مصر: قمع صُنع في فرنسا
في 21 أغسطس 2013 أعلن مجلس الشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي أن "الدول الأعضاء قرّرت تعليق تراخيص التصدير إلى مصر لأيّ معدات يمكن أن تستخدم في القمع الداخلي،" إلا أنّ ثمانية شركات فرنسية على الأقل - بتشجيع من الحكومات المتعاقبة - استفادت من القمع في مصر حاصدة أرباحًا قياسية.
يكشف هذا التقرير عن مشاركة الدولة الفرنسية وعدّة شركات فرنسية في القمع الدموي في مصر خلال السنوات الخمس الماضية، من خلال إمدادها بمعدّات عسكرية وأجهزة تجسس، تساعد في التأسيس لبنية مراقبة وتحكّم استبدادية، تُستغّل للقضاء على كلّ أشكال المعارضة ونشاط المواطنين. فبين 2010 و2016 ارتفعت قيمة عمليات توريد الأسلحة الفرنسية لمصر من 39.6 مليون يورو إلى 1.3 مليار يورو.
تعيش مصر في خضّم بطش لا هوادة فيه، حيث يقبع ما لا يقل عن 60,000 سياسي خلف القضبان منذ 2013، وآلاف الإعدامات خارج نطاق القانون، فضلاً عن حالات الاختفاء القسري -من بينها 2,811 حالة اختفاء قسري على يد قوات الأمن بين يوليو 2013 ويونيو 2016- والاستخدام المنهجي للتعذيب في أماكن الاحتجاز. يأتي هذا في الوقت الذي يوثق فيه هذا التقرير كيف باعت بعض الشركات الفرنسية أسلحة تقليدية لقوات قتلت مئات المدنيين بحجة "الحرب على الإرهاب في سيناء ومحافظات أخرى، وشركات فرنسية أخرى باعت عربات مصفّحة وآلات لتصنيع الخرطوش لقوات شرطة تستخدم البنادق لتفريق المحتجين السلميين. كما باعت بعض الشركات الأخرى للأجهزة الأمنية نظمًا تكنولوجية للتجسس على الأفراد والمراقبة الجماعية واعتراض البيانات، وجمع البيانات الشخصية، والسيطرة على الجماهير. وبذلك فإن جميع هذه الشركات قد ساهمت في إنشاء بنية واسعة للمراقبة والسيطرة على الجماهير تهدف لقمع كل التحركات المعارضة والاجتماعية، وأدت لاعتقال عشرات الآلاف من المعارضين والنشطاء.
يقول ديمتريس خريستوبولوس، رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "بينما يعلن المجلس الأوروبي عن وقف الصادرات العسكرية ومعدات التجسس للتعبير عن شجبه للانجراف نحو الدكتاتورية في مصر، ربحت فرنسا حصصًا سوقية وسجلت أرقامًا قياسيّة في الصادرات!"
المنظمات الأربعة المشاركة في إعداد هذا التقرير (مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والفدراليّة الدوليّة لحقوق الإنسان، والرّابطة الفرنسيّة لحقوق الإنسان، ومرصد التسلح)، طالبت الشركات والسلطات الفرنسية بالإنهاء الفوري لهذه الصادرات المميتة، وفتح تحقيق برلماني في شحنات الأسلحة المصدرة إلى مصر منذ 2013، كما طالبت بإجراء مراجعة شاملة لنظام التحكّم الفرنسي بصادرات الأسلحة ومعدات المراقبة، وما يتسم به من غموض واعتماد مفرط على الجهاز التنفيذي، بعدما ثبت تورطه في تصدير معدات تساهم في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مصر.
"ففيما حرك الثورة المصرية عام 2011 جيل الفيس بوك الخبير بالأنترنت، والذي عرف كيف يحشد الجماهير، تساعد فرنسا اليوم في سحق هذا الجيل من خلال تأسيسها لنظام تجسس وتحكّم استبدادي يهدف إلى قتل أيّ شكل من التعبير عن الاحتجاج في مهده." بحسب بهيّ الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
التقرير باللغة العربية هنا
ومتوفر ايضا باللغة الإنجليزية، والفرنسية
Share this Post