تُعرب المنظمات الموقعة أدناه عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة التي صاحبت إجراءات المحاكمة في قضية اختطاف وتعذيب وقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، وتطالب السلطات التنفيذية الإيطالية باتخاذ موقف أكثر حزمًا بشأن هذه القضية، بما في ذلك تعليق جميع برامج التعاون الشرطية التي تستفيد منها قوات الأمن والشرطة المصرية، وذلك بسبب مسئوليتهم عن تعطيل القضية.
في 13 فبراير الجاري، عقدت المحكمة الإيطالية المسئولة عن نظر القضية جلسة جديدة لمحاكمة اللواء المصري صابر طارق والعقيدان آسر كامل محمد إبراهيم وهشام حلمي والرائد مجدي إبراهيم عبد العال شريف، بشأن علاقتهم بمقتل ريجيني. إذ يواجه الأربعة تهمة الخطف، فضلاَ عن اتهام الرائد مجدي إبراهيم بالمشاركة في قتل ريجيني وإلحاق الأذى البدني الجسيم به.
ورغم عدم تعاون السلطات المصرية على طول التحقيق في القضية، وتأثير هذا على تعطيل سير المحاكمة وبلوغ العدالة، باشرت المحكمة جلستها يوم الاثنين الماضي، وقررت تأجيل القضية وإعادتها لجلسة استماع في 3 أبريل المقبل، واستدعاء رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني ووزير الخارجية أنطونيو تاجاني للإدلاء بشهادتهما حول ادعائهما مؤخرًا ثقتهما في تعاون الحكومة المصرية في القضية.
وأخيرًا، وبعد سنوات من سير المحاكمة المعطل، وفي تطور إيجابي هو الوحيد حتى الآن، ستتمكن النيابة من الإخطار القانوني للمتهمين بالاتهامات، وذلك بموجب القانون الإيطالي الجديد رقم 199 الصادر في 30 ديسمبر 2022، والذي عدل قانون الإجراءات الجنائية الإيطالي فيما يتعلق بشروط وإجراءات إبلاغ المتهمين المقيمين بالخارج بالاتهامات الموجهة إليهم، الأمر الذي سد ثغرة إشكالية في القانون، ربما استخدمتها السلطات المصرية لصالح حماية ضباط الأمن الوطني الأربعة المتهمين بقتل جوليو ريجيني وضمان إفلاتهم من العدالة.
كان المدعي العام المصري قد باشر تحقيقًا في 2020 بشأن تورط المتهمين الأربعة في خطف وتعذيب وقتل ريجيني، إلا أنه تم إغلاق القضية لاحقًا ولم تصل لمرحلة المحاكمة بسبب نقص الأدلة.
جاء هذا الأداء من النيابة المصرية امتدادًا لأداء مستمر ومنهجي من قبل السلطات المصرية، والتي رفضت على مدار سبعة سنوات إجراء تحقيق شفاف في جريمة مقتل رجيني، وأعاقت عمليًا التعاون مع السلطات القضائية الإيطالية في القضية، وقدمت لهم أدلة وشهادات ملفقة، فضلًا عن عدم إخطار المتهمين الأربعة بالاتهامات الموجهة إليهم، وذلك بهدف إيصال المحاكمة إلى طريق مسدود.
وعلى الرغم من جهود الادعاء الإيطالي في القضية، إلا أن الحكومة الإيطالية تتقاسم المسئولية عن حالة التشويش التي لحقت بالتحقيق في قضية ريجيني، والتي ترجع على الأرجح إلى الفشل في اتخاذ موقف حازم يتسم بالمصداقية يتعلق بالتعاون مع السلطات المصرية.
فمنذ عام 2016 وحتى الآن، ورغم الأدلة المتزايدة على تكرار الإفلات من العقاب عن ممارسات الشرطة وأجهزة الأمن المصرية غير القانونية، صممت ونفذت الشرطة الإيطالية أكثر من 26 دورة تدريبية مخصصة لأكثر من 360 ضابطًا مصريًا من مختلف التصنيفات، بما في ذلك قطاع الأمن الوطني، المتورط على الأغلب في مقتل ريجيني. وقد تم استضافة هذه التدريبات داخل مؤسسات شرطية مختلفة في إيطاليا ودول شريكة أخرى. هذه الدورات كانت غالبًا ممولة من ميزانية وزارة الداخلية الإيطالية.
