أولويات الحركة الحقوقية في منطقة متأزمة وفي ظل نظام دولي متداعي

In المنتديات الإقليمية السنوية, برنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان by CIHRS

خلاصات المنتدى الإقليمي ٢٧ لحركة حقوق الإنسان

  • يواجه مستقبل حقوق الإنسان في العالم العربي أزمة مركبة. فبينما قوض الدعم السياسي، من جانب بعض حكومات الغرب لإسرائيل، من قدرة المجتمع الدولي عن حماية الفلسطينيين؛ تتنامى قدرة الدول السلطوية، روسيا والصين والدول المؤثرة من منطقة الشرق الأوسط (السعودية وإيران والإمارات العربية ومصر)، على إضعاف آليات حقوق الإنسان الدولية، مما أدى إلى الفشل في وضع حد للانتهاكات الخطيرة بحق المدنيين في سوريا والسودان واليمن والمسلمين «الإيغور» في الصين.
  • تتبنى الحكومات الغربية في خطاباتها الدولية قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، بينما تدعم بعضها حكومات سلطوية عربية حليفة لها. كما تتبني بعض حكومات الجنوب العالمي موقف مبدئي داعم للحقوق المشروعة دوليًا للفلسطينيين، لكنها لا تكترث في الوقت نفسه بتقويض الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان، وتتغاضى عن تجريم انتهاكات حقوق الإنسان والمحاسبة عليها في أغلبية الدول العربية الأخرى.
  • من المرجح أن تتدهور فاعلية الأمم المتحدة أكثر فأكثر مع تزايد حدة الاستقطاب بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، واستمرار عجز دول العالم عن تشكيل صوت أخلاقي متجاوز للاستقطاب، يعلي من المصالح الكلية للبشرية. الأمر الذي سيؤدي إلى انكماش دور الأمم المتحدة إلى ما يشبه فاعل معني بالعمل الإنساني فحسب. خاصة في ظل أزمة التمويل الحادة التي تواجهها الأمم المتحدة، وارتهانها بالإرادة السياسية لحكومات الدول الأعضاء النافذة، وفي ظل تنامى الاضطرابات الجيو-سياسية وصعود شعبية التيارات اليمينية والشعبوية في الغرب، الأمر الذي يرجح تزايد اتساع الفجوة بين قيم حقوق الإنسان وواقع تطبيقها المتأزم.
  • يعد تكريس النظم الحاكمة في العالم العربي لنمط الحكم السلطوي أحد أخطر تحديات حقوق الإنسان في المنطقة. وقد انعكس ذلك حتى في خضم حرب الإبادة في غزة. إذ اتضح مدي عجز الشعوب العربية عن إظهار تضامنها مع حقوق الفلسطينيين، أو اعتراضها على السياسات المتواطئة التي تتبناها أغلب الأنظمة العربية إزاء هذه الحرب؛ وذلك بالمقارنة مع الاحتجاجات الشعبية الذي ما زالت تشهدها العديد من الدول الغربية والممتدة لعدة أشهر.
  • يتجاوز عمق أزمة مستقبل حقوق الإنسان في العالم العربي إشكالية المعايير المزدوجة التي تتبناها دول الجنوب والشمال العالمي بصيغ متفاوتة.
  • على صعيد العالم العربي، تعاني الحركة الحقوقية من تحديات بنيوية ناتجة عن ظروف نشأتها ومسارات عملها على مدى العقود الماضية. إذ نشأت هذه الحركة الحقوقية المعاصرة على هامش الأنظمة السلطوية، ما بعد التحرر من الاحتلال الأجنبي. لكن هذه النظم ألجمت التحرر الكامل لشعوبها واستعبدتها، ووجهت كل طاقاتها نحو تعزيز ركائز الإقصاء وتأميم العمل السياسي وخنق المجال العام.
  • دفعت مصادرة العمل السياسي ببعض عناصر المعارضة من القوميين واليساريين للعمل الحقوقي، ليشكلوا روافد الجيل الأول للحركة الحقوقية المعاصرة أواخر القرن الماضي. فكان للخلفية اليسارية والقومية للجيل الأول بصمات واضحة على تطور الحركة وتوجهاتها؛ والتي اتسمت في بعض الأحيان بتواطؤ، يرتكز على بواعث أيدولوجية أو سياسية، على انتهاكات وجرائم جسيمة لحقوق الإنسان من جانب حكومات عربية أو انقلابات عسكرية وغير عسكرية.
  • اتسعت مكونات الحركة الحقوقية لاحقًا في العديد من البلدان العربية، لتشهد تنوع تنظيمي وجيلي ساهم في إثراء عملها وتأثيرها الدولي والمحلي. لكن ملابسات نشأة الحركة الحقوقية دفعتها لتوجيه تركيزها على مخاطبة الحكومات (سواء كانت حكوماتها أو الحكومات الأجنبية) لانتزاع مكاسب حقوقية آنية محتملة، وذلك على حساب الاهتمام بمخاطبة الرأي العام في بلادها، والعمل التراكمي من أجل خلق كتلة ضاغطة. ورغم أن الحركة الحقوقية عبر الزمان حصدت بعض النجاحات محدودة الأثر على الصعيدين الدولي والمحلي جراء تواصلها مع الحكومات، إلا أن الحصاد المحدود، والمتغيرات العميقة الجارية على صعيد النظامين الإقليمي والدولي تستوجب إعادة النظر في طبيعة أولويات واستراتيجيات حقوق الإنسان في العالم العربي.
  • بعد ختام أعمال المنتدى، عقد 29 حقوقيًا من عدة دول عربية اجتماعًا خاصًا لتدارس كيف يمكن أن تنعكس مداولات المنتدى على عملهم. وستجري متابعة هذه المشاورات بشكل مشترك لاحقًا.

 

* شارك في المنتدى ٥٠ حقوقيًا وأكاديميًا من ١٠ دول عربية ومن أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

Share this Post