في إطار الإعداد للجلسة الـ 46 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والتي بدأت فعاليتها في 22 فبراير وتستمر حتى 23 مارس 2021، قدم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان مطلع الشهر الجاري مداخلتين كتابيتين للمجلس، بشأن أوضاع حقوق الإنسان في كل من اليمن وسوريا.
المداخلة الأولى بشأن اليمن، ركزت بالأساس على أهمية المساءلة الدولية عن الجرائم الخطيرة المرتكبة في اليمن، وضمان تعويض وإنصاف الضحايا من اليمنيين عما لحق بهم على مدى سنوات من النزاع.
في هذه المداخلة دعا مركز القاهرة ومنظمة مواطنة لحقوق الإنسان الدول الأعضاء بالأمم المتحدة لتبني توصيات فريق الخبراء البارزين بشأن اليمن بشكل عاجل، بما في ذلك من خلال تشكيل آليات دولية تهدف لضمان المساءلة الجنائية عن الجرائم الدولية المرتكبة في اليمن. كما أكدت المداخلة على ضرورة السعي لاتخاذ خطوات ملموسة من أجل معالجة الفجوة شديدة الخطورة في مجال المساءلة، وتقديم جدول أعمال شامل ذو مصداقية لضمان المساءلة وجبر الضرر بما في ذلك التعويضات في اليمن.
دعت المداخلة الدول الأعضاء لمواصلة دعمها لفريق الخبراء البارزين وتوفير موارد كافية ليواصل عمله في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي في اليمن، وتقديم التقارير بشأنها لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. كما أوصت فريق الخبراء بتشكيل هيئة تحقيق مستقلة بشأن اليمن، على غرار الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التي تساعد في التحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسئولين عن أخطر الجرائم المرتكبة بموجب القانون الدولي.
المداخلة الكتابية الثانية والخاصة بسوريا، قدمها مركز القاهرة وشركاؤه معتبرًا أن إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير وأماكن المختفين قسرًا في سوريا، هو أولوية ملحة ليس فقط بالنسبة للعائلات السورية والناجين من الاحتجاز، وإنما بشأن دور المجلس في تحقيق العدالة والمساءلة وإنصاف الضحايا وعائلاتهم.
المداخلة استعرضت أمثلة حديثة لتفشي جرائم اعتقال وتعذيب عشرات الآلاف من السوريين، مدللة على استمرار الإفلات من العقاب على الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري. وبناء عليه طالبت المداخلة بوضع حد للانتهاكات في مراكز الاحتجاز السورية، وإلزام الحكومة السورية وسلطات الأمر الواقع الأخرى، بالوفاء بالتزاماتها بشأن حق عائلات المختفين في معرفة مصير ذويهم، وإطلاق سراح المدنيين، ووصول المنظمات الإنسانية لجميع أماكن الاحتجاز. كما أكدت المداخلة على ضرورة أن تتضمن أي جهود سياسية نهجًا يركز على الناجين، يهدف إلى الوفاء بحقوق الضحايا في الحقيقة والعدالة. كما طالبت المداخلة أيضًا بدعم لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان والنظر في تشكيل آلية دولية مستقلة للتحقيق في المعلومات المتعلقة بالمعتقلين والمختفين.
هذه المداخلة قدمها مركز القاهرة بالتعاون مع جمعية المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا، ورابطة عائلات قيصر، وائتلاف أهالي المختطفين من قبل الدولة الإسلامية (مسار)، وعائلات من أجل الحرية، وحملة تعافي.
مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة: الجلسة الـ 46
22 فبراير- 19 مارس 2021
البند 2: التقرير السنوي للمفوضة السامية لحقوق الإنسان، وتقرير مكتب المفوضية والأمين العام
مداخلة مكتوبة: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
تلقى الأمين العام المداخلة المكتوبة أدناه، والتي جرى توزيعها وفقًا لقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 1996/31
من أجل وقف الدمار الإنساني في اليمن حان الوقت لأن تضمن الأمم المتحدة المحاسبة والتعويضات عن جرائم حقوق الإنسان
1- الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان
لما يزيد عن 6 أعوام، شاهد العالم الحرب وهي تمزق أوصال اليمن وتدمر شعبه. وقد أسفر الإفلات من العقاب على جرائم الحرب وغيرها من انتهاكات القانون الدولي، إلى تأجيج النزاع، وخلق “أكبر كارثة إنسانية من صُنع الإنسان”[1].