وليس هذا فحسب، فعلى مدار العقد الماضي، زودت إيطاليا قوات الأمن المصرية وقوات الشرطة بتكنولوجيا المراقبة والمعلومات والمعدات شبه العسكرية التي تستخدم في عدد متنوع من الأنشطة، تمتد من مراقبة الحدود إلى عمليات مكافحة الإرهاب، وذلك رغم انتقادات المؤسسات الحقوقية الدولية والمجتمع المدني للانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها قوات الشرطة في مصر وتفاقم ظاهرة الإفلات من العقاب.
من ناحية أخري، أطلقت إيطاليا ومصر عام 2018 النسخة الأولى المشتركة من التدريب الدولي (ITEPA) وهو برنامج تدريبي دولي على مراقبة الحدود وتأمينها، ممول من إيطاليا من خلال حصتها من صندوق الأمن الدولي (ISF 2 – borders and visas) بتكلفة بلغت 2,147,042.36 يورو. الأمر الذي يفقد أي مصداقية لادعاءات ممثلي الدولة الإيطالية حول حثهم للسلطات المصرية على التعاون في التحقيق في قضية رجيني، أو محاسبتهم إذ تقاعسوا عن ذلك.
أننا نناشد النيابة الإيطالية اعتماد جميع سبل الانتصاف المتاحة وفقًا للقانون، بما في ذلك الأحكام الجديدة الواردة في القانون رقم 199 الصادر في 30 ديسمبر 2022 (إصلاح كارتابيا Cartabia)، ووضع حد لتعطيل سير المحاكمة في هذه القضية، بما يتيح للمحكمة تعيين حجم مسئولية المتهمين الأربعة عن اختطاف وتعذيب وقتل جوليو ريجيني، من خلال محاكمة عادلة وبما يتماشى مع المعايير الدولية والمحلية لحقوق الإنسان وتقصي الحقائق. كما ندعو وزارة الداخلية الإيطالية إلى الوقف الفوري لجميع برامج التدريب والتعاون التي تستفيد منها، بشكل مباشر أو غير مباشر، أجهزة الأمن وقوات الشرطة المصرية، في ظل منظومة الإفلات من العقاب ونيل السلطات من حقوق الإنسان وسيادة القانون المستمرة.
وندعو الحكومة المصرية أيضًا إلى احترام التزاماتها الدولية وفقًا لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي وقعتها مصر عام 1986، واتخاذ خطوات تشريعية جادة لتجريم جميع أشكال التعذيب، وضمان عدم إفلات الجُناة من العقاب، بما يتطلبه ذلك من تعديل للمادة 126 من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 الخاصة بتعريف جريمة التعذيب وسبل الانتصاف فيها، ومعالجة أوجه القصور التشريعية فيها. وكذلك تعديل قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لسنة 1950 بشأن حق ضحايا التعذيب في رفع دعاوي جنائية ضد مرتكبيه. كما نطالب السلطات المصرية بالتوقيع والتصديق على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2010، والتي تحدد تدابير موحدة ومناسبة للتحقيق في هذه الجريمة ومحاسبة مرتكبيها.
المنظمات الموقعة:
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- المنبر المصري لحقوق الإنسان
- ايجيبت وايد لحقوق الانسان – EgyptWide
- جمعية دراسات الشرق الأوسط – SeSaMO
- رابطة طلاب الدكتوراه في إيطاليا – ADI
- مبادرة الحرية
- مؤسسة سيناء لحقوق الانسان
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز النديم
- A Buon Diritto ONLUS – APS
- International Service for Human Rights (ISHR(
- StationToStation2Agosto
- Unione degli universitari – UDU
- Un Ponte Per
Share this Post