أكثر من 60 مجموعة تحث الجمعية العامة بالأمم المتحدة على تشكيل آلية تحقيق جديدة بشأن اليمن
قالت اليوم، 2 ديسمبر/ كانون الثاني 2021، أكثر من 60 منظمة لحقوق الإنسان في بيان مشترك أنه ينبغي على الجمعية العامة أن تتحرك على وجه السرعة لتشكيل آلية تحقيق لجمع وحفظ الأدلة على الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان ولقوانين الحرب في اليمن، محذرة من أن التقاعس عن التحرك لن يكون فقط بمثابة دعم للإفلات من العقاب في اليمن، إنما سيعتبر ضوء أخضر لارتكاب مزيد من الانتهاكات وجرائم الحرب. أن ثمة حاجة ملحة لهذه الخطوة، في ظلّ إخفاق مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي في تجديد التفويض الممنوح لفريق الخبراء البارزين الذي أجرى على مدى أكثر من أربع سنوات تحقيقات في انتهاكات الحقوق وغيرها من انتهاكات القانون الدولي من جانب كافة أطراف النزاع في اليمن، ورفع تقارير حولها.
وبحسب بيان المنظمات الموجه اليوم للدول الـ193 الأعضاء بالجمعية العامة: “المعاناة التي تعرض لها المدنيون في اليمن تقتضي اتخاذ هذه الخطوة للتصدي للإفلات من العقاب في النزاع الدائر، وتوجيه تحذير واضح لمرتكبي الانتهاكات من جميع الأطراف بأنهم سيخضعون للمساءلة على جرائم الحرب وغيرها من الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.” لذا ينبغي على الدول الأعضاء استحداث آلية تحقيق دائمة جديدة تثبت للشعب اليمني أن الأمم المتحدة لن تغض الطرف عن معاناتهم، وأنها تدعم المساءلة الدولية عن الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحقهم.
جاء تصويت مجلس حقوق الإنسان نتيجة حملة مناصرة قوية ضد تقرير الخبراء من جانب المملكة العربية السعودية بدعم من الإمارات العربية المتحدة – قائدتا التحالف العسكري في نزاع اليمن – وغيرهما من الحلفاء.
واعتبرت المنظمات أن “المجتمع الدولي لا يستطيع الوقوف مكتوف اليدين، ويسمح بأن يكون ذلك التصويت الكلمة الفصل بشأن جهود المساءلة على الانتهاكات وجرائم الحرب في اليمن.” لذا حثت المنظمات الجمعية العامة للأمم المتحدة على تشكيل آلية مستقلة وحيادية للتحقيق في أخطر الانتهاكات والتعديات على القانون الدولي المرتكبة في اليمن، وإعداد تقرير علني حولها. وفي الوقت نفسه، جمع الأدلة والحفاظ عليها وإعداد الملفات لمقاضاة جنائية محتملة في المستقبل.
وأردفت المنظمات في بيانها بأن “مثل هذا التفويض مطلوب لضمان فضح الانتهاكات الخطيرة المرتكبة في اليمن – أمام العالم. ليس هذا فحسب، بل يمكن أيضًا استغلال المسارات المحتملة للمساءلة عن الجرائم المنصوص عليها بموجب القانون الدولي استغلالاً فعالاً في المستقبل للتصدي للإفلات من العقاب وضمان انتصاف فعال للضحايا”.
لقد ارتكبت كافة أطراف النزاع في اليمن انتهاكات واسعة النطاق وممنهجة، من ضمنها سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى بين صفوف المدنيين؛ فمنذ عام 2015، شن التحالف بقيادة السعودية والإمارات عشرات الضربات الجوية غير المشروعة التي أسفرت عن مقتل وجرح المدنيين وتدمير المنازل، والمستشفيات، والمدارس، والأسواق، وغيرها من البنى التحتية المدنية أو إلحاق أضرار بها، وسلّح التحالف وساند جماعات وميليشيات ارتكبت انتهاكات خطيرة. كما أطلقت قوات الحوثيين قذائف الهاون والقذائف الصاروخية وغيرها من الصواريخ عشوائياً على مناطق ذات كثافة سكانية، من بينها مدن في اليمن، وأطلقت صواريخ باليستية عشوائياً على مناطق آهلة بالسكان في السعودية. وعمدت الأطراف المتحاربة إلى منع المساعدات الإنسانية التي تُنقذ الأرواح من الوصول إلى الذين يحتاجونها. هذا السلوك الإجرامي لجميع أطراف النزاع أودى بحياة آلاف المدنيين وتسبّب في اليمن بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب نص البيان.
