(جنيف – 13 مايو/ أيار 2010) قدمت سورية وللمرة الأولى مند توقيعها اتفاقية مناهضة التعذيب بكل أشكاله عام 2004 تقريرها الأولى أمام لجنة حقوق الإنسان الفرعية التابعة للأمم المتحدة والخاصة باتفاقية منع التعذيب وكافة ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية وذلك في الرابع والخامس من مايو 2010 وقد مثل وفد الحكومة السورية معاون وزير العدل نجم الأحمد والقاضي نزار صدقي والممثل الدائم للجمهورية العربية السورية في جنيف السفير فيصل الحموي والسكرتير الأول في السفارة السورية في جنيف رانيا الرفاعي .
وكان مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان وبالتعاون مع مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان قد قدموا التقرير الموازي للمنظمات غير الحكومية للجنة وشارك وفد من المنظمات غير الحكومية السورية باللقاءات والنقاشات في جنيف تكون من رضوان زيادة مدير مركز دمشق لدراسات حقوق الإنسان ونضال درويش من لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وقد ركز التقرير الموازي على أن مصادقة سورية على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة بالمرسوم التشريعي رقم 39 بتاريخ 1 تموز/يوليو 2004،يعتبر خطوة إيجابية للغاية لجهة الحد أو القضاء على التعذيب بوصفه ممارسة شائعة للغاية في سورية .
إذ تعد ظاهرة التعذيب من الأساليب المستخدمة بكثرة من قبل أجهزة الأمن المتعددة في سوريا، ولم يقتصر الأمر على تعذيب المعتقلين السياسيين أو المعتقلين على خلفية أمنية، وإنما تعداها إلى السجناء الجنائيين العاديين،كما و يعد إنتزاع الإعتراف بالإكراه من أكثر الوسائل إستخداماً خلال التحقيقات.
وقد تحفظت سورية على المادة 20 من الإتفاقية مما يوضح أن السلطات السورية هدفت بتحفظها على المادة المذكورة إفراغ الإتفاقية من مضمونها، حيث لم تقدم على إنشاء آلية وطنية لمناهضة التعذيب كما تنص المادة، كما لم تصادق الحكومة السورية على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب و غيره من ضروب المعاملة القاسية.
وقد أتت أسئلة اللجنة التي امتدت لأكثر من ساعتين ونصف الساعة لتطرح تساؤلات جدية حول مدى تطبيق سورية الاتفاقية التي صادقت ووقعت عليها من حيث تكييفها للقوانين المحلية وتمكين القضاة والمحامين من استخدامها في دفوعهم داخل قاعات المحكمة.
وقد تركزت أسئلة اللجنة على الشق القانوني من مثل افتقاد القانون السوري لتعريف محدد للتعذيب ،واستمرار تطبيق حالة الطوارئ وما تتركه من احتمالات واسعة لممارسة التعذيب، والقوانين السورية التي تمنح حصانة لمرتكبي جريمة التعذيب من مثل المرسوم رقم 69 الصادر بتاريخ 30 أيلول/ سبتمبر 2008 وجرى بموجبه تعديل قانون العقوبات العسكرية في سوريا، حيث نصت مواد هذا المرسوم الجديد على حصر قرار ملاحقة عناصر الشرطة والأمن السياسي والجمارك بالقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة رغم إنهم يتبعون إدارياً لوزارة الداخلية وليس للقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة.
كما أثارت اللجنة الكثير من الآسئلة المتعلقة بحصانة القضاة ودور المحامين في الدفاع ووضعية المدافعين عن حقوق الإنسان سيما أولئك المحتجزين منهم، كما قدمت اللجنة للوفد السوري الكثير من الآمثلة والحالات لمواطنين تعرضوا للتعذيب وطلبوا منها تقديم ايضاحات بشأنهم، كما أثيرت قضية الاختفاء القسري في سورية منذ أحداث الثمانينات وحتى الآن ، والخطوات التي اتخذتها الحكومة السورية للحد من هذه الظاهرة .
وكانت ردود الحكومة السورية محصورة في الشق القانوني فقط وتبرير الكثير من التفسيرات القانونية ، والادعاء بأنه لا يوجد تأثير لقانون الطوارئ على اتفاقية التعذيب و لايحول دون تطبيق الأحكام الموجودة في الاتفاقية.
كما ادعت الحكومة السورية أن الاعتقال الاحتياطي من قبل أجهزة الأمن يكون لمدة 24 ساعة فقط، وأن جميع السجون تخضع لإشراف وزارة العدل وتمارس هذه المهمة من قبل النيابة العامة وهي جزء من السلطة القضائية، أما ما جرى في سجن صيدنايا فهو عبارة عن تمرد وأن هناك حوالي 17 قتلوا وهناك تحقيقات وأرسلت الأجوبة التفصيلية والتحقيقات إلى المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة .
وأنكرت الحكومة السورية صحة المعلومة بأن هناك 40 حالة وفاة تحت التعذيب في السجون السورية من عام 2004-2010 وطلبت من اللجنة تقديم معلومات موثقة عن اسماء الأشخاص الذين ماتوا تحت التعذيب .
واعتبرت أن قضية مقتل معشوق الخزنوي هي قضية جنائية وثأر داخل العائلة،، وأنه لا وجود لسجون سرية أو انفرادية في سورية وجميع السجون هي سجون جماعية ، ولا وجود لظاهرة الاختفاء القسري في سورية ، حيث أن هناك فقط 18 حالة معلقة ووعدت الحكومة بموافاة اللجنة بمعلومات مفصلة عن هذه الحالات .
أما محكمة أمن الدولة العليا فهي جهة قضائية متخصصة وتتبع الأصول التي تتبعها المحاكم الأخرى والدعاوى المنظورة فيها قليلة جداً . ومن المفترض أن تقدم اللجنة توصياتها خلال أسبوعين إلى الحكومة السورية التي تظهر مدى التزامها بتطبيق الاتفاقية .
Share this Post