بعد إعلان رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي أمس 25 أكتوبر، إنهاء حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد؛ تعرب المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه عن أن حكم مصر لا يستند للقانون منذ يوليو 2013، إذ تقبع تحت حالة طوارئ دائمة حتى قبل إعلان حالة الطوارئ بشكل رسمي، فضلاً عما شهدته السنوات الماضية من اصدار حزمة من القوانين التي حولت حالة الطوارئ الاستثنائية لحالة دائمة بموجب القانون. وتعتبر المنظمات أن استمرار حالة الطوارئ مرتبط باستمرار تغييب القانون والدستور وارتكاب جرائم حقوقية غير مسبوقة، وأن إنهائها يستوجب توقف القيادة السياسية عن قمع كافة أشكال حرية التعبير عن الرأي المنصوص عليها في الدستور المصري، والذي تعصف به الحكومة المصرية يوميًا من خلال ممارسات عدة، على رأسها اصدار قوانين وتعديلات دستورية معارضة له. هذا بالإضافة إلى التوقف عن قمع المعارضة السياسية والحقوقية بكافة أشكالها. فبالرغم من إعلان إنهاء حالة الطوارئ وما يترتب عليه من وقف إحالة القضايا لمحكمة أمن الدولة طوارئ، إلا أن تلك المحكمة الاستثنائية مستمرة في عملها في نظر القضايا التي سبق إحالتها لها، بما في ذلك القضايا المحالة لها مؤخرًا، فضلاً عن محاكمات أخرى امتدت جلساتها لسنوات وخلصت لأحكام بالسجن المطول دون أي فرصة لنقض أحكامها.
لقد تم إصدار حزمة من القوانين كرست لحالة طوارئ دائمة بغض النظر عن إعلان حالة الطوارئ أو إنهاءها، أبرزها قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، الذي قنن ارتكاب الأجهزة الأمنية لجرائم الإخفاء القسري والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون في إطار مكافحة الإرهاب خلال السنوات الماضية. هذا بالإضافة إلى سياسة الإفلات من العقاب التي دعمها القضاء المصري بشقيه المدني والعسكري عن جرائم مقتل المدنيين في سيناء. أما القانون رقم 8 لسنة 2015 والخاص بتنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، فقد أفضى إلى سهولة إدراج النشطاء والكيانات المستقلة على قوائم الإرهاب بناء على تحريات أمنية دون أي تحقيق. كما أصدر الرئيس قرار بقانون رقم 136 لسنة 2014، بشأن تأمين المنشآت العامة والحيوية، والذي شرعن لمثول المدنيين أمام محاكمات عسكرية. هذا بالإضافة للقانون رقم 13 لسنة 2017؛ الذي منح رئيس الجمهورية سلطة اختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية، بما في ذلك محكمة النقض ومجلس الدولة، في عدوان على مسار العدالة ومخالفة للدستور، الأمر الذي اُستكمل بالتعديلات الدستورية 2019 وبموجبها أصبح رئيس الجمهورية رئيسًا للمجلس الأعلى للقضاء.
هذه القوانين والتشريعات المستمر عملها حتى بعد إلغاء حالة الطوارئ تكرس لحالة طوارئ غير معلنة، وتضمن غياب كافة الضمانات الحقوقية التي كفلها الدستور المصري، ناهيك عن استمرار المحاكمات أمام دوائر الإرهاب والمحاكم العسكرية أو حتى دوائر الجنايات العادية، والتي تستوي في إغفالهما لضمانات المحاكمة العادلة والمستقلة مثلها مثل محكمة أمن الدولة العليا طوارئ. بل ان تلك المحاكم اشتركت في إصدار عدد غير مسبوق من أحكام الإعدام الجماعية تفوق تلك التي أصدرتها محاكم أمن الدولة على مدار تاريخها، وتم تأييد كثير من تلك الأحكام أمام محكمة النقض، هذا فضلاً عن إصدار أحكام جماعية بالسجن المؤبد والمشدد لسنوات طويلة. كما تقاعست هذه المحاكم عن فتح تحقيقات في وقائع تعذيب المحتجزين، وإخفائهم قسرًا قبل مثولهم أمام جهات التحقيق، ورفضت طلبات الدفاع بمثولهم أمام الطب الشرعي لإثبات تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة الإنسانية.
أن الحالة المتدهورة لحقوق الانسان في مصر تحتاج لما هو أكثر من مجرد إعلان إنهاء حالة الطوارئ، التي ربما كان إعلانها من البداية بلا داعي في ظل كل هذه القوانين الاستثنائية، وفي ظل تواطؤ كل مؤسسات الدولة في تعزيز سياسة الإفلات من العقاب، وغياب المؤسسات الرقابية.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
- كوميتي فور جستس
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- مركز النديم
- مبادرة الحرية
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
Share this Post