نحن المنظمات الموقعة أدناه، نشعر بقلق بالغ إزاء التنفيذ الوشيك لعقوبة الإعدام بحق عدد من السجناء في المملكة العربية السعودية بتهم متعلقة بالمخدرات غير القاتلة، بينهم العديد من المواطنين المصريين المحتجزين في سجن تبوك. يواجه هؤلاء الأفراد عقوبة الإعدام بعد محاكمات معيبة تنتهك حقوق الإنسان والقوانين الدولية، وتخالف التزامات السعودية بموجب الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي يُلزم الدول بتطبيق عقوبة الإعدام على «الجرائم بالغة الخطورة» فقط.
في ديسمبر 2024، وجه مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج نطاق القانون، والمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من المعاملات القاسية واللا إنسانية أو المهينة نداءً عاجلًا للمملكة، من أجل ضمان عدم إعدام المواطنين المصريين وتمكينهم من حقهم في محاكمة عادلة. وأكدا على أن الحق في الحياة هو أحد المبادئ الأساسية للقانون الدولي، التي لا يجوز المساس بها.
تتواصل أزمة تطبيق عقوبة الإعدام في المملكة، ففي عام 2024، تم إعدام 345 شخصًا، وهو ما يقارب ضعف العدد في العام الأسبق. كما تثير العقوبات غير المتناسبة مزيد من القلق على الرعايا الأجانب في المملكة، لا سيما في القضايا المتعلقة بتهم المخدرات؛ إذ أن 75٪ من 122 شخصًا تم إعدامهم على خلفية جرائم المخدرات في عام 2024 من غير السعوديين. هذا بالإضافة إلى مواصلة فرض وتنفيذ أحكام الإعدام بحق الأفراد القصر بتهمة ارتكاب جرائم مزعومة. وفي عام 2025، استمرت هذه الزيادة المقلقة في عقوبة الإعدام؛ إذ تم تنفيذ 65 حكم بالإعدام في أول شهرين، 26 منهم في جرائم متعلقة بالمخدرات.
وفي هذا الصدد أشار المقرران في النداء العاجل الأخير إلى أن عمليات الإعدام الجارية في المملكة تعكس فشلًا منهجيًا في منظومة العدالة، وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. وطالبا بالوقف الفوري للإعدام، والتحقيق المستقل في الانتهاكات المرتبطة بهذه القضايا، وضرورة إجراء إصلاح شامل للنظام القضائي في المملكة بما يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
يعيش السجناء في حالة من الرعب المستمر بسبب التنامي الملحوظ في معدل تنفيذ عقوبات الإعدام في جرائم المخدرات؛ وخاصة أن السلطات السعودية تستند لتهم فضفاضة تتعلق بالمخدرات لتبرير استمرار تطبيق عقوبة الإعدام. فضلاً عن الملابسات الغامضة للقبض على هؤلاء المتهمين والمحكوم عليهم بالإعدام، وحرمانهم من حقهم في الدفاع والتمثيل القانوني، وتعرضهم لمحاكمات تفتقر إلى الشفافية أو الالتزام بالمعايير الدولية. هذا بالإضافة إلى تعرض العديد منهم للتعذيب لانتزاع الاعترافات، وإجبار بعضهم على توقيع وثائق لم يفهموها أو لم يُسمح لهم بالطعن فيها.
على النقيض من هذه الممارسات، تشدد المعايير الدولية على ضرورة قصر عقوبة الإعدام على «الجرائم بالغة الخطورة» فقط، والتي تشمل القتل العمد، وبالتالي فإن الجرائم المتعلقة بالمخدرات غير القاتلة لا تستوجب هذه العقوبة، مما يجعل هذه الإعدامات انتهاكًا واضحًا لمبادئ حقوق الإنسان الدولية.
تعكس الموجة الأخيرة من الإعدامات نمطًا مقلقًا من عدم الاتساق والإفلات من العقاب، وتقوض التأكيدات السابقة للسلطات السعودية بالحد من استخدام عقوبة الإعدام. ففي أبريل 2018، صرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لمجلة “تايم” أن المملكة تهدف إلى الحد من عقوبة الإعدام في الجرائم التي لا تنطوي على «قتل شخص»، واستبدالها بعقوبة السجن مدى الحياة، إلا أن ذلك التصريح يتناقض مع تطبيق عقوبة الإعدام بحق 185 شخصًا في عام 2019.
