قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات المصرية أن تحقق في الإعادة القسرية إلى السودان لإحدي عشر سودانياً على الأقل مُعترف بهم رسمياً كلاجئين وطالبي لجوء. والإعادة القسرية لأشخاص إلى دولة يخشون فيها الاضطهاد لأسباب وجيهة، تُشكل انتهاكاً لالتزامات مصر الأساسية بموجب القانون الدولي اللاجئين.
وقال أقارب خمسة من الأشخاص الخاضعين للترحيل ومحامون يعرفون تفاصيل عن قضاياهم لـ هيومن رايتس ووتش إنه في 19 أبريل/نيسان 2008 قامت السلطات المصرية بترحيل قرابة 30 رجلاً وصبياً سودانياً إلى جنوب السودان. وقد اعترفت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة في القاهرة بإحدي عشر شخصاً منهم على الأقل كلاجئين أو طالبي لجوء. وكان اثنان على الأقل من الأشخاص المُرحلين أطفالاً تحت 17 عاماً. وقالت زوجة أحد الأشخاص المُرحلين لـ هيومن رايتس ووتش إن زوجها اتصل بها في 13 مايو/أيار وقال إنه والآخرين محتجزين في سجن الكُبر في جوبا، جنوبي السودان، ويمكن أن يمثلوا أمام المحكمة.
وقال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “لقد اعترفت مفوضية الأمم المتحدة للاجئين باحتياج بعض هؤلاء الرجال والصبية للحماية نظراً لما سيواجهونه من أخطار جسيمة في حالة الإعادة إلى السودان، لكن مصر قامت بترحيلهم على أية حال”. وأضاف: “وعلى السلطات المصرية إجراء تحقيق يتمتع بالمصداقية والشفافية لتحديد ما إذا كانت الإعادة القسرية في هذه الحالة ترقى لكونها إساءة، ولضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات على الإطلاق”.
وقامت شرطة القاهرة باعتقال زهاء 30 رجلاً وصبياً إثر اتهام عصابتين من حي المعادي وحي عين شمس بإلحاق الأضرار بالسيارات أثناء شجار نشب في 8 فبراير/شباط 2008.
وجددت السلطات أوامر الحبس لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق بحق المجموعة حتى 24 مارس/آذار، وهو اليوم الذي أمر فيه القاضي بإخلاء سبيلهم بكفالة. وفي اليوم التالي استأنفت نيابة أمن الدولة قرار الإفراج واتهمت الرجال بالدخول غير الشرعي إلى البلاد، والتجمع العام غير المُصرح به، وتهديد الأمن العام. وتم نقل القضية إلى مكتب نيابة أمن الدولة، وتم تجديد أوامر الحبس. وكان من المقرر أن يحضر الرجال والصبية جلسة أخرى في المحكمة في 6 مايو/أيار. لكن حين ذهب أقاربهم لزيارتهم في سجن محكمة الاستئناف بالقاهرة أواخر أبريل/نيسان، قال مسؤولو السجن لهم إنه قد تم ترحيل المجموعة.
وقالت إحدى أقارب المُرحلين لـ هيومن رايتس ووتش: “لم يُسمح لنا بزيارتهم في السجن، إلى أن قيل لنا أن نحضر للزيارة يوم السبت [19 أبريل/نيسان]. وذهبنا في السادسة صباحاً، لكن الضابط قال: لماذا جئتم؟ تم ترحيل السودانيين! حضرت أمن الدولة حوالي الثالثة أو الرابعة صباحاً ونقلوهم إلى المطار”.
وروت زوجة أحد المُرحلين، وهو لاجئ مُعترف بوضعه كلاجئ وكان يقوم بتدريس اللغة الإنجليزية في مدرسة بالقاهرة، رواية مماثلة، عمّا حدث عندما حاولت زيارة زوجها في السجن يوم 26 أبريل/نيسان. وقالت: “قال لنا أحد الضباط [أمين شرطة]: تم ترحيل السودانيين. تم نقلهم إلى سجن المطار يوم السبت. وفي اليوم التالي سمعنا أنهم وصلوا إلى جوبا”.
