بعد وفاة مصطفى قاسم وآخرين في السجون المصرية
تعرب المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه عن قلقها البالغ إزاء تصاعد أعداد الوفيات داخل السجون المصرية منذ مطلع العام الجاري، وذلك نتيجة استمرار سياسة الحرمان من الرعاية الصحية وتفاقم الإهمال الطبي للمرضى وكبار السن والتعنت البالغ في رفض دخول الأغطية والملابس الثقيلة في هذا البرد القارص، فضلاً عن الممارسات غير الإنسانية والمعاملة الحاطة للكرامة والتعذيب مما يدفع المحتجزين للإضراب عن الطعام احتجاجًا، في محاولة أخيرة لرفع القليل من الظلم عن كاهلهم، على نحو يعرض حياة الكثير منهم للخطر.
وتؤكد المنظمات أن وفاة 3 محتجزين على الأقل في أسبوع واحد في 3 سجون مختلفة يدق ناقوس الخطر بشأن مئات من المحتجزين لا تصل استغاثتهم للعالم الخارجي، ينتظرون مصير مشابه، طالما يقيت السجون المصرية بمعزل عن الرقابة الحقيقية. وفي ذلك تجدد المنظمات الموقعة مطلبها للجنة الدولية للصليب الأحمر بتفقد أوضاع السجون في مصر، فضلاً عن السماح للمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية المتخصصة بزيارة جميع أماكن الاحتجاز. كما تطالب بالسماح لخبراء الأمم المتحدة وخاصة المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب، بزيارة مصر، وتشكيل آلية وقائية وطنية من منظمات حقوقية مستقلة تتولى تنظيم زيارات غير معلنة لأماكن الاحتجاز لبيان أوضاعها.
ففي مساء الإثنين 13 يناير الجاري توفى بسجن ليمان طرة مصطفى قاسم (المصري الأمريكي) والمحكوم عليه بالسجن 15 عامًا في القضية المعروفة اعلامياً بـ “فض رابعة”. كان قاسم يعاني من مرض السكر وتدهورت حالته الصحية عقب دخوله في إضراب عن الطعام احتجاجًا على الأوضاع المتردية لمحبسه، نقل على إثره لمستشفى المنيل قبل وفاته بيومين. وكان نائب الرئيس الامريكي مايك بنس قد طالب الرئيس المصري في وقت سابق بالإفراج عنه، بينما أعرب مساعد وزير الخارجية الأمريكي ديفيد شينكر عن قلقه بشأن وفاته، مؤكدًا مخاوف الحكومة الأمريكية المستمرة بشأن حالة حقوق الإنسان والمحتجزين في مصر.
وفي سجن برج العرب لاقى علاء الدين سعد (56 عامًا) حتفه في 8 يناير، نتيجة إصابته بنزلة برد حادة لم تنل العلاج المناسب. كان سعد رهن فترة عقوبة 15 عامًا منذ 2015، يعاني من غياب وسائل التدفئة الملائمة والأغطية والملابس الشتوية الثقيلة داخل السجن، فضلاً عن مشاكل التهوية في الزنازين.
وفي 4 يناير أيضًا توفى محمود عبد المجيد محمود صالح (46 عامًا) في محبسه بسجن العقرب نتيجة الإهمال الطبي والحرمان من العلاج. الأمر الذي دفع عدد من معتقلي سجن العقرب في 7 يناير للإعلان في بيان لهم دخولهم في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجًا على حرمانهم من التريض والتعرض للشمس، واتباع سياسة التجويع وتجريد الزنازين من احتياجاتهم الأساسية وخاصة الأغطية والملابس الثقيلة، مطالبين بتدخل المجتمع الدولي لحمايتهم من الموت في السجن.
