود.
منذ السحق العنيف لحركة الاحتجاج الشعبية المؤيدة للديمقراطية عام2011، صادرت السلطات بشكل منهجي مجموعة واسعة من الحقوق السياسية والحريات المدنية، وفككت المعارضة السياسية، وقمعت حرية التعبير، لا سيما بين المواطنين الشيعة. هذه الانتفاضة التي تسببت في إلغاء سباق الفورمولا 1 عام 2011، شهدت توسع مطلق في سلطات الأجهزة الأمنية لقمع المتظاهرين، مما أسفر عن سقوط قتلى في الشوارع وفي أماكن الاحتجاز. وكان من بين الضحايا كريم فخراوي، المؤسس المشارك لصحيفة الوسط، وهي الصحيفة المستقلة الوحيدة في البحرين، والتي أغلقتها الحكومة لاحقًا عام 2017، كجزء مما اعتبرته منظمة العفو الدولية «حملة شاملة للقضاء على الصحافة المستقلة».
أهم انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين خلال سباق الجائزة الكبرى
على مدى العقدين الماضيين، شهد سباق الجائزة الكبرى العديد من انتهاكات الحقوق، وقد فشلت إدارة الفورمولا 1 في التعاطي مع هذه الانتهاكات بشكل كاف. ففي عشية سباق جائزة البحرين الكبرى عام 2012، قُتل المتظاهر صلاح عباس حبيب، برصاص بندقية ضابط شرطة، وقد أثارت وفاته احتجاجات واسعة النطاق تطالب بإلغاء السباق، ورغم هذه الضغوط واصلت إدارتكم تنظيم السباق. ولاحقًا برأت محكمة بحرينية في 2013 الشرطي المتهم بالقتل، وفشلت إدارة الفورمولا 1 في إدانة الجريمة بشكل واضح، كما فشلت في التحقيق في مدى ارتباط الوفاة بظروف انعقاد السباق.
وفي عام 2017، تعرضت الناشطة البحرينية نجاح يوسف للتعذيب والاعتداء الجنسي وحكم عليها بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعد نشرها انتقادات لسباق الجائزة الكبرى على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد ظلت رهن الاحتجاز حتى صدر العفو الملكي عنها في أغسطس 2019 بعد ضغوط دولية مستمرة، و تم طردها لاحقًا من وظيفتها في القطاع العام.
يوفر وجود الفورمولا 1 في البحرين خلال سباق الجائزة الكبرى غطاءً وإلهاءً عما ترتكبه المملكة من انتهاكات وحشية لحقوق الإنسان، وحتى عندما أثار الفورمولا هذه الوقائع والانتهاكات، فشلت إدارة السباق في التعامل معها بجدية وحماية حقوق الإنسان خلال السباقات في البحرين.
تأكيدات زائفة من الفورمولا 1 خلال العام الماضي
في العام الماضي، صرح الرئيس التنفيذي للفورمولا 1 ستيفانو دومينيكالي بأنه «يجب السماح للأفراد بانتقاد الأحداث التي ننظمها والاحتجاج عليها دون ترهيب أو انتقام». وفي هذا الإطار نظم أربعة أفراد في 5 مارس الماضي احتجاجًا بالقرب من حلبة البحرين الدولية حيث السباق. وفي غضون دقائق، تم اعتقال المحتجين وتهديدهم وإهانتهم، ولاحقًا تم إجبارهم على توقيع التماس يقيد بشدة حقهم في الاحتجاج في المستقبل. وبسؤالكم عن هذه الواقعة، كررت الفورمولا 1 ما ورد في بيان الحكومة البحرينية الذي ينفي واقعة الاعتقال، بينما اعترف موظف في وزارة الداخلية (أمين مظالم) لاحقًا بالاعتقالات في رسالة بريد إلكتروني أرسله لمركز البحرين للحقوق والديمقراطية في مايو2023، وللأسف فشلت الفورمولا 1 في تصحيح السجل العام، مما أدى إلى صرف الانتباه عن تجاوزات الشرطة البحرينية.
