بعد أكثر من عامين ونصف من الاعتقال دون تهمة أو محاكمة قررت وزارة الداخلية الإفراج عن المدون السيناوى الشهير مسعد أبو فجر صاحب مدونة “ودنا نعيش”، وكانت السلطات التي تتحصن بقانون الطوارئ قد أهدرت طيلة هذه الفترة من الاعتقال أكثر من 14 حكم قضائي يأمر بإخلاء سبيل أبو فجر.
ويعتقد مركز القاهرة أنه لولا الصلاحيات الواسعة التي تتمتع بها أجهزة الأمن بمقتضى قانون الطوارئ والتي تتيح لها الاعتقال التعسفي والاستخفاف بأحكام القضاء، فإن مسعد أبو فجر ما كان ينبغي أن يقبض عليه من الأصل باعتباره لم يمارس سوى حقه فى التعبير عن آرائه وفى المطالبة بإنهاء مظاهر التهميش تجاه بدو سيناء ووقف الانتهاكات المتزايدة التي تمارس ضدهم.
وقد كان من المفترض أن يكون مسعد أبو فجر على رأس قائمة المفرج عنهم بمقتضى التعهدات التي قطعتها الحكومة على نفسها عند تمديد قانون الطوارئ والتى تقتضى بحصر اللجوء لصلاحيات القانون فى قضايا الإرهاب والمخدرات.
غير أن السلطات التي شككت – على لسان د. مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة – فى بيانات المنظمات الحقوقية التي أكدت استمرار اعتقال العديد من المدونين بموجب قانون الطوارئ، ماطلت فى الإفراج عن أبو فجر واضطرت إلى المقايضة بإطلاق سراحه أخيراً بين العشرات من المعتقلين من سيناء بغية الحد من التوترات والمصادمات العنيفة التي تصاعدت مؤخراً مع بدو سيناء.
وإذ نرحب باستعادة أبو فجر لحقه فى الحرية، فإننا نأسف لأن نلاحظ أن اعتقاله طويل الأمد، وحتى إنهاء أسره عبر صفقة للتهدئة، لا يعكس بالضرورة احتراماً للقانون أو للضمانات الدستورية للحق فى الحرية والأمان الشخصي.
ولو أرادت الحكومة المصرية أن تبرهن على جديتها فى إغلاق ملف المعتقلين دون تهمة أو محاكمة بموجب قانون الطوارئ على أسس صحيحة، فإنه يتعين عليها أن تتحلى بأكبر قدر من الشفافية وأن تفصح لدى الرأي العام عن الأعداد الرسمية للمعتقلين وأن توضح طبيعة التهم الموجهة إليهم والأسباب التي أدت إلى عدم إحالتهم للمحاكمة رغم مضى سنوات على اعتقال الكثير منهم، وأن تبادر على نحو فوري باتخاذ الإجراءات التي تضمن مثولهم أمام القضاء للبت فى التهم الموجهة ضدهم. وعليها أيضاً أن تبادر على نحو فوري بإطلاق سراح المدونين المعتقلين دون تهمة أو محاكمة ومن بينهم يحيى أبو نصيرة، وهاني نظير، وأن تخلى سبيل المعتقلين من جماعة الإخوان المسلمين الذين يربو عددهم على نحو مائتي معتقل ما لم تتوفر بحقهم دلائل جدية تستوجب إحالتهم لسلطات التحقيق وفقاً للقواعد الإجرائية العادية تمهيداً لمحاكمتهم أمام قاضيهم الطبيعي أو الإفراج عنهم.
وأخيراً يتعين على الحكومة وأذرعها الأمنية أن تقدم اعتذار علني لجميع الأشخاص الذين طالتهم إجراءات الاعتقال التعسفي بموجب قانون الطوارئ أو حتى بالمخالفة لأحكامه.
Share this Post