في ذكرى مرور عام على كشف حقيقة إلغاء قانون التجمهر رقم 10/1914، تجدد المنظمات الموقعة أدناه مطلبها بوقف العمل بهذا القانون، الذي سبق واثبت مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالوثائق والمستندات في دراسة له بعنوان “نحو الإفراج عن مصر” في 31 يناير 2017 أن البرلمان المصري قرر إلغاءه بإجماع الآراء منذ 90 عامًا، ولم يعترض على ذلك الملك فؤاد الأول، بما بعد بمثابة موافقة على الإلغاء بموجب دستور 1923، ومع ذلك تتوارثه الحكومات المصرية كأداة ردع فعالة للمعارضين ووسيلة سهلة للزج بهم في السجون. هذا القانون الاستبدادي القمعي، حتى بشهادة المحتل الأجنبي، تسبب خلال الفترة بين 2014 و2017 في الحكم بالإعدام على ما لا يقل عن474 شخص- في 11 قضية- وحبس أكثر من 120 شخص – لمدد تتراوح من سنتين إلى 25 سنة في 5 قضايا على الأقل- خلال عام 2017، معظمها قضايا تتعلق بالاحتجاج على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير .
ويعد أخطر ما يميز هذا القانون، والسبب الرئيسي في تمسك الحكومات المصرية المتعاقبة به، أنه يجعل من التجمع المكون من 5 أشخاص فعلا مجرما في حد ذاته، سواء ترتب عليه جرائم من عدمه، كما أن الجرائم التي تقع أثناء التجمهر لا يحاسب عليها مرتكبوها فحسب، وإنما تمتد مظلتها لتشمل كافة المشاركين في التجمهر، بما يتنافى تمامًا مع مبدأ شخصية العقوبة ويمكّن المحكمة من توقيع عقوبات جماعية على عدد كبير من المتهمين دون التحقق من ارتكاب كل شخص منهم للجريمة موضوع العقاب! لذا استخدمته المحاكم بكثرة –خاصة بعد 30 يونيو 2013- كأساس في إصدار أحكام جماعية على المتظاهرين.
وربما لأننا على أعتاب “استفتاء” رئاسي محبط، تسعى الحكومة المصرية لإطالة أمد التقاضي في دعوى وقف العمل بهذا القانون رقم 26245لسنة 71، والمقدمة من 32 شخصية عامة،علها تتمكن خلاله من قمع المزيد من المعارضين لسياستها المخجلة، ليس في الملف الانتخابي فحسب، وإنما في مختلف المجالات.
فخلال 8 جلسات متتابعة، تعمدت الحكومة تعطيل إجراءات التقاضي، بطلبات التأجيل للاطلاع أو لتقديم مستندات لا علاقة لها بالموضوع، وأخيرا طالب محام الحكومة بإعادة فتح باب المرافعة أمام هيئة مفوضين جديدة، بناء على ادعاء بوجود مستندات ودفوع لم يتثن لهم تقديمها- نظرًا لضيق الوقت- أمام محكمة القضاء الإداري وهيئة المفوضين الأولى التي باشرت نظر الطعن لثلاث جلسات متتالية حتى انتهت مدة ولايتها.وقد خلصت الهيئة الجديدة في جلسة 7 ديسمبر الماضي لحجز الدعوى لإعداد التقرير، مع إمكانية تقديم أي مذكرات إضافية من الطرفين خلال أسبوعين فقط.
تكشف المذكرة الإيضاحية لمشروع إلغاء قانون التجمهر، والتي تقدم بها عام 1926 النائب محمد يوسف بك عضو مجلس النواب عن كفر الدوار، عن السبب الأساسي لرفض البرلمان المصري لقانون التجمهر، ذلك السبب الذي مازال قائمًا حتى يومنا هذا، والذي يكمن– حسب نص المذكرة- “في كونه قانونا استثنائيا أقرب للأحكام العرفية، يفتش في النوايا.” بل أن سلطة الاحتلال نفسها أقرت في 1928 (بعد 14 سنة من صدور القانون) بحسب إحدى المراسلات الرسمية الملحقة بتقرير مركز القاهرة بأن القانون: “كتب بروح استبدادية ولا يمكن تبريره للجمهور الإنجليزي الديمقراطي!”
جدير بالذكر أن المنظمات الموقعة وعدد من الأحزاب السياسية سبق وطالبت بوقف تطبيق قانون التجمهر في المحاكم المصرية، لحين صدور حكم محكمة القضاء الإداري في الطعن المقدم ضده، وذلك حتى لا يستمر الاعتداء على ركائز العدل والإنصاف، وسلب حرية المواطنين المصريين ومعاقبتهم ظلمًا بقانون ملغي، باعتبار أن القضاء له الحق في الامتناع عن تطبيق القانون مؤقتًا في القضايا المنظورة أمامه، بموجب الحق المكفول له بالرقابة على صحة التشريع من الناحية الشكلية، ولما قد يترتب على الطعن من تغيرات جوهرية في سير القضايا التي تتضمن اتهامات بالتجمهر. كما سبق وطالب مركز القاهرة مجلس النواب الحالي في خطاب لرئيسه بتأكيد إلغاء قانون التجمهر، مجيبًا في دليل خاص بالبرلمانيين على كافة الأسئلة التي سبق وأثيرت على تقرير المركز الصادر منذ عام، وما ورد فيه من مستندات، تثبت إلغاء قانون التجمهر، ولكن دون جدوى.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب
- مركز عدالة للحقوق والحريات
- مؤسسة قضايا المرأة المصرية
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
- المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية
- المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
-
مؤسسة حرية الفكر والتعبير
Share this Post