اختتمت اليوم أعمال “ورشة القاهرة الإقليمية لرصد ومراقبة حقوق الإنسان”، والتي هي الجزء الأخير من برنامج “شباب من أجل حقوق الإنسان”، وهو أول برنامج تدريبي عربي عن بعد (عبر الإنترنت) لتدريب الشباب العربي على موضوع المناصرة والرصد الذي قام بتنظيمه الرابطة الدولية لتعليم حقوق الإنسان (الولايات المتحدة، هولندا)، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (مصر)، والمعهد العربي لحقوق الإنسان (تونس).
وقامت الورشة، التي استمرت من يوم 29 حتى 31 مايو 2008، باسم الشهيد علي صبيح، أحد المشاركين العراقيين الذي شارك في البرنامج التدريبي منذ بدايته في ديسمبر 2006 حتى اغتياله في العراق في أكتوبر 2007. وأثناء الجلسة التي خصصت في اليوم الأول لإحياء ذكرى الشهيد علي صبيح، قاموا المشاركين والمنظمين الذين التقوا به للمرة الأخيرة في تونس في ابريل 2007 (أثناء الورشة التدريبية الأولى للبرنامج) بتبادل الذكريات حول الفترة التي قضوها معه في تونس, وكيف كان دائم التفاؤل والنشاط. ومن أجل إحياء ذكرى علي، قرروا المشاركين تسجيل فيلم وثائقي عن حياته، والتقائهم به، واستشهاده، لكي تبقى قصة علي في وجدانهم وتصل أيضاً لمن لم يكن محظوظاً بمعرفته.
وكما أكد معتز الفجيري – المدير التنفيذي لمركز القاهرة – أثناء افتتاح الورشة، فهذه الورشة الإقليمية تأخذ بعد شديد الأهمية حيث أن العالم يستعد للاحتفال بالذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في حين أن عديد من البلدان العربية ما زالت تعاني من انتهاكات أساسية ضد حقوق الإنسان، كما أن كثير من الأنظمة العربية تستخدم مصطلح “حقوق الإنسان” للتغطية على جرائمهم ضد حقوق شعوبهم، فالتناقض مستمر بين التصرفات الأمنية وخطابتها بشأن حقوق الإنسان. لذلك فالتحديات مستمرة أمام الناشطين بالعمل الحقوقي، وأصبح من بالغ الأهمية تمكين الشباب العربي من أدوات المناصرة والرصد للانتهاكات التي تحدت باستمرار في دولهم لكي يتمكنوا من مواجهة الصعوبات التي يتعرض لها المدافعين عن حقوق الإنسان. ومن ناحيته ركز ناصر الكيفي – مدير مركز المعلومات بالمعهد العربي لحقوق الإنسان – على أهمية الدور الذي يلعبه الشباب في العالم العربي في ظل الوضع الحالي وأن فكرة البرنامج الرائدة في التعليم عن بعد ومشاركة الشباب هي بالأساس قائمة على الرهان على الدور الفعال للشباب في المنطقة العربية.
لم يكن الهدف الأساسي من ورشة القاهرة هو تزويد المشاركين بمعلومات حول مصطلح الرصد أو ماهية المناصرة، حيث أن الشباب المشارك في البرنامج قد أتم عام ونصف من الدراسة حول كل من موضوع المناصرة والرصد. ولذلك، فالورشة أعطت ما هو أهم من المعرفة وهو التدريب الفعلي حول أهم المهارات والخبرات والإستراتجيات التي لا غنى عنها أثاء عملية المناصرة والرصد. وقاموا المشاركون بعرض المشروعات التي أعدوها قبل وصولهم إلى القاهرة، والتي ركزت على وضع خطط عمل لرصد أو مناصرة قضية معينة خاصة بانتهاك لحق من حقوق الإنسان في بلادهم ومجتمعاتهم. فعلى سبيل المثال، هناك من المشاركين من قام بالتركيز على فكرة إنشاء مرصد لحقوق الإنسان يغطى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهناك من أراد العمل على تأسيس شبكة إلكترونية عربية لرصد انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة، كما عرض أحدهم خطة لتحسين الظروف المعيشية للأسرى والمعتقلين الفلسطينيون والعرب في سجون الاحتلال، والحصول على محاكمة عادلة وفقاً للمعايير الدولية. وقام فريق التدريب، الذي يسرعملية التعليم والتدريب منذ بداية البرنامج في 2006، بالتعقيب على المشروعات المقدمة وتقييم مدى إمكانية تطبيقها في الواقع، وكيفية تحسين وتفعيل تلك المشروعات.
كان الحديث عن شكل متابعة العمل بعد إنتهاء البرنامج من أكثر الموضوعات التي شغلت بال المشاركين قبل وصولهم إلى القاهرة، حيث أنهم كانوا يخشون أن بعد عام ونصف من الدراسة والعمل سوياً، تنتهي علاقتهم مع انتهاء البرنامج، رغم هدفهم الموحد في العمل من أجل تعزيز واحترام حقوق الإنسان. ولذلك، فعندما أعلن المنظمون عن إمكانية تمويل عمل مشترك لهم يكون المشاركون هم المسئولين عن تخطيطه، وتنفيذه، ومتابعته وتقييمه، أعرب المشاركين عن تحمسهم لتلك الإمكانية. وفي إطار هذا المشروع المشترك من أجل متابعة “شباب من أجل حقوق الإنسان”، قام المنظمون والمدربون بالإعلان عن المشاركين التسعة الذين تم اختيارهم لكي يكونوا المسئولين عن هذا المشروع المستقبلي (بالتشاور مع باقي المشاركين حول شكل وأهداف المشروع). وتم اختيار هؤلاء الشباب التسعة على أساس مدى مشاركتهم في البرنامج التدريبي على مدار العام والنصف الماضيين، وكذلك مدى إلتزامهم بتسليم ما طلب منهم من تمرينات وأبحاث وخطط عمل أثناء التدريب عن بعد.
واجتمعت اللجنة المكونة من الشباب التسعة مع المنظمين والمدربين بعد اختتام الورشة مباشرة، لمناقشة المشروع الذين سيقوموا بتنفيذه.
وتم اقتراح إنشاء مرصد لحقوق الإنسان أو شبكة من الشباب المدافعين عن حقوق الإنسان، وبعد المناقشات التي استمرت لفترة طويلة اتفقوا أعضاء اللجنة مع المنظمين أن يقوموا الشباب بإرسال مشروع جماعي ونهائي في أول شهر سبتمبر 2008، ثم تبدأ مرحلة تنفيذ المشروع.
Share this Post