مصادرة حقوق الإنسان في أي مكان هو تهديد لحقوق الإنسان في كل مكان
يدين مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا والذي ينتهك القانون الدولي. ويعرب المركز عن تضامنه الكامل مع شعب أوكرانيا في كفاحه لحماية حقه في تقرير المصير وفي الحريات الديمقراطية، في مواجهة العدوان العسكري من دولة مجاورة. كما يتأسف المركز للمعاناة الإنسانية التي يتعرض لها الشعب الأوكراني نتيجة هذا الهجوم الروسي غير المبرر
كمنظمة معنية بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والديمقراطية في المنطقة العربية، يعتبر مركز القاهرة هذا الهجوم على حكومة ديمقراطية ذات سيادة هو نتيجة منطقية لاستمرار الغرب في القبول بتقويض النظام الدولي لحقوق الإنسان، بل وتواطئه في ذلك، لا سيما من خلال دعمه للثورة المضادة الرجعية والسلطوية على انتفاضات الربيع العربي، بما في ذلك دور روسيا المباشر في تمكين دكتاتورية الأسد في سوريا واستخدامه القوة العسكرية الوحشية بحق سكانها المدنيين. فبعد 11 عامًا من انتفاضات 2011، تتعرض المنطقة العربية لقمع واسع النطاق على أيدي حكام مستبدين تم تمكينهم بتواطؤ مباشر من الحكومات الديمقراطية في الغرب، وفي بعض الحالات، من خلال التدخلات المباشرة من قبل روسيا وإيران.
ومثلما يشعر الرئيس بوتين بالتهديد من الديمقراطية في أوكرانيا، والحركة الديمقراطية في بيلاروسيا، تعتبر القوى الاستبدادية في الشرق الأوسط، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل وإيران وتركيا، المساعي نحو الديمقراطية تهديدًا لا تسامح معه، وتبذل جهودا مضنية من أجل إعادة المنطقة إلى الاستبداد أو الصراع الداخلي. وللأسف نجحت هذه الحكومات السلطوية في ذلك إلى حد كبير، الأمر الذي تكبدت بسببه الشعوب العربية الكثير.
لطالما حاول مركز القاهرة ومنظمات حقوق الإنسان الأخرى في المنطقة التحذير من أن التخلي عن تطلعات الشعوب المشروعة للعدالة والكرامة من شأنه أن يعزز الاستبداد العالمي، وسينتهي إلى تعريض حتى الديمقراطيات الراسخة في أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية للخطر. هذه التطورات السلبية واضحة للجميع اليوم. والطريقة الوحيدة للرد على الاستبداد سواء في أوروبا أو في المنطقة العربية أو في أي مكان آخر هي أن تدعم الدول الديمقراطية الحكومات الديمقراطية الضعيفة والحركات الديمقراطية الناشئة، بما في ذلك منظمات حقوق الإنسان المستقلة الواقفة على خط المواجهة في النضالات العالمية ضد الاستبداد. ولكي يحظى هذا الدعم بالمصداقية، يجب أن يكون متجذراً باستمرار في التقيد بالقانون الدولي، ويبدأ من السياسات الداخلية والخارجية للدول الديمقراطية.
أن المستبدين العالميين يواصلون بسط سطوتهم ويدعمون بعضهم البعض، ويتعاونون بشكل جماعي لتقويض معايير حقوق الإنسان والقانون الدولي، ويساعدهم الفشل المتكرر في احترام القانون الدولي في مواجهة انتهاكاتهم، مثل غزو الولايات المتحدة للعراق، أو ضم إسرائيل لمرتفعات الجولان والقدس الشرقية، فضلا عن الضم التدريجي للضفة الغربية، والدعم الغربي المتواطئ للانتهاكات المستمرة في اليمن ومصر وفلسطين، والسلبية في مواجهة الانتهاكات الجسيمة في سوريا، والتي تتحمل روسيا مسئولية كبيرة عنها.
في هذه اللحظة المظلمة للنظام الدولي وحقوق الإنسان والديمقراطية في منطقتنا وفي أوكرانيا وأوروبا، ندعو الحكومات الديمقراطية إلى اتخاذ موقف متضافر ضد القوى الاستبدادية التوسعية الجائرة، التي تسببت بالفعل في الكثير من الضرر. إن مصادرة حقوق الإنسان في أي مكان هو تهديد لحقوق الإنسان في كل مكان.
Share this Post