في 2020، واصلت الأطراف المتحاربة في اليمن اعتداءها الواسع على حقوق الإنسان في اليمن، بما في ذلك قتل وجرح المدنيين، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري والتعذيب. كما عرقلت الأطراف المتحاربة وصول المساعدات الإنسانية، وجندت الأطفال واستغلتهم، واحتلت المدارس والمستشفيات، وهاجمت العاملين في مجال الرعاية الصحية والإغاثة الإنسانية.
شهدت جميع أنحاء البلاد انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، من قِبَل جميع الأطراف المتحاربة، بما في ذلك جماعة أنصار الله (الحوثي)، والتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، وقوات حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليًا، والجماعات المسلحة الموالية لها، والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات.
إن الهجوم على ميناء عدن الدولي في 30 ديسمبر 2020، والذي تم بالتزامن مع وصول الحكومة الموحدة الجديدة المشكلة في ديسمبر 2020، بعد تقاسم السلطة بين الحكومة المعترف بها والمجلس الانتقالي الجنوبي، يأتي ضمن قائمة طويلة ومتنامية من المآسي التي تؤكد الحاجة الماسة لوضع حد للإفلات من العقاب، وضمان محاسبة الجناة وتعويض الضحايا. هذا الهجوم الذي أسفر عن مقتل 22 شخصًا وإصابة العشرات، بمن فيهم موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر والصحفيين[2]، وصفه المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن امارتن جريفيث بأنه “انتهاك بهذا الحجم يحتمل أن يصل حد جريمة حرب”.[3].
مع مستهل عام 2021، تواصل الأطراف المتحاربة ارتكاب انتهاكات جسيمة، ويرتهن مصير الملايين جزئيًا، بمدى الاستجابة للنداءات الأخيرة لفريق الخبراء البارزين الأمميين بشأن اليمن، وتحرك المجتمع الدولي وشروعه في اتخاذ الخطوات المناسبة لمعالجة “جائحة الإفلات من العقاب”.
2– ضمان المحاسبة الجنائية على الجرائم الدولية المرتكبة في اليمن
في تقريره السنوي الثالث لمجلس حقوق الإنسان[4]، قال فريق الخبراء البارزين أنه يؤيد “تشكيل لجنة تحقيق تركز على الناحية الجنائية […] لإجراء مزيد من التحقيقات وإعداد ملفات القضايا لمشاركتها مع سلطات الادعاء ذات الصلة”. كما أوصى الخبراء مجلس الأمن بإحالة الوضع في اليمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، وشجعوا الدول الأعضاء على التعاون، وإجراء محاكمات في إطار الولاية القضائية العالمية عند الاقتضاء.
وعلى المدى الطويل، شجع الفريق مزيدًا من الحوار حول تشكيل محكمة خاصة مثل “محكمة مختلطة” لمقاضاة الأشخاص الأكثر مسئولية. كما أكد فريق الخبراء على أهمية حق الضحايا في جبر الضرر، والحصول على تعويضات.
تدعو المنظمات الموقعة أدناه، الأمم المتحدة والدول الأعضاء إلى تبني توصيات فريق الخبراء البارزين بشكل عاجل، بما في ذلك من خلال تشكيل آليات دولية تهدف لضمان المحاسبة الجنائية عن الجرائم الدولية المرتكبة في اليمن. هذا بالإضافة إلى السعي لاتخاذ خطوات ملموسة من أجل معالجة الفجوة شديدة الخطورة في مجال المحاسبة، بما في ذلك تقديم جدول أعمال شامل وذا مصداقية لضمان المحاسبة وجبر الضرر في اليمن، ومواصلة الدول دعمها لفريق الخبراء البارزين، بما في ذلك توفير موارد كافية ليواصل عمله في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي في اليمن، وتقديم التقارير بشأنها إلى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.
*منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية لا تتمتع بالوضع الاستشاري، تشارك الآراء الواردة في هذه المداخلة.
[1] نظرة عامة على الأزمات، مكتب تنسيق الشئون الإنسانية، متاح على الرابط التالي: https://www.unocha.org/yemen/crisis-overview#:~:text=Four%20years%20of%20relentless%20conflict,humanitarian%20crisis%20in%20the%20world.[2] تصريح للجنة حماية الصحفيين (الشرق الأوسط) على موقع تويتر، متاح على الرابط التالي: https://twitter.com/CPJMENA/status/1344345603858456578.
[3] بيان صحفي صادر عن مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، بشأن مكالمة المبعوث الخاص مع وزير الخارجية اليمني (31 ديسمبر 2020)، متاح على الرابط التالي: https://osesgy.unmissions.org/press-release-un-special-envoy%E2%80%99s-call-yemen%E2%80%99s-foreign-minister.
[4] تقرير فريق الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين بشأن اليمن (28 سبتمبر 2020)، متاح على الرابط التالي: https://www.ohchr.org/Documents/HRBodies/HRCouncil/GEE-Yemen/2020-09-09-report.pdf.
22 فبراير- 19 مارس 2021
البند 4 من جدول الأعمال: حالات حقوق الإنسان التي تتطلب انتباه المجلس
مداخلة مكتوبة: مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
تلقى الأمين العام المداخلة المكتوبة أدناه، والتي جرى توزيعها وفقًا لقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي 1996/31
من أجل السعي للوصول للحقيقة وتحقيق العدالة للسوريين المعتقلين والمختفين
بعد 10 سنوات من النزاع في سوريا، وفي سياق جائحة كوفيد-19، يظل إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير وأماكن المختفين، هو الأولوية الأكثر إلحاحًا بالنسبة للعائلات السورية والناجين من الاحتجاز. ومع ذلك، لم يتم أي إنجاز على المستوى الدولي؛ للوصول للحقيقة وتحقيق العدالة للضحايا وعائلاتهم. لذا فإن المقاربة المرتكزة على الناجين وعائلات المعتقلين والمختفين في سوريا، ضرورية لضمان منح الأولوية لأصوات الضحايا والوفاء بمطالبهم وحقوقهم.
- تفشي اعتقال وتعذيب عشرات الآلاف من السوريين
على مدى عقود، عانت سوريا من جرائم الاعتقال التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري. وحتى قبل اندلاع النزاع، كانت الحكومة السورية في عهد حافظ الأسد وابنه بشار الأسد، تستخدم الإخفاء القسري للمعارضين السياسيين كأداة راسخة للسيطرة على السكان المدنيين. ومنذ عام 2011، صعّدت الحكومة السورية من توظيف هذه الأداة، وشنّت حملة منهجية واسعة النطاق من الاعتقال التعسفي، استهدفت المدنيين والمعارضين السياسيين وأي شخص يُعتقد انتمائه للمعارضة، الأمر الذي يصل حد الجرائم ضد الإنسانية، فضلاً عن الإبادة والاغتصاب والقتل والتعذيب والإخفاء القسري وغير ذلك من الأفعال اللا إنسانية.
في مطلع 2014، تم تهريب مجموعة من الصور خارج سوريا، من خلال منشق عسكري أُطلق عليه اسم “قيصر”، تم التقاطها بين مايو 2011 وأغسطس 2013. الصور التي كانت لجثث هزيلة وعليها آثار التعذيب حظيت باهتمام الجمهور، إذ أظهرت حجم التعذيب الذي ترعاه الدولة بقدر وافر من التفاصيل. ولاحقًا تم اعتبار الأشخاص الموجودين في الصور ضحايا للتعذيب أثناء الاحتجاز لدى الحكومة السورية. وقد بلغ عدد الأشخاص الذين تم تعذيبهم حتى الموت بوساطة الحكومة حتى الآن عشرات الآلاف، ولا يزال مئات الآلاف من الأشخاص محتجزين في سجون تديرها الحكومة السورية.
