قبل عام واحد، قرر المجلس حل بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن ليبيا، وتقليص دورها لمجرد آلية محدودة «لبناء القدرات التقنية». هذا النهج تجاهل التوصية الأساسية التي قدمتها البعثة للمجلس بفتح تحقيق دولي لمكافحة الإفلات من العقاب على الجرائم الخطيرة التي تصل حد جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في البلاد.
وفيما يُنتظر أن تشهد الجلسة الجارية الـ 56 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة مناقشة قرار جديد بشأن ليبيا، تقول ميساء العاشق، مسئولة المناصرة الدولية بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: «الوقت ينفد لضمان عدم تحول ليبيا إلى دولة فاشلة تمامًا، يحكمها أمراء الحرب والجماعات المسلحة والمتطرفون. إن المساءلة ضرورية للغاية. وتعليق التحقيق الوحيد للأمم المتحدة بشأن الجرائم الدولية في ليبيا لن يؤد سوى لتأجيج دورة العنف؛ ويجعل المضي نحو الاستقرار وسيادة القانون والحكم الديمقراطي في ليبيا شبه مستحيل.»
في 3 يونيو الجاري، سلط تقرير بشأن أنشطة «بناء القدرات» قدمه مكتب المفوض السامي للمجلس الضوء على التدهور المستمر لوضع حقوق الإنسان في ليبيا، مرجعًا ذلك إلى الإفلات من العقاب المستشري في البلاد. كما أشار التقرير لعجز الأمم المتحدة عن تنفيذ نسبة كبيرة من أنشطتها في بناء القدرات، بسبب التهديدات بالعنف أو القيود المفروضة على أنشطة الأمم المتحدة من جانب السلطات المحلية.
يأتي ذلك بعد شهرين من استقالة رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بسبب «الافتقار إلى الإرادة السياسية وحسن النية» الذي أدى إلى «عدم وجود مجال لحل طويل الآمد» كما يأتي في أعقاب إعلان المحكمة الجنائية الدولية، في 14 مايو، أنها ستنهي تحقيقاتها في الجرائم المرتكبة في ليبيا عام 2025.
في 20 يونيو، انضم مركز القاهرة إلى منظمات مجتمع مدني ليبية ودولية، في رسالة للدول الأعضاء بالأمم المتحدة، يحثونهم فيها على المطالبة بمواصلة المجلس تحقيقاته بشأن ليبيا. وشددت الرسالة على خطورة غياب المحاسبة، لأي قائد أو رئيس جماعة مسلحة حتى الآن؛ رغم وجود كم هائل من الأدلة على أن انتهاكات جسيمة وواسعة النطاق لحقوق الإنسان قد ارتكبت ولا تزال ترتكب في جميع أنحاء ليبيا. ومن المتوقع أن تتقدم ليبيا ومجموعة الدول الأفريقية إلى المجلس خلال الأيام المقبلة بمشروع قرار في هذا الصدد.
وفي ندوة عامة نظمها مركز القاهرة اليوم، 24 يونيو، على هامش فعاليات الجلسة، أكدت منظمات ليبية ودولية على الحاجة الملحة لإحياء الجهود الرامية لضمان المساءلة عن الجرائم المرتكبة في ليبيا. وخلال الندوة، دعا ممثلو المجتمع المدني الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى الإصرار على أن يتضمن أي قرار بشأن ليبيا النص صراحة على مباشرة تحقيق قوي ومستقل في الجرائم المتواصلة في البلاد. حضر ندوة «ليبيا: إحياء الأمل» ممثلون من وفود الدول لدى الأمم المتحدة وخبراء أممين.
تقول ميساء العاشق، «إن فشل مجلس حقوق الإنسان في إجراء تحقيق قوي وجمع الأدلة، يترك القضاة والمدعين العموم والمحامين والمدافعين عن حقوق الإنسان وجماعات حقوق الإنسان عرضة للعنف وهجمات الجماعات المسلحة والمتطرفين الدينيين. فمن أجل عزل وترهيب هؤلاء الساعون للمساءلة، تواصل هذه الفصائل وصم العديد من جهات المجتمع المدني الليبي كذبًا بأنهم جواسيس أو يشوهون القيم الدينية. إن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ملتزمة بحماية هؤلاء الضحايا وغيرهم، والسعي لمساءلة مرتكبي الجرائم؛ إذ أن تجاهل الأزمة لن يؤدي سوى لتفاقمها».
Share this Post