عقد اليوم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مؤتمرا صحفيا لإعلان التقرير المرحلي الأول لمرصده الإعلامي الذي يتناول بالتقييم أداء وسائل الإعلام المملوكة للدولة والمستقلة خلال الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية لرئاسة الجمهورية، الذي بدأ في 17 أغسطس وصولا حتى أول أمس 23 أغسطس.
تناول التقرير أداء 4 قنوات تليفزيونية حكومية (الأولى والثانية والثالثة والنيل للأخبار)، وقناتين مستقلتين (دريم2 والمحور)، و17 صحيفة مملوكة للدولة ومستقلة.
ويمكن إيجاز أبرز ملامح هذا التقرير في النقاط التالية:
أولا: الأداء في مجمله يشكل خطوة هامة وحيوية للأمام، مقارنة بأداء وسائل الإعلام في مناسبات مشابهة سابقة –كالاستفتاءات والانتخابات البرلمانية- مع الأخذ بعين الاعتبار أنها الانتخابات الرئاسية الأولى في مصر، وأن المنهجية العلمية التي اتبعها المرصد الإعلامي لمركز القاهرة، هى المرة الأولى التي يجري فيها تطبيقها في مصر، وإن كان قد سبق تطبيقها في دول أخرى، بعضها عربية مثل تونس ولبنان وفلسطين.
ثانيا: أن هذه الخطوة الإيجابية قيمتها السياسية محدودة جدا، إذا ما قيست على أرضية إطلاق حرية التنافسية السياسية على الصعيد الرئاسي وغير الرئاسي، وأيضا إذا ما وضعت هذه الخطوة في سياق أن مشكلة مصر الرئيسية في هذا المجال، هى أن السياسة قد جرى قتلها عمدا، وبشكل منهجي منظم على مدار أكثر من نصف قرن، حتى بات الشرط الأولي للشروع في عملية إصلاح جادة هو إحياء السياسة شكلا ومضمونا، وهو الأمر الذي لا يساعد عليه مضمون المادة 76 المعدلة من الدستور، ولا قانون الانتخابات الرئاسية، ولا التعديلات الأخيرة على قانون الأحزاب السياسية، فقد جاءت كلها مخيبة للآمال.
ثالثا: رغم أنه –على غير المتوقع- جاء أداء قنوات التليفزيون الحكومية أكثر إيجابية من الصحافة الحكومية، إلا أن القيود التي تضمنتها المعايير التي وضعتها وزارة الإعلام والممارسة في التطبيق، لم تساعد على توفير مناخ يطلق التنافسية السياسية، بسبب حظرها المناظرات، والتقييمات المتبادلة بين المرشحين، وبالتالي فإنها لا تساعد الناخب على الإحاطة بطريقة معمقة واتخاذ قراره على أساس مدروس، الأمر الذي قد لا يساعد على استثارة اهتمام الناخب المنصرف عن السياسة والانتخابات منذ نصف قرن.
رابعا: رغم هامش الحرية الذي تتمتع به الصحف الحكومية مقارنة بالبث التليفزيوني المملوك للدولة -باعتبار أن الأخير يدار تحت الإشراف المباشر لوزارة الإعلام- إلا أن أغلب هذه الصحف كرّس نفسه للترويج لمرشح الحزب الحاكم، وأحيانا الطعن في أبرز منافسيه.
خامسا: أن بعض الصحف الخاصة / المستقلة -تحديداً المصري اليوم ونهضة مصر- قدمت خدمة إعلامية متميزة على الصعيد المعلوماتي والتحليلي، بشكل ربما لم تعرفه مصر منذ نحو نصف قرن في مثل هذه المناسبات السياسية، وبما يساعد الناخب على اتخاذ قراره، بالتصويت لصالح مرشح ما، أو مقاطعة الانتخابات.
سادسا: أن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، لم يصدر عنها أي رد فعل على التجاوزات التي جرت في المجال الإعلامي، بل أعلنت في صحف الأمس أنها “لم تسجل أي تجاوزات أو انتهاكات في سير عمليات الدعاية الانتخابية”؟!!
وهو الأمر الذي يثير تساؤلات جادة عن الدور الفعلي لهذه اللجنة، خاصة وأن رئيسها وضع على رأس أولوياتها منع منظمات المجتمع المدني من المراقبة الميدانية للعملية الانتخابية!
أخيرا، إن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يأمل أن تأخذ الأطراف المعنية بهذا التقرير ما جاء فيه بالدراسة، وأن تراجعه فيما قد يكون المرصد الإعلامي قد أخطأ في رصده، وأن تصوّب ما تقتنع به من ممارسات انتقدها هذا التقرير.
Share this Post