هذه لن تكون المرة الأولى التي تتخذ فيها الجمعية العامة إجراءً شجاعًا لمواجهة الانتهاكات واسعة النطاق والمتواصلة لحقوق الإنسان؛ ففي 2016 تم تشكيل آلية دولية محايدة ومستقلة لجمع وحفظ وتحليل الأدلة على الجرائم الأشد خطورة وفق تصنيف القانون الدولي المرتكبة في سوريا. وفي 2018، استحدث مجلس حقوق الإنسان آلية مشابهة لميانمار في أعقاب الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية المحتملة التي ارتُكبت ضد المسلمين الروهينغيا عام 2017.
وإدراكاً من عشرات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للحاجة الملحة للمساءلة في اليمن، سبق أن صرحت أنّ المجتمع الدولي يجب أن يرمي إلى “استكشاف فعّال للآليات البديلة” للمساءلة في اليمن. كما أكدت المنظمات الحقوقية مرارًا أنّ “الشعب اليمني بحاجة للعدالة. وتبدأ العدالة بالتحقيقات والمساءلة.”
لقد حان الوقت للتحرك.
يمكن الاطلاع والتوقيع على البيان المشترك هنا.
تعليقات من منظمات رائدة لحقوق الإنسان مؤيدة للبيان المشترك
أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: “لا نحتاج إلى معجزة لتشكيل آلية مماثلة، بل إلى الإرادة السياسية. ونطلب من الجمعية العامة أن تعزّز جهودها وتتخذ إجراءً الآن. إذا واصلت الدول غض الطرف، فلن نرى في الأفق نهاية لهذا النزاع الرهيب الذي تسبب بمعاناة لا توصف للرجال والنساء والأطفال في اليمن. وما برح اليمنيون يطرقون جميع الأبواب للمطالبة بالمساءلة والعدالة. والدول الأعضاء مدينة لهم بأن تسرع في اتخاذ هذه الخطوة – إذ أنّ رفاه الملايين بين أيديها”.
كينيث روث، المدير التنفيذي لـ هيومن رايتس ووتش: “لا يجوز أن يكون نجاح الحكومة السعودية في ليّ ذراع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإنهاء تدقيقه في سلوك السعوديين والحوثيين وسواهم في اليمن هو الكلمة الفصل؛ فطوال سنوات، أبدى جميع الأطراف المتنازعين في اليمن استهتاراً بلا شفقة بحقوق الإنسان وحياة البشر. ومن شأن الإفلات من العقاب أن يزيد الأمور سوءاً. ومن الملّح أن تصحح الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الخطوة الخطيرة إلى الوراء. وعليها تكوين فريق تحقيق لجمع الحقائق والإبلاغ عنها وجمع وحفظ الأدلة للمقاضاة في المستقبل”.
راضية المتوكل، رئيسة منظمة مواطنة لحقوق الإنسان: “ينبغي على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تتحرك الآن وتنشئ آلية لليمن. فإذا كان المجتمع الدولي جاداً في مساندة اليمن، يجب أن يكون إنهاء الإفلات من العقاب ودعم المساءلة أولى أولوياته. وينبغي مساءلة جميع الأطراف المتحاربة، ومن ضمنهم التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، والحوثيون على المعاناة التي عاشها المدنيون”.
بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: “إن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أمام خيارَيْن: إما أن ترضخ للضغط السعودي وتسمح لجميع أطراف النزاع – بمن فيهم الجماعات المسلحة الحوثية – بمواصلة ارتكاب الفظائع تلو الأخرى مع إفلات تام من العقاب، وإما أن تتخذ إجراءً لحماية الشعب اليمني وضمان المساءلة”.
سافيتا بوندي، المديرة التنفيذية للمركز العالمي للمسئولية عن الحماية: “ما زال يتفشى منذ أكثر من ست سنوات وباء الإفلات من العقاب على عدد لا يُحصى من الفظائع المرتكبة في اليمن. وقد فاقم إنهاء مهمة فريق الخبراء البارزين فجوة المساءلة هذه. وتتحمل الجمعية العامة للأمم المتحدة مسؤولية عن حماية الشعب اليمني، وعن التحرك الآن باتخاذ إجراء عاجل لإنشاء آلية مساءلة دائمة جديدة. ولن يصبح السلام ممكناً في اليمن إلا إذا سادت العدالة والمساءلة”.
Share this Post