وبالمثل في سجن القناطر للنساء، نشرت المحتجزات بيان استغاثة أعلن فيه دخولهن في إضراب جزئي عن الطعام احتجاجًا على الإهمال الطبي المتعمد لهن في السجن، والذي بسببه لاقت زميلتهن مريم سالم (32 عامًا) حتفها في 22 ديسمبر الماضي. البيان طالب بفتح تحقيق في واقعة وفاة مريم سالم وإقالة طبيب السجن المتسبب في ذلك، فضلاً عن المطالبة بتوفير أطباء أكفاء في مستشفى السجن وتوفير الرعاية الصحية اللازمة للمسجونات.
المصير نفسه يهدد مئات المحتجزين والمحتجزات بالسجون المصرية، فقد سبق وحذرت منظمات حقوقية من الإهمال الطبي المتعمد لرئيس حزب مصر القوية عبدالمنعم ابو الفتوح (68 عامًا) المحبوس انفراديًا منذ فبراير 2018، والذي يعاني من مشاكل ضخمة في التنفس تسببت في تعرضه لأكثر من 6 ذبحات صدرية في محبسه الانفرادي، بالإضافة إلي آلام في المعدة ومشاكل في الظهر. كما يعاني المدافع عن حقوق الإنسان ابراهيم متولي والمحتجز منذ 10 سبتمبر 2017، من إهمال طبي متعمد يهدد حياته رغم العديد من المطالبات المحلية والدولية بتوفير الرعاية الصحية له. كما تفيد التقارير بتدهور الحالة الصحية للصحفية والناشطة إسراء عبد الفتاح نتيجة إضرابها المتكرر عن الطعام بسبب تعنت النيابة في عدم إثبات ما تعرضت له من تعذيب اثناء القبض عليها وخلال فترة احتجازها.
في هذا السياق تحذر المنظمات الموقعة أيضا من تدهور الحالة الصحية والسلامة الجسدية للمحامي الحقوقي محمد الباقر والناشط والمدون السياسي علاء عبد الفتاح المحتجزان حاليًا بسجن طرة شديد الحراسة (سجن العقرب سيئ السمعة) لأكثر من 100 يومًا. وتطالب بفتح تحقيق فوري حول ما تعرضا له- وغيرهم في السجون المصرية- من تعذيب وسوء معاملة داخل السجن والتعنت المفرط في حرمانهم من أبسط احتياجاتهم الإنسانية. فمنذ وصول عبد الفتاح والباقر للسجن تعرضا لأبشع أنواع التنكيل، بداية من عصب الأعين والتجريد من الملابس والاعتداء بالضرب. كما عانى محمد الباقر من معاملة مهينة محتجزًا في غرفة اسمنتية بلا تهوية، لمدة تسعة أيام بالملابس نفسها، نائمًا على الأرض بلا أغطية، مما أسفر عن إصابته بآلام مبرحة في الظهر والكتف، والتهابات جلدية، وأملاح زائدة بالكلى نظرًا لحرمانه من المياه النظيفة. ومنعت إدارة السجن كلاهما من التريض والتعرض للشمس مما تسبب في إصابتهما بآلام بالمفاصل نتيجة الرطوبة الشديدة والبرد القارص وعدم الحركة. ناهيك عن التعسف الشديد فيما يتعلق بالزيارات والحيلولة دون إمدادهم باحتياجاتهم البسيطة من ملابس ثقيلة وأغطية أو أدوية أو طعام وشراب نظيف.
جدير بالذكر أنه بحسب تقرير حقوقي مشترك نشر نهاية العام الماضي، توفي 449 سجينًا في أماكن الاحتجاز خلال الفترة ما بين يونية 2014 وحتى نهاية 2018، وقد ارتفع هذا العدد ليصل 917 سجينًا ( في الفترة بين يونية 2013 وحتى نوفمبر 2019 ) بزيادة مفرطة خلال عام 2019، بحسب أخر تحديث حقوقي، بينهم 677 نتيجة الإهمال الطبي، و136 نتيجة التعذيب.
المنظمات الموقعة
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان
- مبادرة الحرية
- مركز النديم
- مركز بلادي للحقوق والحريات
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- كوميتي فور جيستس
Share this Post