تعرب المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه عن قلقها الشديد من تزايد استخدام السلطات الجزائرية للأساليب القمعية بهدف إسكات المعارضة السلمية وخنق المجتمع المدني، في الذكرى لانطلاق الحركة الاحتجاجية المؤيدة للديمقراطية “الحراك”. وفي أحدث مثال على هذه الممارسات القمعية، اعتقلت السلطات الجزائرية في 18 و19 فبراير، المدافعين عن حقوق الإنسان زكي حناش وفالح حمودي على التوالي. وفي 20 فبراير، حُكم على الأخير بالسجن لمدة ثلاث سنوات في الدرجة الأولى. وفي هذا السياق، تطالب المنظمات الحكومة الجزائرية بالوقف الفوري لكافة ممارسات التجريم الممنهج للنشاط السلمي والصحافة المستقلة والنقابية المستقلة والمعارضة، وكذا الإفراج الفوري عن جميع الأفراد المعتقلين بشكل تعسفي.
وحتى 9 فبراير 2022،[1] وصل عدد سجناء الرأي إلى رقم قياسي جديد، بلغ 340 معتقلًا من بينهم 7 سيدات، في دليل واضح على تزايد وتصاعد الممارسات القمعية بحق النشطاء السلميين. وبشكل خاص، يبدو مثيرًا للقلق انتشار الملاحقات القضائية التعسفية بتهم الإرهاب التي تنطوي على عقوبات شديدة، إلى جانب الإجراءات القانونية غير المسبوقة بحق المنظمات المدنية والسياسية. وفي هذا السياق، وفي 28 يناير 2022،[2] بدأ ما لا يقل عن 46 من سجناء الرأي إضرابًا عن الطعام احتجاجًا على اعتقالهم التعسفي. في المقابل، وفيما يبدو أنه عمل انتقامي، تعرض 5 منهم للاعتداء الجسدي،[3] بينما نُقل 23 على الأقل بشكل تعسفي إلى سجون أخرى.
وكرد فعل على الحملة القمعية الجديدة، والتي تستهدف السلطات الجزائرية بموجبها سحق أي مساحة مدنية متبقية، وتهدد التعددية الحزبية وبقاء جميع مكونات المجتمع المدني، أعلنت اثنتا عشرة منظمة جزائرية وأوروبية وإقليمية ودولية تأكيد التزامها الجماعي بالدفاع عن حقوق الإنسان في الجزائر، وشكلت مجموعة عمل مخصصة في 11 فبراير 2022.
في سياق متصل، وبينما تتضح إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية في سويسرا بحق الجنرال خالد نزار بشأن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب؛ تؤكد منظماتنا على الحاجة الملحة للتصدي لعدم استقلال القضاء الجزائري، والذي ساهم في وجود تاريخ طويل الأمد من الإفلات من العقاب، ما يذكرنا للأسف بفترة التسعينيات، حينما اختفى ما يقارب من 8000 فردًا قسريًا على يد أجهزة الدولة.[4]
الموقعون:
- الأورومتوسطية للحقوق
- الاتحاد الدولي للأغذية والزراعة والفنادق والمطاعم والتموين والتبغ ورابطات العمال المتحالفة
- الاتحاد العام الإيطالي للعمل
- التنسيقية الفرنسية للحق في اللجوء
- الاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل
- الاتحاد الوطني المستقل لموظفي الإدارة العامة
- الاتحاد النقابي للجان العمالية
- الاتحاد النقابي – سوليدير
- الخدمات العامة الدولية
- الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان
- الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان
- الكنفدرالية العامة للشغل
- المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب
- النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية
- تجمع عائلات المفقودين في الجزائر
- منظمة المادة 19
- مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
- مركز جوستيتيا للحماية القانونية لحقوق الإنسان في الجزائر
- منّا لحقوق الإنسان
- Free Algeria
- Repost International
المزيد عن التطورات الأخيرة في مجال حقوق الإنسان:
- إساءة استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب لقمع المعارضة السلمية
خلال الفترة بين مايو وأغسطس 2021، أحكمت السلطات الجزائرية قبضتها على المجال العام بشكل شبه كامل من خلال الاعتقالات الجماعية والاستخدام غير المشروع للقوة بحق المتظاهرين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين. ومنذ ذلك الحين، تم اعتقال ومحاكمة العديدين على خلفية اتهامات بالإرهاب تمت صياغتها بشكل فضفاض. وفي الوقت الحالي، تجري محاكمة ما لا يقل عن 59 فردًا بشكل تعسفي بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، التي تعرّف الإرهاب، والني عُدلت في يونيو 2021 لتوسيع هذا التعريف. ولا يزال 44 منهم على الأقل رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة،[5] من بينهم كاميرا نايت سيد، وهي مدافعة عن حقوق الأمازيغ، اعتُقلت في 25 أغسطس 2021؛ وسليمان بوحفص، وهو لاجئ وناشط مسيحي أمازيغي، اختُطف وأُعيد قسرًا من تونس العاصمة في 25 أغسطس 2021؛ وكذلك المحامي الحقوقي عبد الرؤوف أرسلان، الذي اعتقل في 26 مايو 2021.
وفي السياق ذاته، حذر 5 من المقررين الخواص بالأمم المتحدة في رسالة بتاريخ 27 ديسمبر 2021 من أن المادة 87 مكرر من قانون العقوبات “[قوضت] الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير، كما [فرضت] عقوبات غير متناسبة على الأفعال التي لا ينبغي التصدي لها عن طريق تشريعات الإرهاب”.
