استمرارًا لمعاناتهم التي بدأت في 2011 وما زالت مستمرة، أجبرت مجموعات مسلحة تابعة للقيادة العامة في شرق ليبيا 3.5 ألف نازح من نازحي تاورغاء، الذين كان قد تم تهجيرهم قسرًا إلى مخيمات بنغازي، على إخلاء هذه المخيمات دون توفير أو بدائل أو أماكن أخرى يمكن الإيواء إليها. وإذ تعللت المجموعات المسلحة باحتمالية تضرر المخيمات جراء العاصفة دانيال وتبعاتها، ترفض حاليًا عودة النازحين للمخيمات، رغم انتهاء العاصمة وعدم تضرر المخيمات بسببها. وفيما تشدد المنظمات الموقعة أدناه على أهمية إيجاد حل عادل يضمن سكن إنساني لائق لنازحي تاورغاء المهجرين قسرًا من مدينتهم قبل 12 عامًا، تطالب بسرعة تدبير مأوى لهؤلاء النازحين المشردين حاليًا وتمكينهم من العودة للمخيمات في بنغازي مؤقتًا، والعمل على سرعة حسم قضيتهم بحلول إنسانية عادلة تنهي جريمة الترحيل القسري المستمرة بحقهم.
وفي هذا السياق تجدد المنظمات رفضها لاتفاقية المصالحة بين مصراته وتاورغاء التي صادقت عليها حكومة الوفاق الوطني في يونيو 2017، والتي لم تراع سجل الانتهاكات المروع الذي تعرض له سكان تاورغاء، ولم تتضمن برامج فعالة لجبر، وتسلب السكان معظم حقوقهم المدنية والسياسية. فضلًا عن فشلها في ضمان حماية حقيقة للسكان من المجموعات المسلحة في ظل غياب برامج إصلاح القطاع الأمني. الأمر الذي دفع العديد من سكان تاورغاء على رفضها ورفضهم العودة لمدينتهم المنكوبة والمدمرة بالكامل منذ 2011، وتعطيل عملية إعادة الإدماج.
يقول المدافع عن حقوق الإنسان من تاورغاء (م.أ): «غالبية نازحي تاورغاء من سكان مخيمات بنغازي الذين تم طردهم، ما زالوا مشردين حاليًا داخل مدينة بنغازي، غير قادرين لا على العودة للمخيمات ولا لمدينة تاورغاء».
كانت قوات من كتيبة اللواء طارق بن زياد التابعة للقيادة العامة في شرق ليبيا قد بدأت إخلاء المخيمات في بنغازي بشكل تدريجي منذ 10 سبتمبر، تزامنا مع العاصفة دانيال، ونقلت سكّان مخيمات قاريونس والحلّيس والمدينة الرياضية (مخيم 1 ومخيم 2) إلى المدارس العامة. وبعد مرور العاصفة، رفضت عودة سكان المخيمات إلى أماكنهم، إذ تفاجئوا بأمر إخلاء دائم لجميع مخيمات النزوح الداخلي في بنغازي رغم سلامتها وعدم تضررها جراء العاصفة.
ومن الجدير بالذكر أنه طبقا للإحصائيات الأخيرة، يوجد ما يقارب 125 ألف من نازح ليبي من المدن المتضررة خلال النزاع المستمر، فضلاً عما يعادل 40 ألف شخص نزحوا مؤخرًا من درنة جراء العاصفة حسب تقرير المنظمة الدولية للهجرة.
وفي هذا السياق تذّكر المنظمات الموقعة أدناه بأن التهجير والنزوح القسري للآلاف داخل ليبيا، يعد جريمة ضد الإنسانية حسب القانون الدولي، والذي يجرم ترحيل السكان من مناطق سكنهم بالقوة، أو دفعهم للرحيل والنزوح قسرًا باستخدام وسائل الضغط والترهيب والاضطهاد. وأن آليات العدالة الانتقالية شرطا أساسيًا في تسهيل العودة الطوعية وإعادة إدماج النازحين، ضمن خطط عادلة وإنسانية دائمة تضمن الحق في الانتصاف وجبر الضرر المناسب.
ومن ثم، تطالب المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه السلطات الليبية بتمكين نازحي تاورغاء من العودة لمدينتهم ضمن خطة عادلة فعالة وشاملة. ومراجعة وتعديل اتفاقية المصالحة، بما يضمن حقوق سكان تاورغاء الإنسانية والمدنية والسياسية بما في ذلك حقهم في إجراءات انتخابات محلية للمجلس البلدي، وإصلاح القطاع الأمني، وضمان محاسبة المسئولين عن الجرائم المرتكبة بحقهم وحق الضحايا في الانتصاف وجبر الضرر المتناسب مع خسائر إنسانية ومادية ونفسية ممتدة لـ12 عامًا.
معلومات خلفية:
في أغسطس 2011 وبعد هزيمة قوات القذافي على يد الجماعات المسلحة التابعة للمجلس الوطني الانتقالي، ومع اقتراب هذه الجماعات لمدينة تاورغاء، هرب جميع سكان المدينة البالغ عددهم 48 ألفًا نتيجة حملات الشيطنة الممنهجة، وخوفًا من الهجمات الانتقامية.
وفي 2017 تم توقيع اتفاقية المصالحة بين تاورغاء ومصراته، والتي تضمنت بنودها مشكلات عديدة تصادر حقوق سكان تاورغاء. إذ يقوض البند الثاني منها آلية العدالة الجنائية وجبر الضرر، مشترطًا أن يكون القضاء الليبي دون غيره هو المختص بنظر كافة المنازعات التي حدثت أو قد تحدث في المستقبل، وذلك رغم القصور الواضح للنظام القضائي الليبي الحالي على ذلك، ويحول دون حق الضحايا في الاحتكام للقضاء الدولي والمحاكم الدولية ذات الولاية القضائية. كما يصادر الشرط الرابع للاتفاقية حرية السكان في التعبير والاعتراض على السياسات أو نقدها، بحجة الحيلولة دون «تأجيج نار الفتنة». فيما يصادر الشرط الخامس حق أهالي تاورغاء في انتخاب مجلس المدينة المحلي.
هذا بالإضافة إلى الشرط السادي الذي يتضمن شكل من أشكال العقاب الجماعي بحق السكان الذين رفضوا شروط هذا الاتفاق. إذ تمنع الاتفاقية عودة كل أهل تاورغاء النازحين الذين لم يقرّو بشروط الاتفاق، ويقصر الدخول على هؤلاء الذين كانوا مقيمين إقامة فعلية اعتيادية بمنطقة تاورغاء قبل 17 فبراير 2011، ممن يقرون بما ورد في بنود الاتفاق الموقع بين مصراتة وتاورغاء، ويتعهدون بالالتزام بكل ما ورد فيه.
المنظمات الموقعة:
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- منظمة الأمان لمناهضة التمييز العنصري
- المركز الليبي لحرية الصحافة
- شبكة أصوات
- المنظمة الليبية للإعلام المستقل
- منظمة شباب من أجل تاورغاء
- المنظمة الليبية للمساعدة القانونية
- منظمة حقوقيون بلا قيود
- منظمة رصد الجرائم الليبية
- جمعية عدالة للجميع
- مركز مدافع لحقوق الإنسان
Share this Post