الاتهامات المنسوبة للقاضيين “هشام رؤوف” و”عاصم عبد الجبار” تبعث على الدهشة و تخفي ورائها رغبةلترهيب الأصوات المستقلة داخل القضاء.
تعرب المنظمات الموقعة أدناه عن بالغ قلقها إزاء بدء إجراءات التحقيق مع القاضيين عاصم عبد الجبار وهشام رؤوف، واستدعاء المحامي الحقوقي نجاد البرعي مدير “المجموعة المتحدة..محامون ومستشارون قانونيون” للاستجواب في ثلاث جلسات كانت أخرها أول أمس الاثنين 1 يونيوـ وذلك على خلفية تقديمهم مشروع لمكافحة جريمة التعذيب.
وتعتبر المنظمات الموقعة أن مثل تلك الاتهامات تستهدف ملاحقة قضاة مستقلون، يتبنون رؤى لإصلاحات تشريعية لتحسين أوضاع حقوق الإنسان، وتنبئ بأن الجهود الإصلاحية داخل منظومة العدالة قد تواجه بالإحالة الجبرية إلى المعاش. كما ترى المنظمات أن اعتبار المجموعة المتحدة كيان غير شرعي يأتي في إطار الهجوم غير المسبوق الذي تقوده الإدارة الحالية، لمحاصرة الكيانات المدنية التي تستهدف إصلاح الوضع الحقوقي والقانوني المتدهور في مصر، بما في ذلك مكاتب المحاماة العريقة التي تجاوز عمرها 74 عامًا.
كانت المجموعة المتحدة قد عقدت ورشة خبراء في ١١ مارس ٢٠١٥ لعرض ومناقشة مشروع قانون، تم إعداده بمشاركة خبراء قانونيين ومستشارين، من بينهم القاضيين هشام رؤوف وعاصم عبد الجبار المشرفين على صياغة المشروع، لمكافحة جريمة التعذيب في القانون المصري، بما يتفق مع نصوص الدستور، ويتماشى مع المعايير الدولية، ويتوافق مع التوصيات التي أقرت مصر بقبولها أثناء جلسة الاستعراض الدوري الشامل لملفها الحقوقي أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في نوفمبر ٢٠١٤.
وبعد أن أرسلت المجموعة المتحدة نص مشروع القانون إلى وزارات الدولة المعنية، ومنها وزارة العدل، فضلاً عن إرساله لرئاسة الجمهورية، للنظر فى إصداره، فوجئ القاضيان عاصم عبد الجبار وهشام رؤوف المشاركان قي إعداد القانون بأخبار صحفية تؤكد -نقلاً عن مصادر قضائية- ندب قاضي للتحقيق معهما على خلفية مشاركتهما في إعداد مشروع القانون، وفي ورشة الخبراء التي نظمتها المجموعة المتحدة.
على إثره تلقى المحامي نجاد الرعي مدير المجموعة المتحدة، طلب من محكمة شمال الجيزة بالحضور يوم 1٦ مايو ٢٠١٥ لسماع أقواله ضمن التحقيقات الجارية مع القاضيين هشام رؤوف وعاصم عبد الجبار، والمتهمين بالتعامل مع منظمة غير شرعية -بالإشارة إلى المجموعة المتحدة- يديرها المحامي نجاد البرعي.
كانت المجموعة المتحدة قد قدمت خلال العام ونصف العام المنصرم حوالي 163 بلاغًا حول 465 ادعاء بالتعذيب داخل أماكن الاحتجاز، إلا النيابة العامة لم تتعاطى مع تلك البلاغات على النحو والسرعة المطلوبة، الأمر الذي دفع بالمجموعة المتحدة لتقديم عدد من الشكاوى لإدارة التفتيش القضائي لضمان سرعة إجراء التحقيقات. وفى مقابل ذلك فأن التحقيقات السريعة والجدية الوحيدة التي تم اتخاذها في هذا الأمر هي التحقيقات التي يجريها قاضي التحقيق مع القضاة ومع نجاد البرعي، وكأن الرسالة غير المباشرة من هذا الأمر هي أن التحقيقات تتم فقط وعلى وجه السرعة مع كافة المتطلعين لتحسين البيئة التشريعية المصرية، في حين يظل مرتكبي جرائم التعذيب بمنأى عن العقاب. فالدولة وعلى رأسها المؤسسة القضائية، لا ترى جريمة في قيام الموظفين المعنيين بإنفاذ القانون بالتعذيب، بينما تعتبر الجريمة التي تستوجب التحقيق هي تقديم البلاغات ضدهم أو تقديم معالجات قانونية لإنهاء جرائم التعذيب التي لا تسقط بالتقادم بموجب الدستور.
