شارك بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة أمس في منتدى “الأمن الوطني وآفاق المستقبل”، الذي استضافه المقر الرئيسي لقطاع الأمن الوطني، وذلك بحضور وزير الداخلية ورئيس القطاع اللواء حامد عبد الله، وعدد من كبار ضباط القطاع ووزارة الداخلية، وعدد من رؤساء تحرير الصحف والإعلاميين وخبراء قانونيين وجماعة 6 أبريل، ومنظمات حقوق الإنسان، التي شارك منها أيضا حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.
وبعد عرض مستفيض لأسس وأهداف إنشاء القطاع وهيكليته وملامح مشروع القانون المنشئ له، أبدى بهي عدد من الملاحظات، يمكن تلخيصها في التالي:
1- إن انعقاد هذا المنتدى هو خطوة إيجابية للأمام في اتجاه تحقيق مقومات الشفافية مع المجتمع حول مهام الجهاز الجديد، خاصة وأنه يدور حوله جدل واسع في المجتمع منذ الإعلان عن إحلال هذا الجهاز محل جهاز مباحث أمن الدولة السابق، وعما إذا كان ثمة تغيير في سياسات وأداء الجهاز الجديد، أم أنه تغيير للاسم فقط؟
2- إنها خطوة أولى جيدة، ولكنها غير كافية، فقد كان من الضروري الحرص على توفير مقومات الشفافية الكاملة منذ اللحظة الأولى لإنشاء الجهاز منذ 3 شهور، بما في ذلك عند الإعداد لهذا الاجتماع، ومن المفيد للرأي العام نشر الورقة التي جرى عرضها على المنتدى، والتي حصل مركز القاهرة على نسخة منها.
3- إن الشفافية لابد أن تشمل عملية إعادة الهيكلة ذاتها، وعدم التعامل معها باعتبارها شأنا أمنيا داخليا لا دخل للمجتمع به، بل يجب –مثل كل الدول التي مرت بحقبة انتقالية مماثلة- أن تخضع إعادة الهيكلة لرقابة طرف من خارج وزارة الداخلية. وقد سبق أن اقترح مركز القاهرة في مذكرة لرئيس الوزراء ووزير الداخلية أن يتشكل هذا الطرف من هيئة قضائية مستقلة مدعومة بعناصر حقوقية، تراقب بدقة عملية إعادة الهيكلة، وأن تقوم بإحاطة الرأي العام بتقييمها لهذه العملية.
4- إن العرض الممتاز الذي جرى في المنتدى، أوضح أن القطاع يتطلع إلى مشاركة المجتمع في توفير مقومات الأمن. وهذا هدف طيب، ولكن واقعيا يصعب تحقيقه، ما لم يجري إشراك المجتمع في عملية إعادة الهيكلة بشفافية كاملة، وهو ما لم يحدث حتى الآن، ويقتصر الأمر على إرسال رسائل تلغرافية لطمأنة المجتمع. كما أنه بدون الشروع في عملية تحقيق وتقييم داخلي للسياسات والممارسات التي أدت إلى هذا الوضع الكارثي للجهاز السابق، ولنظرة المجتمع للشرطة ككل، يصعب التقدم خطوة واحدة في اتجاه تحقيق هذا الهدف. كما أن الأمر يتطلب أيضا إجراء تحقيق جنائي في شكاوى الضحايا ومنظمات حقوق الإنسان على مدار ثلاثة عقود على الأقل. إن اختزال خطايا الأجهزة الأمنية في الجرائم المرتكبة في الأسبوع التالي لبدء الانتفاضة الثورية في 25 يناير لن يفيد أحدا، بما في ذلك الأجهزة الأمنية ذاتها.
5- إن إحدى الممارسات التي تحتاج تقييما مدققا ونقدا ذاتيا شافيا، هى شبكة العلاقات المؤسسية التي جرى نسجها خلال العقد الأخير بين جهاز مباحث أمن الدولة السابق وعصابات البلطجة، لاستخدامها في قمع المعارضين في مناسبات سياسية معينة، مثل الانتخابات العامة أو المظاهرات الاحتجاجية، وغيرها. وأثار بهي سؤالا يتعلق باستمرار هذه الممارسات ذات الطابع “السياسي” من عصابات البلطجية في الشهور الأخيرة، رغم إلغاء جهاز مباحث أمن الدولة! فهل هذا يعني أن هناك ضباطا سابقين -أو في الخدمة- مازالوا يديرون هذه العصابات لتحقيق أهدافهم السياسية الخاصة؟ هل لدى قطاع الأمن الوطني تفسير آخر لاستمرار هذه الممارسات؟
وقد أثار حسام بهجت عددا من الأسئلة الهامة، من أبرزها ما يتصل بمصير أدوات وأجهزة التعذيب التي كانت تستخدم في مقار جهاز مباحث أمن الدولة، التي استلمها القطاع الجديد الشهر الماضي؟ كما تساءلت أسماء محفوظ من شباب 6 أبريل عن مفهوم قطاع الأمن الوطني للإرهاب، وما يسمى بمخاطر الإعلام الموجه وغيرها من القضايا وثيقة الصلة بمهام القطاع الجديد، والتي كانت ضمن مهام الجهاز السابق لمباحث أمن الدولة؟
جدير بالذكر أن اللواء حامد عبد الله رئيس قطاع الأمن الوطني، قد وعد قبل بدء مناقشات المنتدى بالاستجابة لاقتراح مركز القاهرة بعقد اجتماع خاص مع منظمات حقوق الإنسان حول سياسات وأهداف قطاع الأمن الوطني.
Share this Post