بحلول 2021، لا يزال الاعتقال التعسفي التحدي الأكثر إلحاحًا في مجال حقوق الإنسان في سوريا، فضلاً عن العديد من الأشخاص الذين تعرضوا للاعتقال، أعقاب عودتهم للمناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، أو بعد إعادتهم قسرًا وترحيلهم لسوريا من البلدان التي لجأوا إليها، ولا يزال عشرات الآلاف في عداد المفقودين، لا تملك عائلاتهم أية وسيلة لمعرفة الحقيقة بشأن مصيرهم. وفي كثير من الوقائع يكون السبيل الوحيد للحصول على معلومات؛ هو تقديم رشاوي ضخمة لمسئولي الأمن، إذ باتت تلك الرشاوي أحد أهم أشكال تمويل الحكومة السورية.
في أجزاء أخرى من سوريا، تسيطر المجموعات المسلحة على الأرض، وقد احتجزت تلك المجموعات أيضًا العديد من المدنيين. كما أسست الدولة الإسلامية في العراق وسوريا مراكز اعتقال في العديد من المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث يعاني المعتقلون من انتهاكات جسيمة تصل حد الجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك التعذيب، والإعدام بإجراءات موجزة، والقتل، والإخفاء القسري. وبالإشارة إلى صعوبة تقدير العدد الحقيقي لهؤلاء الضحايا، فقد تم توثيق اختفاء الآلاف.
ورغم هذه الجرائم، وعدد الضحايا الضخم الذين نالهم الضرر؛ تُركت عائلات المفقودين في سوريا وحدها تبحث عن ذويها في خطٍر جسيم. وبعد 10 سنوات، أخفقت الحكومة السورية وجماعات المعارضة المسلحة، والدول ذات النفوذ الأكبر على كلاً منهما – روسيا وتركيا وإيران والولايات المتحدة – في اتخاذ أية إجراءات لمساعدة أقارب المفقودين والمختفين في معرفة مصير وأماكن ذويهم.
- استمرار الإفلات من العقاب على الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري
حتى اليوم، أخفقت الحكومة السورية في الكشف عن مصير وأسماء ومواقع الأشخاص المعتقلين تعسفيًا والمختفين بوساطة قوات الأمن السورية. وفي صيف عام 2018، أصدرت الحكومة السورية بعض شهادات الوفاة، وحدثت بيانات السجلات المدنية، بتغيير حالة الأشخاص من “مختفين” إلى “متوفين” لأسباب طبيعية؛ الأمر الذي حرم عائلاتهم من الحق في معرفة الظروف الحقيقية لوفاة ذويهم ومكان رفاتهم، على النحو المشار إليه في الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. وبإصدار شهادات الوفاة، حاولت الحكومة السورية إغلاق النقاش حول المختفين وتعليق الدعوات بالكشف عن مصيرهم، لكنها أخفقت في الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي سواء إزاء المعتقلين أو عائلاتهم.
أما في حالة تنظيم الدولة الإسلامية، فتظل مطالب العائلات مهملة. ففي أعقاب خسارة تنظيم الدولة الإسلامية للأراضي الواقعة تحت سيطرته، استطاعت سلطة الأمر الواقع العسكرية، مثل قوات سوريا الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطية، بسط سلطتها المدنية، (مدعومة من التحالف العالمي لهزيمة الدولة الإسلامية بقيادة الولايات المتحدة) والوصول إلى أدلة، بما في ذلك المقابر الجماعية ومراكز الاعتقال السابقة وأعضاء سابقين في تنظيم الدولة الإسلامية، ولكنها أخفقت في الوفاء بمسئولياتها إزاء العثور على المختفين، كما فشلت في التعاون مع عائلات المختفين.
تعرضت عائلات المختفين للتهميش من قِبل المجتمع الدولي. ففي إطار الجهود الدولية لحل الأزمة السورية، تم تجاهل إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصير وأماكن المختفين. فعلى سبيل المثال، شهدت محادثات أستانة بين المعارضة السورية والحكومة السورية، برعاية إيران وروسيا وتركيا، محاولات لاحتكار الجهود بشأن المعتقلين والمختفين؛ عبر تشكيل مجموعة عمل معنية بالقضية. وقد عارضت العائلات مجموعة عمل أستانة؛ لأنها لم تُستشار أو يتم إبلاغها بشأن المجموعة. علاوة على ذلك، ركزت مجموعة العكل على تبادل السجناء بين الأطراف المتحاربة، بدلاً من إطلاق السراح أحادي الجانب للمدنيين المعتقلين، مع منح الأولوية لمصالح الأطراف المتحاربة على حساب حقوق ومطالب العائلات.