إن المنظمات الموقعة على هذا البيان ترى أن بدء إجراءات التحقيق مع القاضيين عاصم عبد الجبار وهشام رؤوف هو تنكيل بهما، بسبب مواقفهما المعلنة بشأن استقلال السلطة القضائية، ومطالبهما المستمرة بوقف عملية تسييس القضاء على نحو يقوض العدالة، بما في ذلك مساعيهما وغيرهما في وقتاً سابق من أجل إصدار قانون جديد للسلطة القضائية يضمن استقلاليتها. كما تعتبر المنظمات أن اتهامهما بالتعاون مع منظمة غير شرعية هو اتهام هزلي يخفي رغبة مضمرة بالتنكيل بهم.
تمثل المجموعة المتحدة مكتب محاماة عريق، يمتد تاريخه لنحو ٧٤ عامًا، ويعتبر أحد أهم بيوت الخبرة القانونية في مصر، إذ يقوم بجانب عمل المحاماة، بأنشطة قانونية عدة، تشمل الأبحاث القانونية والمقترحات القانونية لتحسين البيئة التشريعية في مصر، شأنه شأن غيره من مكاتب المحاماة في مصر والعالم. فضلاً عن انه من الطبيعي أن يتعاون القضاة والمحامين سوياً من أجل خدمة القانون والدستور وبحث سبل تفعيل الضمانات الدستورية التي تحمي حقوق الإنسان، لكن الغريب هو اعتبار مكتب محاماة مؤسسة غير شرعية، يحظر على القضاة التعامل معها. إذ نعتبر أن مثل هذا الاتهام يأتي في إطار المحاولات الحثيثة بتجريم وحظر وملاحقة أي مؤسسة تقوم بنشاط له صلة بحقوق الإنسان.
تؤكد المنظمات الموقعة أن مشاركة القضاة في الحياة العامة ليست جريمة تستوجب العقاب، لاسيما إذ جاءت مشاركتهم في أمر وثيق الصلة بعملهم، باعتبارهم خبراء قانونين، ولكن الجريمة الحقيقة هي هذا التقويض المنهجي لمنظومة العدالة، وكأن ثمة اتفاق شبه معلن على غض الطرف عن الأحكام الجماعية بالإعدام أو بالمؤبد، بل أصبح مألوفاً أن يعلن القضاة عن أرائهم ومواقفهم السياسية- التي تتصل بقضايا ينظرونها – من على منصة المحكمة، أو عبر وسائل الإعلام، طالما كان في هذا الرأي أو الموقف تأييد للإدارة الحاكمة في مصر الآن.
إن المنظمات الموقعة تدعوا الحكومة المصرية إلى احترام الدستور واحترام تعهداتها الدولية، والعمل على تعديل التشريعات بما يضمن ملاحقة سريعة وحاسمة لمرتكبي جرائم التعذيب. كما تحثها على الإيقاف الفوري للتحقيقات مع القاضيين هشام رؤوف وعاصم عبد الجبا،ر وإظهار التزامها الصارم باحترام حرية القضاة فى التعبير، وضمان استقلال السلطة القضائية ورجالها، والتعاون الايجابي والفعال مع المؤسسات التى تعمل من اجل اتساق البيئة التشريعية المصرية مع المواد أرقام 51 ، 52 ، ، 55 ، ، 99 ، من الدستور المصري، والتي تعتبر التعذيب جريمة لا تسقط بالتقادم وتحظره بكافه أشكاله، بل وتعطي الحق للمجني عليه فى اللجوء مباشرة إلى القضاء بدعواه، مع التزام الدولة بتعويض عادل له. كما تدعوا المنظمات الموقعة الدولة إلى الالتزام بنص المادة 93 من الدستور والتي تجعلها ملتزمة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وتجعل لتلك المواثيق قوة القانون .
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- المركز المصري لدراسات السياسات العامة
- المنظمة العربية للإصلاح الجنائي
- جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء
- مؤسسة المرأة الجديدة
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- مؤسسة قضايا المرأة المصرية
- مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف
- مركز الحقانية للمحاماة والقانون
- مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب
- مركز هشام مبارك للقانون
- مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية
- مصريون ضد التمييز الديني
- نظرة للدراسات النسوية
- الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية
- المفوضية المصرية لحقوق الإنسان
Share this Post