في 10 مارس الجاري، نظم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بالتعاون مع 14 منظمة محلية وإقليمية ودولية ندوة إلكترونية على هامش فعاليات الجلسة الـ 49 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، تحت عنوان (إرهاب المدافعين عن حقوق الإنسان: مكافحة الإرهاب كأداة للقمع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا). تناول اللقاء الذي شاركت فيه مقررة الأمم المتحدة الخاصة بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب فيونوالا ني أولين وحضره ممثلو الدول والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، الاتجاه المثير للقلق لتوظيف تشريعات مكافحة الإرهاب كذريعة لقمع الحريات الأساسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تحديدًا في مصر، الجزائر، فلسطين والبحرين، وعواقبه بعيدة المدى على المجال العام وقدرة المجتمع المدني على ممارسة عمله. جاء ذلك من خال المداخلات الأربعة للمتحدثين فيه، والذين عرضوا تجربتهم الخاصة في هذا الصدد؛ الحقوقي المصري الفلسطيني رامي شعث المعتقل السابق بالسجون المصرية، وسحر فرنسيس، المديرة العامة لمؤسسة الضمير لدعم الأسير وحقوق الإنسان، وسيد الوداعي مدير المناصرة بمعهد البحرين للحقوق والديمقراطية، وجميلة الوكيل، الصحفية والناشطة الحقوقية الجزائرية. وأدارت الندوة ندى عوض مسئولة المناصرة الدولية بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
أظهر المتحدثون بوضوح كيف تواصل الحكومات استخدام مكافحة الإرهاب كأداة للقمع وتكميم الأفواه، وقدموا أمثلة من تجاربهم الشخصية على ذلك، مستعرضين انعكاسات إساءة استخدام مكافحة الإرهاب على حقوق الإنسان في البلدان الأربعة؛ وذلك لأن استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب الغامضة فضفاضة التعريف قد سهّل الوصم الخاطئ للعمل المستقل والمشروع في مجال حقوق الإنسان على أنه إرهاب، وتسبب في اعتقال عدد كبير من الأفراد على مر السنين، بما في ذلك المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء والصحفيين والمحامين.
وفي هذا الصدد، أكدت المقررة الخاصة فيونوالا ني أولين، أن إساءة استخدام قوانين الإرهاب للانتقام من المعارضين ليس قضية دولة بعينها وإنما مشكلة عالمية ضخمة، مشيرة إلى أن الأمثلة التي قدمها المتحدثون تبرهن على الاتجاهات الإقليمية والعالمية لإساءة استخدام مكافحة الإرهاب ضد المجتمع المدني، الأمر الذي يعني بالتبعية قطع الطريق على إمكانية الحل أو التغيير السلمي، موضحةً أن تجربتها من 2017 في هذا المجال أثبتت أن تصاعد إجراءات مكافحة الإرهاب من جانب الدول مؤخرًا ليس للقضاء على الإرهاب؛ وإنما للاستخدام بحق المدافعين عن حقوق الإنسان، والصحفيين، ومنظمات المجتمع المدني.
قدم المتحدثون توصيات محددة للحكومات والفاعلين الدوليين، تتضمن أهمية التعريف الدقيق لمكافحة الإرهاب، على النحو المعتمد في قرار مجلس الأمن رقم 1566، ومراعاة التعريف النموذجي للولاية، كما شددوا على ضرورة إلغاء القوانين واللوائح التي تجرم العمل للمجتمع المدني. وأجمع المتحدثون على أن الضغط الدولي ضروري لضمان الإفراج عن الأفراد المحتجزين بشكل تعسفي، وشددت المقررة الخاصة أن «احترام قوانين حقوق الإنسان الدولية يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع حماية أمننا».
كما خلص اللقاء لضرورة مخاطبة الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان من أجل إدانة إساءة استخدام الإرهاب في المنطقة، والدعوة لإسقاط جميع تهم الإرهاب التي لا أساس لها بحق المنظمات والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضة السياسية السلمية، مع الضغط بشكل استباقي للإفراج عن المحتجزين تعسفيًا بتهم الإرهاب. وعلى مستوى الأمم المتحدة، لا ينبغي إعطاء الحكومات التي تسيء استخدام مكافحة الإرهاب بشكل منهجي أدوارًا قيادية في إطار الأمم المتحدة، ومعارضة الجهود التي تبذلها هذه الدول لإضعاف المعايير الدولية لحقوق الإنسان في هذا المجال بشدة.
Share this Post