في صالون ابن رشد عن التحرش الجنسي بوسط البلد: استفحال الظاهرة جاء نتيجة اهتمام الدولة بالأمن السياسي على حساب الأمن الجنائي

In صالون بن رشد by CIHRS

عقد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان في إطار صالون ابن رشد ندوة بعنوان “التحرش الجنسي في وسط البلد: مشكلة اجتماعية، أم أمنية، أم سياسية، أم جنسية، أم دينية؟!”، وذلك يوم الأربعاء الموافق 15 نوفمبر 2006 بمقر المركز. وقد تناولت الندوة بالنقاش ذلك الاعتداء الجماعي المنظم على كرامة النساء المصريات من خلال جرائم التحرش الجنسي الجماعي في يوم العيد “الأسود” !

وقد شارك بالندوة عدد من المتحدثين هم الدكتور جهاد عودة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حلوان، الدكتورة دلال البزري كاتبة لبنانية وباحثة في علم الاجتماع، الأستاذة نهاد أبو القمصان مديرة المركز المصري لحقوق المرأة، والأستاذ نبيل شرف الدين الكاتب الصحفي ومدير تحرير موقع إيلاف الإخباري.

وقد أجمع المشاركون بالندوة من الخبراء السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان والباحثين علي أن واقعة التحرش الجنسي التي شهدتها شوارع وسط القاهرة خلال أيام عيد الفطر جاءت كنتيجة طبيعية لاستخدام الدولة ولأول مرة التحرش الجنسي سياسياً، وذلك يوم الاستفتاء علي تعديل المادة 76 من الدستور يوم 25 مايو الماضي.

وحمل المشاركون خلال ندوة: أجهزة الأمن المسؤولية وراء هذه الأحداث لأنها تعطي الأولوية للأمن السياسي الذي يخدم فئة قليلة من النخبة الحاكمة ويتجاهل الأمن الاجتماعي لباقي المواطنين.

أكدت نهاد أبو القمصان مديرة المركز المصري لحقوق المرأة أن المركز يتلقى منذ نحو 5 سنوات شكاوى من سيدات تعرضن لحالات تحرش، لكن الشكاوي تزايدت بشكل واضح منذ أحداث يوم الاستفتاء 25 مايو 2005.

وتابعت: منذ ذلك التوقيت بدأنا نتلقى شكاوى غريبة من الألفاظ النابية التي تتعرض لها السيدات إلى جرائم هتك العرض، وهذا يشمل أيضًا فتيات وسيدات محجبات ومنتقبات.

ولفتت نهاد إلى أن حجم التحرش في مصر شهد تغير من حيث النوع والكيف، خاصة بعد أحداث 25 مايو، عندما استخدمته الدولة سياسيًا ولأول مرة في شوارع القاهرة عقب سحل ومحاولة هتك عرض بعض الصحفيات أمام نقابة الصحفيين من قبل أجهزة الأمن.

وأشارت إلي أن نتائج الشكاوي التي تلقاها المركز تشير إلي أن أكبر فئة تتعرض للتحرش الجنسي في مصر هي النساء العاملات والطالبات في المدارس والجامعات، مشيرة إلي أن نحو 40% من شكاوي الأجانب والعاملين بالسفارات الأجنبية في مصر تتهم رجال الأمن المسئولين علي حراسات تلك السفارات بأنهم هم الذين يتحرشون بهم.

وحّملت أبو القمصان أجهزة الأمن مسؤولية أحداث وسط البلد خلال أيام العيد، مشيرة إلي أن العيد لم يشهد أي تواجد أمني يذكر علي أي حال من الأحوال.

وقالت: إن استجابة الشرطة لبلاغات التحرش الجنسي لا تتم بشكل يحفظ أمن هذا البلد وشوارعه، بل إنه أحيانا يتم التحرش بالبنات داخل أقسام الشرطة التي من المفترض أن تحميهم.

وأضافت: للأسف أصبح هناك اهتمام بالأمن السياسي وغاب الأمن الاجتماعي في شوارع القاهرة، مؤكدة أن ذلك يترتب عليه أننا أمام حالة تمثل انهياراً مجتمعياً وفوضوية عارمة ستترتب عليهما انهيارات أخري وستكون المحصلة في النهاية هي عدم الاهتمام بالبشر في هذا البلد.
وقال نبيل شرف الدين مدير تحرير موقع إيلاف الإخباري: إن واقعة التحرش الجنسي التي شهدتها شوارع وسط مدينة القاهرة خلال فترة عيد الفطر الماضي حدثت بالفعل.
وقال: عملت ضابط شرطة مدة 16 عام، وأري أن هناك 3 أسباب رئيسية وراء الواقعة.
وأشار إلي أن أول تلك الأسباب هو الخلل في أداء جهاز الأمن الذي يغلب الأمن السياسي علي الأمن الجنائي ويهتم بخدمات التشريفات والحراسات.
ولفت شرف الدين إلي أن السبب الثاني وراء الواقعة هو ديموجغرافية القاهرة التي تشهد تدهورًا بالغًا في السنوات الأخيرة.
وقالت دلال البزري كاتبة لبنانية وباحثة في علم الاجتماع: بصرف النظر عن حالة التفكك والفوضى الواقعة حالياً فإن التيارات السياسية الإسلامية مهيمنة علي العقول وليس علي السلطة.
وأوضحت البزري أن العالم العربي الآن يشهد أزمة علاقة بين الجنسين، مشيرة إلي أنها أزمة وجودية تشمل كل شيء بالفرد ورغباته وأحلامه وتوجهاته لغياب المشروع والحلم والأمل والتصور للمستقبل.
واعتبر الدكتور جهاد عودة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حلوان أن جزءاً كبيراً من الأزمة ناتج عن الأزمة الثقافية التي تتعرض لها مصر مشيراً إلي أن المجتمع المصري أصبح مغلقاً ويعاني فيه النظام العام من مأزق كبير، حيث أصبحت المصلحة الخاصة تغلب علي المصلحة العامة.
وقال عودة: إن الظاهرة ليست متعلقة بالتحرش الجنسي فقط وإنما هي متعلقة بالأساس بانهيار الحياة المدنية، فهناك قوي كثيرة داخل المجتمع، هدفها الأساسي أن تتدحرج الدولة إلي دولة أخري ودائماً ما تسعي إلي خلخلة نظامه العام.

Share this Post