تدين المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه، حملة السلطات الأمنية المصرية المستمرة منذ سنوات بحق المهاجرين والطلبة من أقلية الإيجور بمصر، والتي كان أحدثها يوم 21 مارس 2023، إذ تم القبض على الطالب بلال عبد الكريم (38 عامًا)، والذي يدرس في القاهرة منذ عام 2015، دون توجيه أي تهمة واضحة.
داهمت الشرطة منزل عبد الكريم لمصادرة جواز سفره، كما صادرت جميع المبالغ المالية التى تدخرها الأسرة من عملات مختلفة، وذلك بعدما كان قد تم توقيفه أمام منزله واحتجازه تعسفيُا دون تهمة. بعدها توجهت زوجته لقسم الشرطة مدينة نصر ثان، محاولةً تحري أية معلومات عن مكان احتجازه، لكنها لم تتحصل على أي معلومة رغم أنها قدمت للشرطة بطاقة تسجيله كطالب لجوء، والصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين. ولم تقدم الشرطة أي معلومات حول سبب توقيفه واحتجازه أو مكانه، حتى علمت زوجته يوم 23 مارس بأنه لدى قطاع الأمن الوطني، وأن النيابة وجهت له إتهامات تتعلق بالإتجار غير المشروع فى العملة الأجنبية.
وفى 26 مارس، قدمت الشرطة عبد الكريم كمتهم في القضية رقم 1193 لسنة 2023 جنح مدينة نصر ثان، بتهمة الإتجار غير المشروع في النقد الأجنبي خارج نطاق السوق المصرفية وبأسعار السوق السوداء. ورغم أن الشرطة كانت قد صادرت جميع أمواله من منزله، ورد في رواية مأموري الضبط ومحاضر تحرياتهم أن هذه المبالغ كان بحوزة عبد الكريم أثناء القبض عليه من الشارع، بغرض الإتجار بالعملة. وفى 27 مارس قررت النيابة العامة إخلاء سبيله بكفالة قدرها 100 ألف جنية، ومصادرة المبالغ الخاصة به. ولأن الشرطة كانت قد استولت على كل مدخرات عبد الكريم وأسرته وقت مداهمة منزله، عجز عن تدبير مبلغ الكفالة لتنفيذ قرار إخلاء سبيله، فتم تجديد حبسه 15 يوم وما زال محتجزا حتى صدور هذا البيان.
يثير الاعتقال والاحتجاز التعسفي لعبد الكريم مخاوف بشأن سلامته الجسدية والنفسية، والمخاوف من إقدام السلطات المصرية على ترحيله للصين، حيث يواجه مسلمو الإيجور انتهاكات عنيفة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والعمل القسري والتعذيب في معسكرات الاعتقال، بالإضافة إلى اختلاق الإتهامات لمصادرة أموال ومدخرات اللاجئين في مصر، مما يتسبب بينهم في حالة من الفزع وعدم الأمان.
إن شروع السلطات الأمنية المصرية في اتخاذ إجراءات بترحيل اللاجئين قسرًا إلى دولهم، يعرضهم لخطر كبير، ويخالف الدستور والقانون المصري والمعاهدات والمواثيق الدولية التي انضمت إليها مصر. وخاصة أن بلال عبد الكريم حاصل بالفعل على أوراق رسمية من مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين بصفته ملتمس لجوء، وبناء على ذلك فهو يتمتع بالحماية الدولية الواردة بنصوص اتفاقية 1951 التي صدقت عليها مصر، وتضمن بنودها الحق في عدم الترحيل القسري أو التهديد بذلك.
المنظمات الموقعة تؤكد أن واقعة القبض على بلال عبد الكريم مؤخرًا، وآخرين من الإيجور في أوقات سابقة، تمثل احتجاز تعسفي يفتقر للسند القانوني، ويخالف المواثيق الدولية، والتزامات مصر إزاء اللاجئين؛ وأهمها أن يحظوا بمعاملة تحترم القانون الدولي للاجئين وقانون حقوق الإنسان، وتضمن الحماية من تهديدات السلامة الجسدية، والسماح بالوصول للقضاء، والمساعدة في توفير الاحتياجات البدنية والمادية الأساسية. كما يجب أن يتمتع اللاجئون بحرية التنقل والحق في لم شمل أفراد العائلة. هذا بالإضافة لما تنص عليه المادة (31) من اتفاقية 1951 من أنه على الدول المتعاقدة ألا تفرض عقوبات على اللاجئين القادمين من أراضٍ قد تكون فيها حياتهم أو حريتهم مهددة بسبب دخولهم أو وجودهم فيها بصورة غير شرعية، بشرط أن يقدموا بأنفسهم دون تأخير للسلطات الوطنية سببًا مقنعًا لدخولهم. وعلى الدول المتعاقدة ألا تفرض على تحركات هؤلاء اللاجئين قيودًا خلاف القيود الضرورية.
احتجاز عبد الكريم يخالف أيضًا دستور جمهورية مصر العربية الذي منع الاحتجاز دون سند قانوني في المادة 54 منه، وكذلك المواد (36)، (40)، (41)، (42)، (43)، من قانون الإجراءات الجنائية التي تشترط ألا يكون الاحتجاز تعسفيًا، وموافاة المحتجز بمعلومات عن أسباب احتجازه وحقه في الحصول على المساعدة القانونية والحق في الطعن على احتجازه، مع عدم الاحتجاز في سجون يختلط داخلها بالمجرمين المدانين، كما يجب أن تكون ظروف الاحتجاز إنسانية.
المنظمات الموقعة تطالب السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن بلال عبد الكريم وضمان سلامته الجسدية، ومعاملته بما يضمن كرامته الإنسانية، وعدم ترحيله قسرًا أو تسليمه للسلطات الصينية، كما فعلت من قبل مع أعداد من المقيمين واللاجئين الإيجور، والسماح له باستكمال إجراءات تقنين أوضاعه، واستعادة تواصله مع مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين في مصر.
كما تطالب المنظمات، بوقف إجراءات ترحيل المحتجزين من اللاجئين قسرًا أو تهديدهم بالترحيل سواء لبلدهم الأم أو أي بلد آخر أو حتى بطلب حجز تذكرة مغادرة على نفقتهم الشخصية، وإلا تكون السلطات المصرية قد انتهكت المادة رقم 33 من اتفاقية 1951 المتعلقة بتحديد وضع اللاجئين، ومبدأ عدم الرد والطرد. كما نطالب بضرورة الكف عن سياسة حجب المعلومات المتعلقة بأماكن الاحتجاز عن أسر ومحامي المعتقلين، وهو نهج تتبعه السلطات الأمنية المصرية كسياسة ممنهجة في انتهاك صارخ لجميع القوانين. ونطالب بالإفصاح فورًا عن كل المعلومات المتعلقة بالمحتجزين وظروف احتجازهم. كما نطالب النيابة العامة بالتحقيق في الاحتجاز التعسفي لطالبي اللجوء، خصوصا مع تكرار مثل هذه الممارسات غير القانونية بحقهم.
وتتوجه المنظمات الموقعة لمفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين بالقاهرة بضرورة متابعة إجراءات فحص ملفات ملتمسي اللجوء لا سيما الفئات المعرضة للخطر منهم، بتسجيلهم وتقنين أوضاعهم في مصر، وتوفير بيئة الحماية المناسبة لهم في أسرع وقت ممكن.
الموقعون:
- المفوضية المصرية للحقوق والحريات
- مركز النديم
- الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
- كوميتي فور جستس
- مؤسسة حرية الفكر والتعبير
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مبادرة الحرية
Share this Post