نظّم ائتلاف المنصة الليبية، ومنبر المرأة الليبية من أجل السلام ومركز مدافع لحقوق الإنسان، بدعم من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، يوم الأربعاء 3 نوفمبر 2021، ندوة إلكترونية بعنوان “احترام حرية تكوين الجمعيات: ضامن أساسي للانتقال الديمقراطي في ليبيا”. سلّطت الندوة الضوء على القيود المتصاعدة على حرية تكوين الجمعيات في ليبيا، من خلال المراسيم التنفيذية غير المشروعة التي تُعرض المجتمع المدني الليبي والدولي لخطر الانتقام من الجماعات المسلحة التابعة للدولة، بالإضافة إلى تقييد عملها.
وتأتي هذه الندوة ضمن حملة أوسع، لائتلاف المنصة الليبية، للدفاع عن حرية تكوين الجمعيات، بما في ذلك تقديم شكوى قانونية ضد المرسوم 286 المنظم للمجتمع المدني وإعداد مشروع قانون بشأن حرية تكوين الجمعيات.
استضافت الندوة، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، كليمان نيالتسوسي فول، والمحامية الحقوقية الليبية عزة المقهور العضوة السابقة في المجلس الليبي لحقوق الإنسان، والحقوقية فدوى كامل عضوة المنظمة الليبية للإعلام المستقل. وأدار النقاش مروان الطشاني الخبير القانوني والباحث.
شارك بالحضور في الندوة عدد من ممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والسفارات المحلية والمؤسسات الأوروبية والأكاديميين والمنظمات الدولية، بالإضافة إلى المدير التنفيذي لمفوضية المجتمع المدني في بنغازي إبراهيم المقصبي، وعضوة مجلس النواب الدكتورة ربيعة أبو راس، التي أعربت عن دعمها لمشروع القانون الذي أعده ائتلاف المنصة الليبية والتزمت بالضغط من أجل اعتماده. وحثت المنظمات الليبية على تنظيم المزيد من الاجتماعات مع أعضاء آخرين في مجلس النواب لضمان تبنيهم للمقترح.
بدايةً، أشار المقرر الخاص للأمم المتحدة، إلى الوضع غير المستقر للمجتمع المدني الليبي. فعلى الرغم من النتائج الإيجابية لانتفاضة فبراير 2011، إلا أن السلطات الليبية فشلت منذ ذلك الحين في حماية المجتمع المدني، الذي تعرض للقمع من قبل الجماعات المسلحة التابعة للدولة التي تتمتع بالإفلات من العقاب، والذي أجبر على الخضوع للوائح صارمة، حسب فول. بينما أوضحت المحامية عزة المقهور أن هذه اللوائح التنفيذية الصارمة، مثل المرسوم 286 تنتهك المادة 15 من الإعلان الدستوري الليبي لعام 2011، الذي يضمن حرية تكوين الأحزاب والجمعيات السياسية. وأشارت إلى أن القانون رقم 19 لسنة 2001 بشأن إعادة تنظيم الجمعيات الأهلية، يعد قانون شديد القسوة، يمنح السلطات والأجهزة الأمنية شيكًا على بياض للتحكم في أي نشاط للمجتمع المدني. ورغم ذلك، ترفض السلطات الليبية مبادرات المجتمع المدني لصياغة إطار قانوني جديد لحرية تكوين الجمعيات بما يتماشى مع العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وفي السياق نفسه، تطرقت الحقوقية فدوى كامل، للإطار القانوني الناظم لحرية تكوين الجمعيات في ليبيا باعتباره أحد أبرز تحديات التمتع بالحق في حرية التنظيم، مشيرًة إلى أن الهيئات التنفيذية قد تولت بشكل غير قانوني تنظيم المجتمع المدني بعد عام 2011، مما زاد من تقييد الفضاء المدني. كما تسبب التفتت السياسي، ونقص المعرفة بالمعايير الدولية لحرية تكوين الجمعيات، وعدم القدرة على تنظيم الأنشطة دون موافقة مسبقة، بالإضافة إلى الانتهاكات مثل الاختفاء القسري والمحاكمات العسكرية، في تقويض قدرة المجتمع المدني المستقل.
وفيما يتعلق باللوائح التنفيذية، علق المقرر الخاص باستفاضة على مشروع لائحة المجتمع المدني التي اقترحتها حكومة الوحدة الوطنية في يوليو 2021، مشيرًا إلى أن اللائحة أعادت التأكيد فقط على العديد من القيود المفروضة بموجب المرسوم 286. كما سلط الخبير الأممي الضوء على السلطات الشاملة الممنوحة للسلطات التنفيذية والإدارية لمراقبة تسجيل وحل وتمويل وأنشطة منظمات المجتمع المدني، دون مراجعة قضائية. ووفقاً للمقرر الخاص، فإن أحكام اللوائح الجديدة مرهقة وواسعة للغاية وتحاول السيطرة على المجتمع المدني المستقل. وقد دعا نيالتسوسي فول الحكومة الليبية إلى مراجعة هذا النظام بما يتماشى مع المعايير الدولية، كما شدد على أهمية اعتماد قانون جديد للمجتمع المدني.
ختامًا، ذكّر المقرر الخاص السلطات الليبية بأن المشاركة الكاملة والمفتوحة مع المجتمع المدني أمر بالغ الأهمية لضمان عملية انتقالية شاملة، في حين أن القيود الحالية تؤدي إلى نتائج عكسية، فهي تتدخل بشكل خاص في العمل الإنساني والتنموي بالإضافة إلى التعدي على حقوق الإنسان. وأعرب الخبير الأممي عن استعداده لمشاركة مخاوفه ومناقشة أهمية حرية تكوين الجمعيات مع السلطات الليبية، بما في ذلك من خلال زيارة قطرية.
Share this Post