وفي مقابلة مع صحيفة الغارديان، قال ستيفانو دومينيكالي: «موقف الفورمولا 1 هو أن الرياضة أكثر قدرة على إحداث التغيير من خلال زيارة هذه البلدان وإلزامها بالالتزامات القانونية التي قطعتها على نفسها». وبناء عليه نطالبكم بترجمة هذه الكلمات إلى أفعال تمتثل لهذا الالتزام، والتوقف عن المساهمة في تبيض سجل انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين، على نحو يضمن احترام البحرين لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي، وبشكل خاص نطالب بـ:
- إجراء تحقيق مستقل لتقييم استجابة الفورمولا 1 للاعتقالات غير القانونية والقتل خارج نطاق القانون للمتظاهرين، وقمع حرية التعبير والتجمع خلال سباق جائزة الكبرى بالبحرين. وذلك لتقييم ما إذا كانت البحرين قد أوفت بالتزاماتها في هذا الصدد، وتقييم ما إذا كانت الفورمولا 1 قد اتخذت التدابير المناسبة لردع الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان في سياق الحدث.
- تأمين الإنصاف لضحايا الانتهاكات المرتبطة بأنشطتكم في البحرين، وضمان التعامل مع المخاوف العاجلة، والإدلاء ببيان عام حول هذا الموضوع.
- السعي للحصول على ضمانات مكتوبة من الحكومة البحرينية بأن الأفراد لن يواجهوا أعمالًا انتقامية بسبب الاحتجاجات السلمية المرتبطة بالسباق.
- دعوة الحكومة البحرينية إلى إطلاق سراح جميع الصحفيين المحتجزين في البحرين وإزالة أي عقبات تهدد حق الجمهور في الوصول لمعلومات حرة ومستقلة ومتنوعة.
لكم فائق الاحترام والتقدير،
(تم إرسال نسخة من الخطاب للاتحاد الدولي للسيارات وكل الفرق والمتسابقين والرعاة)
الموقعون:
- ALQST for Human Rights
- ARTICLE 19
- Bahrain Center for Human Rights (BCHR)
- Bahrain Institute for Rights and Democracy (BIRD)
- Cairo Institute for Human Rights Studies (CIHRS)
- CIVICUS
- Committee to Protect Journalists (CPJ)
- Democracy for Arab World Now (DAWN)
- Fair Square
- #FreeAlKhawaja Campaign
- Football Supporters Europe
- Freedom House
- Global Legal Action Network (GLAN)
- Gulf Centre for Human Rights (GCHR)
- IFEX
- ILGA World – The International Lesbian, Gay, Bisexual, Trans and Intersex Association
- International Federation for Human Rights (FIDH)
- International Trade Union Confederation (ITUC)
- International Service for Human Rights (ISHR)
- MENA Rights Group
- Middle East Democracy Center (MEDC)
- Rafto Foundation for Human Rights
- Reporters Without Borders (RSF)
- Reprieve
- Sport & Rights Alliance
- The Army of Survivors
- World Organisation Against Torture (OMCT)
- World Players Association
معلومات أساسية: القمع وانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين
السجناء السياسيون
البحرين لديها أعلى معدل لنزلاء السجون السياسيين في الشرق الأوسط، والذي يقدر بنحو 1,300 سجين سياسي في سجن جو، معظمهم محتجزين منذ 2011. تحرم السلطات السجناء السياسيين بشكل منهجي من الحصول على الرعاية الطبية الكافية، ما يضاعف معاناتهم ويعرض صحة السجناء الذين يعانون من حالات طبية مزمنة للخطر.
في 7 أغسطس 2023، بدأ مئات السجناء إضرابًا عن الطعام في سجن جو البحريني احتجاجًا على ظروف السجن القاسية وسوء المعاملة، وكان أكبر إضراب عن الطعام، إذ انضم إليه أكثر من 800 سجين على مدار 36 يومًا. وقد خلص تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب عام 2017 إلى أن ثمة تعذيب واسع النطاق في نظام العقوبات البحريني ومناخ من الإفلات من العقاب للجناة. وفي سبتمبر 2023 حكمت محكمة بحرينية على 13 شخصًا بالسجن بعد محاكمة جماعية غير عادلة، شابتها انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية الواجبة وادعاءات بالتعذيب. وقد تضمنت الاتهامات استخدام القوة ضد حراس السجن وتخريب ممتلكات السجن، وذلك في أعقاب مظاهرة سلمية نظمها السجناء في سجن جو في أبريل 2021.
