تطالب المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه رئيس الجمهورية بوقف تنفيذ حكم الإعدام الجماعي الصادر بحق 16 شخصًا في يوليو 2021، في القضية رقم 303 لسنة 2018، والمعروفة إعلاميًا باسم «تفجير أتوبيس الشرطة بالبحيرة». وتؤكد المنظمات أن هذا الحكم قد صدر بعد محاكمة جائرة أمام محكمة استثنائية لا تخضع أحكامها للطعن أمام أية جهة قضائية أخرى؛ وهي محكمة جنايات أمن الدولة العليا طوارئ دمنهور؛ وتطالب بإعادة محاكمة المتهمين أمام القضاء الجنائي العادي، في ظل قرار إنهاء حالة الطوارئ في شهر أكتوبر 2021.
وتعود أحداث الواقعة لشهر أغسطس 2015، حين تعرض أتوبيس شرطة لاعتداء بعبوة ناسفة في منطقة محلة الأمير التابعة لمركز رشيد بمحافظة البحيرة؛ الأمر الذي أسفر عن وفاة ثلاثة من أفراد الشرطة وإصابة آخرين. وأثناء المحاكمة، وثقت المنظمات الحقوقية طائفة من الانتهاكات التي تعرض لها المحكومون في هذه القضية، وهي الانتهاكات التي جردت محاكمتهم من الحد الأدنى لمعايير المحاكمة المنصفة؛ إذ تم القبض عليهم بعد الواقعة بعدة أيام اعتمادًا على تحريات مجهولة المصدر. وأثناء التحقيقات، أثبت المتهمون تعرضهم لانتهاكات عدة، منها القبض العشوائي والإخفاء القسري والتعذيب البدني الشديد. كما تم التنكيل ببعض أفراد عائلات المتهمين وترويعهم لإجبار ذويهم على تسليم أنفسهم.
ويتمثل الانتهاك الأبرز في هذه القضية في إحالتها لمحكمة طوارئ استثنائية في عام 2018، برغم وقوع الجريمة قبل إعلان حالة الطوارئ في 2017؛ الأمر الذي يعني أن الحكومة المصرية استخدمت قانون الطوارئ بأثر رجعي في هذه القضية، من أجل حرمان المتهمين من حقهم في محاكمة طبيعية أمام كافة درجات التقاضي، ثم صدر بحقهم حكم جماعي بالإعدام وصدق عليه الحاكم العسكري في شهر يناير الماضي.
وتدين المنظمات الموقعة استمرار الوتيرة المتسارعة لإصدار وتنفيذ أحكام الإعدام، والتوقيع الجماعي لهذه العقوبة القصوى التي يستحيل التراجع عنها بعد تنفيذها، ومساواة عشرات المتهمين في المراكز القانونية، دون إعمال لمبدأ المسئولية الجنائية الفردية، خاصةً بعد محاكمات تخلو من ضمانات العدالة. إلى جانب عدم وجود آلية للطعن على أحكام محاكم أمن الدولة طوارئ.
يأتي هذا الحكم في ظل توسع منظومة العدالة الجنائية المصرية في استخدام عقوبة الإعدام منذ يوليو 2013. فمنذ ذلك الحين، تصاعد استخدام المنظومة القانونية في مصر للعقوبة، سواء من خلال إصدار التشريعات الجنائية الجديدة في قانون الإجراءات الجنائية أو في قانون العقوبات، أو من خلال إعلان حالة الطوارئ في 2017. وبينما أدت هذه التشريعات لزيادة عدد الجرائم التي يعاقب مرتكبوها بالإعدام؛ إلا أنها في المقابل قلصت درجات التقاضي قبل تنفيذ الإعدام (بسبب التعديلات المدخلة على عمل محكمة النقض أو بسبب قانون الطوارئ). بالإضافة إلى التوسع القضائي في الحكم بالإعدام على عدد كبير من المتهمين، مقارنةً بالسنوات السابقة، بل ومقارنةً بأغلب تاريخ مصر الحديث منذ عام 1952.
في هذا السياق، تطالب المنظمات الحقوقية الموقعة رئيس الجمهورية بوقف تنفيذ الحكم المشار إليه، وتعليق تنفيذ وإصدار أحكام الإعدام جميعها، ولو بصورة مؤقتة، حتى يجري فتح نقاش مجتمعي واسع حول إلغاء العقوبة بشكل كامل. كما تطالب المنظمات بضرورة تعديل قانون الإجراءات الجنائية، ليمنع إحالة المدنيين المتهمين بجرائم معاقب عليها بالإعدام إلى أية محكمة استثنائية أو عسكرية لأي سبب كان؛ لضمان حقوقهم في المحاكمة العادلة، بما يتضمن الحق في الدفاع الفعال والحق في الطعن على الحُكم أمام محكمة النقض. كما تطالب المنظمات الموقعة بإتاحة المجال لإعادة المُحاكمات التي شابتها انتهاكات حقوقية عدة؛ طبقًا لنص الدستور المصري، واتساقًا مع الاتفاقيات الدولية والإقليمية لحقـوق الإنسان التي صدقـت عليها مصر. وتؤكد المنظمات أن تنفيذ الحُكم المشار إليه سيعد انتهاكًا صريحًا لكل ما سبق، ومثال على غياب الإرادة السياسية لإحداث تغيير عملي وفعلي فيما يتعلق بمنظومة العدالة الجنائية في مصر.
المنظمات الموقعة:
- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- حملة أوقفوا عقوبة الإعدام في مصر
- كوميتي فور جستس
- مبادرة الحرية
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
Share this Post