الأمر نفسه تكرر في مارس 2022، حين كرر محمد بن سلمان في مقابلة مع “ذي أتلانتك عزمه إلغاء عقوبة الإعدام، باستثناء حالات القتل العمد. وفي يوليو 2024 أعيد التأكيد على ذلك، في مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، إذ صرحت السعودية بأن عقوبة الإعدام لن تطبق سوى على الجرائم بالغة الخطورة، وفي أكتوبر 2024 تكرر التصريح نفسه من الوفد الممثل للمملكة في الدورة 89 للجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة. ورغم هذه التأكيدات؛ إلا أن تصرفات المملكة السعودية لا تتوافق مع تصريحاتها العامة، إذ تواصل سلطاتها إعدام الأفراد بسبب مجموعة واسعة من الجرائم.
إن انعدام الشفافية يسمح للسلطات السعودية بالتلاعب بالأحكام القضائية وطمس الطبيعة الحقيقية لهذه القضايا، التي غالبًا ما تستهدف الأفراد الضعفاء، ومن بينهم الأجانب، بأشد العقوبات. كما يعكس الاعتماد على هذه الأساليب تردي منهجي، وازدراءً فاضحًا بالعدالة وحقوق الإنسان. كما أن معاناة أسر المحكوم عليهم تتضاعف بسبب قلة أو انعدام المعلومات حول قضايا ذويهم، وعدم الإعلان عن موعد تنفيذ الإعدام يزيد من معاناتهم، الأمر الذي يكشف عن حجم غياب المساءلة في النظام القضائي السعودي. وكان المقرران الخاصان قد أكدا أن غياب الشفافية في قضايا الإعدام ينتهك ضمانات الأمم المتحدة في هذا الصدد، والملزمة للسعودية بموجب القانون الدولي العرفي الذي ينبغي على جميع الدول التي لا تزال تطبق عقوبة الإعدام الالتزام به.
وبناءً على ذلك، فإن المنظمات الموقعة أدناه، تطالب المملكة العربية السعودية بالتالي:
- تعليق عقوبة الإعدام في الجرائم التي لا تندرج ضمن «الجرائم بالغة الخطورة» بموجب القانون الدولي.
- وقف توظيف التهم الغامضة أو تلك التي تفتقر إلى أدلة لتبرير عقوبة الإعدام.
- مراجعة فورية لقضايا الأفراد المحكوم عليهم بالإعدام لتحديد انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة للمحاكمات العادلة بموجب القانون المحلي أو الدولي، وتخفيف هذه الأحكام.
- الوفاء بالتزاماتها القانونية الدولية، بما في ذلك ضمان حصول الأجانب المحتجزين على الحماية القنصلية.
كما نطالب المجتمع الدولي بشكل عاجل بـ:
- زيادة الضغط الدبلوماسي على المملكة السعودية لإنهاء الإعدامات الجائرة، والمحاكمات غير العادلة، والوفاء بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان.
- الدعوة إلى زيادة الشفافية والمساءلة في النظام القضائي السعودي.
- حث المملكة على ضمان حق الأجانب في الحصول على الحماية القنصلية والدعم.
كما نحث حكومات الدول التي يواجه مواطنوها خطر الإعدام في السعودية على التحرك بسرعة وحسم والضغط الدبلوماسي لحماية حقوق وحياة أولئك الذين يواجهون أحكامًا غير عادلة بالإعدام، والمطالبة بالشفافية والعدالة في جميع الإجراءات القضائية.
الموقعون:
● مجموعة حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
● المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان
● مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
● مركز الديمقراطية في الشرق الأوسط
● مؤسسة دعم القانون والديمقراطية
● فير سكوير
● الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
● منتدى حقوق الإنسان المصري
● المركز الخليجي لحقوق الإنسان
● القسط لحقوق الإنسان
● مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
● إيجيبت وايد لحقوق الإنسان
● هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية
Share this Post