نتيجة لذلك، احتشدت العائلات السورية مع الناجين من الاعتقال، وشكلوا تحالفهم الخاص من أجل تعزيز مشاركتهم في جهود صنع القرار، فيما يتعلق بالمعتقلين والمختفين في سوريا؛ ودفع مطالبهم من أجل الحقيقة والعدالة، وضمان أن تحظى حقوقهم بالأولوية في مركز المفاوضات السياسية والعسكرية، وأي حل يركز على ضحايا النزاع.
وخلال العام الماضي، طورت كل من جمعية المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا، ورابطة عائلات قيصر، وائتلاف أهالي المختطفين من قبل الدولة الإسلامية (مسار)، وعائلات من أجل الحرية، وحملة “تعافي”، رؤية شاملة للحقيقة والعدالة في سوريا، تتمحور حول الناجين، إذ وضعت أصوات ومطالب الناجين والضحايا وعائلاتهم في قوام الحقيقة والعدالة- كأساس لأي حل سياسي مستدام في سوريا. وتُشكل أولويات الحقيقة والعدالة، والمبادئ التوجيهية بشأن مشاركة الضحايا في عملية صنع قرار، خارطة الطريق المرجوة للتوصل لحل سياسي للصراع تحظى أصوات الناجين السوريين وعائلاته بدور مركزي في صياغته.
- خلاصة وتوصيات
كما أكد مؤخرًا المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار في رسالته إلى سوريا، “أن الفشل في تضمين مفاوضات السلام تدابير تهدف لمعالجة تلك الانتهاكات وتعزز الوصول إلى الحقيقة والعدالة وجبر الضرر وضمانات عدم التكرار؛ يتعارض مع المعايير الدولية ويخاطر بتقويض جهود بناء السلام وإنجاز سلام مستدام”.
وفي ضوء ما ورد آنفًا، فإن منظماتنا تحث الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان على:
- الدعوة إلى وضع حد للانتهاكات في مراكز الاحتجاز السورية، ومطالبة الحكومة السورية وسلطات الأمر الواقع الأخرى، الوفاء بالتزاماتها بشأن حق عائلات المختفين في معرفة مصير ذويهم، بما في ذلك إطلاق سراح المدنيين ووصول المنظمات الإنسانية لجميع أماكن الاحتجاز؛
- ضمان أن أي جهود سياسية، حالية ومستقبلية، فيما يتعلق بالنزاع السوري، تعتمد نهجًا يركز على الناجين وتهدف إلى الوفاء بحقوق الضحايا في الحقيقة والعدالة؛
- المطالبة بإنهاء احتكار مسار أستانة لقضية الإفراج عن المعتقلين، وكشف الحقيقة بشأن المختفين، والمطالبة بعدم خضوع إطلاق سراح المعتقلين والكشف عن مصيرهم لمفاوضات سياسية بين أطراف النزاع؛
- دعم لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية، للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، والتصويت لصالح تجديد ولايتها في الجلسة الـ 46 لمجلس حقوق الإنسان؛
- النظر في تشكيل آلية دولية مستقلة للتحقيق في المعلومات المتعلقة بالمعتقلين والمختفين؛ بهدف الكشف عن مصيرهم وأماكن تواجدهم، وضمان المحاسبة والإنصاف للضحايا وعائلاتهم في الحالات التي تشهد انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
*جمعية المعتقلين والمفقودين في سجن صيدنايا، ورابطة عائلات قيصر، وائتلاف أهالي المختطفين من قبل الدولة الإسلامية (مسار)، وعائلات من أجل الحرية، وحملة تعافي، وهي منظمات غير حكومية لا تتمتع بالوضع الاستشاري، تشارك الآراء الواردة في هذه المداخلة.
Share this Post