صالون بن رشد: مستقبل لبنان وفلسطين بعد عام من عملية 7 أكتوبر

In برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان, صالون بن رشد by CIHRS

بالتزامن مع مرور عام على عملية طوفان الأقصى وحرب الإبادة على غزة، وفي ظل توسع دائرة الهجمات الإسرائيلية إلى لبنان وسوريا، خصص مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان لقاءه الشهري في إطار صالون بن رشد، أمس 8 أكتوبر، لمناقشة مستقل فلسطين ولبنان ما بعد 7 أكتوبر. مستضيفًا الدكتور حسن نافعة الأكاديمي المصري وأستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، والدكتور حازم نهار المفكر والباحث السوري ورئيس تحرير مجلة (رواق ميسلون) للدراسات الثقافية. وأدار النقاش الحقوقي التونسي مسعود رمضاني.

في البداية سلط الدكتور حسن نافعة الضوء على جذور هذه الحرب، مشيرًا إلى أنه لا يمكن تصور أن جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين بدأت بعد 7 أكتوبر، وإنما هو صراع ممتد لقرابة قرن من الزمان، ارتكبت خلاله إسرائيل أفظع الجرائم والانتهاكات للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية. وأخيرًا جاءت الحكومة الإسرائيلية الحالية الأكثر تطرفًا والمدعومة من تيار اليمن المتطرف لتمارس اشد أنواع الاستفزازات بحق الفلسطينيين، شددت الحصار وتوسعت في بناء المستوطنات وحنثت بكل التعهدات، فأشعلت المقاومة التي هي حق يكفله القانون لأي شعب محتل. والآن تباشر عملية إبادة جماعية، لا قتال ولا حرب ولا دفاع عن النفس، إنما قتل متعمد بهدف إزاحة شعب كامل عن أرضه.

وفيما أقر الدكتور حازم نهار، بمشروعية المقاومة كحق في مواجهة الاحتلال، ركز في مداخلته على 3 عناصر أساسية هي؛ أشكال المقاومة، وشروط المقاومة والسياق المحيط بها. فبحسب نهار: “المقاومة ليست شكلاً واحد، لكن إحدى النقاط المهمة في حركات المقاومة هي قدرتها على المرونة وتعدد أشكال النضال؛ فالنشاط السياسي والنشاط المدني والنشاط الإعلامي والتأثير على الرأي العام الدولي كلها أشكال للمقاومة، وربما أحيانا وفي بعض السياقات تكون ذات جدوى أكبر من السلاح.” أما عن شروط المقاومة فجاء على رأسها حسب نهار “الاستقلالية”، بمعنى أن المقاومة تخدم التوافق الوطني، لا مصالح دول أخرى. فاستقلال قرار المقاومة هو ضمانة أن تكون لصالح الشعب، ومصالح الدولة الوطنية. ضاربًا المثل بأن خيارات حماس ليست بالضرورة تعبيرًا في كل الأوقات عن خيارات الدولة الوطنية الفلسطينية، وبالمثل مثلاً خيارات حزب الله، فهل كان دخول حزب الله إلى سوريا خيار مقاومة؟ هل كان انعكاس لتوافق وطني لبناني؟ أم كان خيار إيراني تنفذه أذرع المقاومة؟

وتابع نهار، أنه على مستوى القضية الفلسطينية لا يمكن أحراز أي تقدم إلا في سياق عربي وسياق عالمي يدفع به. سياق عربي ناهض، يعزز إعادة بناء الدول العربية، على الأقل التي في مواجهة مع إسرائيل، لتكون دول وطنية ديموقراطية ذات ثقل. وبالمثل سياق عالمي فيه موازين مختلفة للقوى، لا تنفرد فيه الولايات المتحدة بصناعة القرار، وتمثل فيه الدول العربية مركز ثقل أو أدوات للضغط في مواجهة إسرائيل.

وهو ما علق عليه نافعة بأن إسرائيل لا تعتد ولا تحترم أي اتفاقات أو تعهدات، فلو كانت تريد تسوية سليمة للصراع كانت نفذت على أقل تقدير اتفاقية أوسلوا رغم عيوبها وتحفظاتنا الكثيرة عليها. لكن المؤشرات الفعلية على الأرض أكدت أن لإسرائيل أهداف أوسع من كل الاتفاقيات، تريد الاحتفاظ بكل مستوطناتها، وضم أراضي جديدة، ولا تخفي تطلعاتها في إقامة دولة كبرى ربما حتى تتخطى الحدود الجغرافية التي نعرفها. وفي المقابل؛ “القانون الدولي لا يُمكن أن يُحترم إلا لو كانت هناك سلطة دولية قادرة على فرض احترام هذا القانون، وللأسف أعلى سلطة دولية قادرة على حماية هذا القانون (مجلس الأمن)، مقيد تمامًا نتيجة الإفراط الأمريكي في استخدام حق الفيتو لحماية إجرامية إسرائيل.” وتابع؛ للأسف بمنطق موازين القوى، المقاومة دائما ستكون الطرف الأضعف، وكل تجارب التاريخ تقول أن الاستعمار لا يمكن أن يرحل إلا إذا اقتنع أن ثمن استمرار الاحتلال أكبر من مكاسبه.

وفي السياق نفسه، شرح نهار أن ميزان القوى هنا لا يعني فقط ميزان القوى العسكرية، وإنما ثمة موازين قوى أخرى سياسية، على مستوى العلاقات الدولية، وعلى مستوى العلاقات الإقليمية ومن قبلهم على مستوى التوافق الفلسطيني (تمثيل وطني سياسي). مشيرًا إلى أن وجود مشروع وطني ديموقراطي فلسطيني هو خطوة باتجاه بناء دولة فلسطينية ذات إرادة وطنية وثقل إقليمي ودولي. وبالمثل مشروع عربي قابل للتطبيق، خارج “ثلاثية الاستبداد والاحتلال والتطرف” في الدول العربية، ربما يصنع دولاً ذات ثقل سياسي يعتد به. هذه الثلاثية التي تحكم المنطقة العربية منذ نصف قرن وحتى اليوم قد أنهكت المنطقة، وقضت على إرادة شعوبها، فلا ينبغي أن نفاضل بين الاحتلال والاستبداد، أو احتلال واحتلال، ينبغي أن نحارب التطرف بكل أشكاله وصوره، وننتج مشروع وطني في كل دولة يحررها من الاستبداد أو التبعية سواء لدولة محتلة أو دولة مستبدة لا تخدم إلا مصالحها. وأختتم كلمته؛ “الحقيقة أن المشرق العربي الآن هو بين وحشين، وحش إسرائيل من جهة ووحش إيران من جهة أخرى..  والواقع كما يبرهن كل يوم على وحشية إسرائيل، يبرهن أيضًا أن كل مكان تدخله إيران تتبخر فيه الدولة الوطنية وتعم الفوضى وتنتشر الميلشيات، ومن ثم تتحول المنطقة كلها تدريجيًا لساحة للصراع ويختفي كل حلم ببناء دول عربية وطنية مستقلة الإرادة.

شاهدوا التسجيل الكامل للندوة هنا:

Share this Post