قررت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، قبول شكلًا الدعوى المقامة ضد جمهورية السودان والتي تتضمن حالات إخلاء قسرية، وتعويضات غير ملائمة، وقمع الاحتجاجات التي اندلعت أثناء بناء سديّ مروي وكجبار شمالي السودان. وعلى المدعين الآن تقديم ما يلزم من قرائن للشق الموضوعي للقضية.
كانت عملية إنشاء سد مروي قد بدأت في 2003 واكتملت في 2009، دون أي تشاور مسبق مع القادة المنتخبين لتمثيل المجتمعات المتضررة، وهو ما أسفر كما هو مزعوم عن التهجير والإخلاء القسري لأكثر من 50 ألف من الأهالي (معظمهم من جماعات العامري، والحامداب، والمناصير). كذلك أسفرت الاحتجاجات التي خرجت ضد إنشاء السد عن مقتل، كما هو مزعوم، ثلاثة على الأقل من المتظاهرين السلميين، وإصابة أربعين آخرين على يد ميليشيات مسلحة في حضور الشرطة.
أما بناء سد كجبار، فقد بدأ عام 2005، دون تشاور مع المجتمعات المحلية المتضررة أيضًا. وفي يونيو 2007، فتحت القوات السودانية نيران مكثفة على مسيرة احتجاجية خرجت لمناهضة بناء السد، وهو ما أسفر عن مقتل أربعة، وجرح أكثر من خمسة عشر آخرين، وإلقاء القبض على ستة وعشرين شخصًا ظلوا رهن الاحتجاز عدة أسابيع، من بينهم صحفيين كانوا يقومون بالتغطية الإعلامية للاحتجاج. وبرغم توقف بناء سد كجبار من عدد سنوات مضت، فإنه في حالة مواصلة بنائه، سيتسبب في غرق، كما هو مقدر، تسعين قرية، وتهجير 10 آلاف من الماه (إحدى الجماعات النوبية الأصلية)، وتدمير 500 موقعٍ أثريّ.
في كلتا الحادثتين، لم تتم إلى يومنا هذا محاكمة أي من مرتكبي الهجمات، وذلك في انتهاك لمسئولية الدولة في التحقيق معهم ومقاضاتهم ومعاقبتهم.
وقد رفعت هذه الدعوى، رقم (452/13)، من قبل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز القانون والعدالة والمجتمع (Dejusticia) أمام اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، نيابة عن اثنين من المواطنين السودانيين المنتمين إلى المجتمعات المحلية المتضررة، ومجمل الأهالي المتضررين بصورة أو بأخرى من بناء السدين. وقررت اللجنة الأفريقية في يوليو 2013 النظر في المسألة، معلنة قبول الدعوى شكلًا في جلستها التاسعة عشرة الاستثنائية في فبراير 2016، وذلك بعد استعراض الوثائق والتقارير المقدمة من أصحاب الدعوى والحكومة السودانية. يعني قبول الدعوى شكلًا أنها استوفت كافة الشروط اللازمة لإقامة دعوى أمام اللجنة الأفريقية (الواردة في المادة 56 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب). وسوف تشرع اللجنة في نظر القضية من حيث أسسها الموضوعية، وذلك عن الطريق النظر في مدى امتثال الحكومة السودانية لالتزاماتها الخاصة بحقوق الإنسان بموجب الميثاق الأفريقي فيما يتعلق بوقائع الدعوى.
تعتبر اللجنة الأفريقية هيئة شبه قضائية، تعزز حقوق الإنسان وتحميها في أفريقيا عبر الإشراف على تنفيذ الميثاق الأفريقي وتفسيره، وهو الميثاق الذي صادقت عليه 53 دولة أفريقية، من بينها السودان.
Share this Post