وأمد أحد المحامين بالقاهرة – ويُمثل بعض المحتجزين – هيومن رايتس ووتش بنسخ من وثائق حماية مفوضية الأمم المتحدة للاجئين لأربعة من المُرحلين، وفيها اعتراف بهم كلاجئين، وأرقام الملفات الخاصة بخمسة آخرين مُعترف بهم كلاجئين وطالبي لجوء. وأضاف أن من بين المُرحلين لاجئ يبلغ من العمر 17 عاماً كانت قد تمت الموافقة على إعادة توطينه في كندا بصفة مؤقتة. وتحدثت هيومن رايتس ووتش إلى أعضاء أسر ثلاثة من المُرحلين وإلى اثنين آخرين، بمن فيهم أم لصبي يبلغ 17 عاماً وقالت إنه كان حاصلاً على وضع لاجئ ويدرس في مدرسة يديرها السودانيون في المعادي.
وقد نشب شجار 8 فبراير/شباط في شارع 68 في حي المعادي بين عصابتين من السودانيين، الأولى هي “الخارجون عن القانون” والثانية هي “الأولاد الضائعون”. وقد وصف المشتغلون بالعمل الاجتماعي النزاعات بين العصابات كمشكلة متفاقمة بين الشباب السوداني في القاهرة. إلا أن الأقارب والمحامون قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن بعض المحتجزين لم يكونوا من أعضاء العصابتين أو كانوا حتى متواجدين وقت الشجار، وإنه على ما يبدو قامت الشرطة باعتقالهم ببساطة لأنهم يبدو من مظهرهم أنهم سودانيون.
وقالت زوجة أحد المُرحلين: “نشب الشجار حوالي الساعة الثامنة مساءً، وتم اعتقاله [زوجي] الساعة 10:45 مساءً، بينما كان في المعادي لزيارة قريب مريض له بأحد المستشفيات”. وقال ابن عم أحد الرجال الآخرين إن قريبه كان يدرس التجارة وفي أواسط الثلاثينات وتم اعتقاله بينما كان في طريقه من جامعة حلوان إلى المعادي تلك الليلة لزيارة صديق.
وبعض المُرحلين إلى جوبا هم من جنوب السودان، لكن هيومن رايتس ووتش تحدثت إلى أقارب رجل ولد في الخرطوم، شمال السودان، ورجل آخر أقاربه فروا إلى الخرطوم حين كان في الثانية من عمره.
وقال جو ستورك: “تقوض هذه الترحيلات كثيراً من سمعة مصر كدولة متسامحة إزاء تواجد ملايين السودانيين فيها منذ عشرات السنين”.
وتأتي هذه الترحيلات إثر ترحيل مصر فيما سبق، حسب التقارير (http://hrw.org/arabic/docs/2007/08/24/isrlpa16727.htm) لبعض أعضاء جماعة من 48 لاجئاً أفريقياً إلى السودان، ومنهم كذلك طالبي لجوء ومهاجرين عبروا الحدود المصرية إلى إسرائيل، وأعادتهم إسرائيل قسراً إلى مصر في 18 أغسطس/آب 2007. وتزعم السلطات المصرية أن الـ 48 شخصاً قد تم إخلاء سبيلهم جميعاً في مصر، لكن التقارير الإعلامية الصادرة أواخر عام 2007 وأوائل 2008 ذكرت أن ما بين خمسة و20 عضواً من المجموعة قد رُحلوا إلى السودان. وقد اعترفت مفوضية اللاجئين في مصر بـ 23 عضواً من الـ 48 كلاجئين وطالبي لجوء. وكذلك ربما كانت مع 44 سودانياً من المجموعة مزاعم لجوء نافذة بما أنهم حاولوا دخول إسرائيل، وهو ما يقول المسؤولون السودانيون إنه قد يكون سنداً لاتهامهم بالخيانة.
Share this Post