حياة أبو الفتوح في خطر
تعرب المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه عن بالغ استيائها واستنكارها للإهمال الطبي المتعمد في السجون وأماكن الاحتجاز، والتي وصلت في حالة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح- على سبيل المثال لا الحصر- لحد القتل البطيء، في تصعيد للخصومة السياسية والأعمال الانتقامية بحق المعارضين السياسيين. وتؤكد المنظمات أن إصرار إدارة سجن المزرعة بطرة على عدم السماح بنقل “أبو الفتوح” للمستشفى للعلاج رغم تعرضه لذبحة صدرية لـ 4 مرات متتالية في أقل من ثلاث أشهر، وتجاهلها المخزي لتقدمه في السن -67 سنة- وتردي حالته الصحية، وإصرارها على استمرار حبسه انفراديًا في زنزانة تفتقر لأدنى معايير رعاية السجناء، هو مثال فج ومخزي لآليات التعذيب غير المباشرة في السجون المصرية، ويمثل محاولة إضافية لترهيب كل النشطاء والمعارضين المصريين- وخاصة المرضى منهم وكبار السن- ليس من الحبس فقط، وإنما أيضا من شبح القتل البطيء خلف جدران السجون. فبحسب أحدث تقارير لمركز النديم، هناك 59 حالة إهمال طبي في السجون المصرية تم رصدها من خلال وسائل الإعلام في الثلاثة أشهر الأولى من هذا العام، ورغم تكرار الاستغاثات والشكاوي للجهات المختصة في بعض الحالات، إلا أنها لم تحظ بالرعاية الطبية.
كان الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح قد تعرض في ليلة 5 مايو الجاري لذبحة صدرية للمرة الرابعة في محبسه، كانت الأسوأ بحسب أسرته، ومع ذلك لم تستجب إدارة السجن للضرورة الإنسانية الملحة بنقله الفوري للعناية المركزة، وحاجته إجراء فحوصات طبية عاجلة، وتلقي الرعاية الكافية. وبحسب أسرته، تم تقديم مذكرة تفصيلية للمجلس القومي لحقوق الإنسان في 22 أبريل الماضي، بكافة الانتهاكات في حق عبد المنعم أبو الفتوح بالمخالفة للدستور والقانون، وتوضيح كامل لظروف حبسه غير الآدمية، وأوجه تعنت إدارة السجن في منحه حقوقه القانونية، وصور من كافة الطلبات والتقارير الطبية المقدمة للنيابة بشأن حالته الصحية وما تستدعيه من رعاية طبية عاجلة، ولم يترتب على المذكرة والشكوى أي تغيير حتى الآن.
وفي هذا الصدد تشير المنظمات الموقعة إلى أن الإهمال الطبي في السجون بحق سجناء لهم خلفيات سياسية قد يكون متعمد في عدد كبير من الحالات، كنوع من التنكيل بهم، فبحسب شهادة محمد سلطان (سجين سياسي سابق) لجريدة النيويورك تايمز، أنه في أثناء إضرابه عن الطعام ووجوده في مستشفى السجن، كان الحراس يشجعونه على قتل نفسه، بل أن أحد كبار مسئولي السجن قال له نصنًا: “ريحنا وريح نفسك من الصداع دة،” كما روى سلطان كيف أن سلطات السجن حبست معه شخص في حالة صحية متدهورة تنذر بموته، وقد وافته المنية دون أية محاولة لإسعافه، بل تم توظيف واقعة موته لترهيب سلطان من المصير الذي ينتظره.
كانت السلطات المصرية قد ألقت القبض على أبو الفتوح في 14 فبراير الماضي، خلال فترة الانتخابات الرئاسية، ووجهت له النيابة اتهامات مسيسة بتولي قيادة جماعة إرهابية، وإذاعة ونشر أخبار من شأنها إثارة الفتنة والبلبلة داخل البلاد وخارجها. ومنذ ذلك الحين مثّل أبو الفتوح أمام النيابة لـ 10 مرات، وفي كل مرة يطلب من النيابة نقله للمستشفى وعرضه على لجنة طبية متخصصة دون أي استجابة، فضلاً عن العزلة والحبس الانفرادي في زنزانة غير آدمية مساحتها 6 أمتار، لمدة 23 ساعة يوميًا، لفترة تجاوزت 75 يومًا، وحرمانه من التريض في الهواء الطلق، إذ لا يسمح له سوى بالتمشية أمام زنزانته في مساحة 6أمتار أخرى بين العنابر المغلقة، بمعزل عن الضباط أو السجناء، وذلك بحسب شهادات أبنه ومحاميه.
وبحسب محامين أبو الفتوح أيضًا، تناولت التحقيقات أمور مثيرة للسخرية مثل التحقيق معه عن فترة نشاطه في الجامعة في فترة السبعينات من القرن الماضي، وأسئلة من نوعية “احكي لنا عن نفسك!” وفي ذلك ترى المنظمات الموقعة أن مثل هذه التحقيقات الصورية ما هر إلا وسيلة إضافية للتنكيل به ووضعه قيد الحبس أطول فترة ممكنة.
إن المنظمات الموقعة على هذا البيان تعتبر أن هذه الممارسات التي لا يتعرض لها أبو الفتوح فقط، وإنما يشاركه فيها آخرين من بينهم هشام جعفر، ومحمود الخضيري- وسبق وأودت بحياة السجين المسن مهدي عاكف- لا تعكس سوى افتقار السلطة الحالية لأخلاقيات الخصومة السياسية، واستخدام التنكيل والتعذيب، بل والقتل العمد كوسيلة عقوبة إضافية لسجناء سياسيين معارضين لها، نالوا قسطًا وفيرًا من الانتهاكات في مراحل القبض عليهم ومحاكماتهم وتكييل الاتهامات لهم. كما تحمل كل من رئيس الجمهورية وزير الداخلية والنائب العام المسئولية عن حياة أبو الفتوح وغيره من السجناء الذين في الوضع نفسه.
المنظمات الموقعة :
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- مركز عدالة للحقوق والحريات
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
- المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
- مركز النديم
- مركز هشام مبارك للقانون
الصورة: World Economic Forum
Share this Post