المدافعون عن حقوق الإنسان وقادة المعارضة
منذ عام2011، لا تزال شخصيات معارضة معروفة ومدافعون عن حقوق الإنسان رهن الاحتجاز لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي، ويتعرض هؤلاء باستمرار لانتهاكات جسيمة.
الدكتور عبد الجليل السنكيس، 62 عامًا، أكاديمي ومدون ومدافع عن حقوق الإنسان، حائز على جوائز عدة، يقضي حاليًا عقوبة السجن مدى الحياة في البحرين. وقد أعلنه فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي (محتجزا تعسفيًا) عام 2023. يصادف 3 أبريل 2024 مرور 1000 يوم على بدء الدكتور السنكيس إضرابه عن الطعام الصلب احتجاجًا على مصادرة مخطوطاته البحثية.
حسن مشيمع، 76 عامًا، أقدم سجين سياسي في البحرين، يقضي عقوبة السجن مدى الحياة لمجرد ممارسة حقه في حرية التعبير وتكوين الجمعيات. أخضعت السلطات البحرينية مشيمع والسنكيس للتعذيب الجسدي والنفسي، رغم احتجازهما في منشأة طبية منذ يوليو 2021، كما عانا من الإهمال الطبي، وتم احتجازهما رهن الحبس الانفرادي لفترات طويلة، وحُرما من رؤية الشمس.
عبد الهادي الخواجة، 62 عامًا، مدافع بحريني دنماركي عن حقوق الإنسان حائز على جوائز عدة. تم سجنه تعسفيًا منذ عام 2011 لدوره في المظاهرات الاحتجاجية السلمية. يقضي حاليًا عقوبة السجن مدى الحياة في سجن جو، حيث تعرض الخواجة لتعذيب جسدي وجنسي ونفسي شديد، وتدهورت حالته الصحية بشكل كبير خلال فترة سجنه، وقد أعلن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي (احتجازه تعسفيًا) في عام 2012.
في سبتمبر 2023، صدر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول الأعمال الانتقامية بحق أولئك المتعاونون مع آليات الأمم المتحدة، وخص البحرين بالذكر للسنة الخامسة على التوالي، مشيرًا إلى حبس أقارب المدافع عن حقوق الإنسان سيد أحمد الوداعي، بمن فيهم سيد نزار الوداعي ، والذي أعلن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي (احتجازه تعسفيًا).
عقوبة الإعدام
تواصل البحرين استخدام عقوبة الإعدام، إذ كشف تقرير صادر عن هيومن رايتس ووتش ومركز البحرين للحقوق والديمقراطية في أكتوبر 2022، أن المحاكم البحرينية أدانت وحكمت على المتهمين بالإعدام في أعقاب محاكمات جائرة استندت فقط أو بشكل أساسي إلى اعترافات يُزعم أنها انتزعت بالإكراه تحت التعذيب وسوء المعاملة. وحاليًا ينتظر 26 شخصًا على الأقل تنفيذ حكم الإعدام، جميعهم معرضون لخطر الإعدام الوشيك.
يصادف شهر فبراير من هذا العام مرور عقد كامل على الاحتجاز غير القانوني للسجناء المحكوم عليهم بالإعدام؛ محمد رمضان وحسين موسى، الذين حُكم عليهما بالإعدام في محاكمة غير عادلة شابتها مزاعم التعذيب، واستنفذا جميع مراحل التقاضي في استئناف الحكم الصادر بحقهما. واعتبر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي احتجازهم تعسفيًا، ودعا إلى إطلاق سراحهم فورًا، كما أدانت جماعات حقوق الإنسان احتجازهم، بما في ذلك منظمة العفو الدولية.
Share this Post