- إجراءات قانونية غير مسبوقة بحق المنظمات المدنية والسياسية
بالإضافة إلى ذلك، فإن الإجراءات القانونية غير المسبوقة التي بدأت ضد منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، لا سيما أعضاء ميثاق البديل الديمقراطي،[6] تشير لإصرار السلطات على تشديد حملتها القمعية ضد أي نشاط مستقل ومنظم، وقمع الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
في 20 يناير 2022، أصدر مجلس الدولة قرارًا بتعليق أنشطة حزب العمال الاشتراكي مؤقتًا وإغلاق مقره بسبب “نشاط غير قانوني”. وفي اليوم نفسه، رفض مجلس الدولة طلبًا مشابهًا من وزارة الداخلية لتعليق أنشطة الاتحاد من أجل التغيير والرقي؛ لكنه لم يبت بعد في حله. وفي 5 يناير، تلقى التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إخطارًا من وزارة الداخلية بوقف استضافة الاجتماعات في مكاتبه دون ترخيص، وتم تهديد الحزب باتخاذ إجراءات قانونية. وتمت الإشارة لاجتماع استضافه التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية في 24 ديسمبر 2021 لإطلاق “جبهة شعبية ضد القمع”.
ومنذ سبتمبر 2021، تم الحُكم على ما لا يقل عن 9 أعضاء من التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية[7] إما بالسجن أو وضعهم تحت المراقبة القضائية أو في الحبس الاحتياطي. وفي 13 أكتوبر 2021، قضت المحكمة الإدارية في الجزائر العاصمة أيضًا بحل جمعية «تجمع– عمل–شبيبة»، والمعروفة بالمُسمى الفرنسي Rassemblement Actions Jeunesse، وهي منظمة شبابية وحقوقية بارزة، اعتمادًا على مزاعم بأن أنشطتها مختلفة عن لوائحها. وتمت محاكمة ما لا يقل عن 11 عضوا من أعضاء راج منذ عام 2019.
وبشكل خاص، جرى استهداف النشطاء المدنيين والسياسيين؛ إذ تمت محاكمة 9 أعضاء من الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان على خلفية نشاطهم، ويقبع 3 منهم رهن الحبس الاحتياطي منذ عدة أشهر. وفي 13 يناير، تم وضع نصر الدين حميطوش وهشيم خياط، من تجمع الشباب من أجل الجزائر، تحت المراقبة القضائية. وفي 9 يناير 2022، تم الحُكم على فتحي غراس، المنسق الوطني للحركة الديمقراطية والاجتماعية، بالسجن لمدة عامين لانتقاده السلطات عبر الإنترنت. وفي 14 نوفمبر 2021 حُكم على ناصر مغنين رئيس منظمة الشباب الثقافية (أس أو أس باب الواد)، بالسجن لمدة عام بتهمة “توزيع وحيازة منشورات للمساس بالوحدة الوطنية” و”التحريض على التجمهر غير المسلح”.
- استمرار الاعتقالات التعسفية وإصدار الأحكام بناء على تهم فضفاضة الصياغة
تواصلت الاعتقالات التعسفية الأخرى وإصدار الأحكام بحق النشطاء السلميين والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين بلا هوادة، باستخدام تهم غامضة وواسعة الصياغة مثل “المساس بالوحدة الوطنية” أو “الإساءة إلى الهيئات العامة” أو “التحريض على التجمهر غير المسلح”. ووفقًا لمصادر موثوقة، حُكم على ما لا يقل عن 27 ناشطًا ومتظاهرًا وصحفيًا سلميًا بالسجن في يناير 2022. ومن بينهم على سبيل المثال، الناشط مصطفى جويرا، الذي حُكم عليه بالسجن 3 سنوات في 23 يناير بينما كان رهن الحبس الاحتياطي منذ 29 أبريل 2021 في قضية إرهابية أخرى؛ إلى جانب الناشطة بوزيزة بومدين، التي حُكم عليها في 30 يناير بالسجن 3 سنوات، والصحفي والمدون مرزوق تواتي، الذي حكم عليه في 3 يناير بالسجن لمدة عام. ومن بين 33 ناشطًا وصحفيًا تم اعتقالهم في يناير 2022، نذكر الصحفي عبد الكريم زغيليش، الذي تم اعتقاله بتهم تتعلق بالإرهاب في 24 يناير، وكذلك المدافعة عن حقوق العمال دليلة توات، التي تم القبض عليها مرة أخرى في 31 يناير 2022. وكان كلاهما قد تعّرض من قبل لمضايقات قضائية.
[1] بحسب المدافع عن حقوق الإنسان زكي حناش.
[2] بدأ بعضها في 25 يناير ، والبعض الآخر في 31 يناير.
[3] محمد تجاديت، صهيب دباغي، طارق دباغي، مالك الرياحي، نور الدين خيمود.
[4] أعلن عن اختفاء 8023 شخصاً من جانب عائلاتهم للسلطات، في إطار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، انظر: “الاختفاء القسري في الجزائر: جريمة ضد الإنسانية، 1990-2000″، الصادر عن مجموعة عائلات المختفين في الجزائر” 2016
https://www.algerie-disparus.org/app/uploads/2016/03/CFDA-RAPPORT-digital2.pdf
[5] لا يوجد احتمال للمحاكمة في وقت كتابة هذا التقرير.
[6] ميثاق البديل الديمقراطي هو تحالف سياسي ومدني مؤيد للديمقراطية تم تشكيله في يونيو 2019، في ذروة حركة الحراك الاحتجاجية.
[7] محسن بلعباس، عثمان معزوز، ياسين مرشيش، محمود بوغاريو ، فارس اللبدوسي ، سعيد بوشول ، عرب بن محرز ، كامل جو ، محمد عثمان
Share this Post