يتجه مجلس الأمن إلى إصدار إدانة رسمية للهجوم الذي استهدف قاعدة لقوات الاتحاد الأفريقي في دارفور وأدى إلى مقتل عشرين جندياً على الأقل، بعدما فشل مساء أول من أمس في أقرار بيان يدين الحادث بالإجماع، بسبب خلاف في شأن هوية المتهمين.
وقال رئيس مجلس الأمن السفير الغاني ليسلي كريستيان: «لم نتفق على اللغة، إلا أن أعضاء مجلس الأمن كافة دانوا الاعتداء، وكانت هناك مطالب بأن لا يُدخر أي جهد لجلب الجناة أمام القضاء». وأوضح سفير جنوب أفريقيا دوميساني كومالو أن معظم الأعضاء يريدون أن يتضمن البيان إشارة إلى «هجوم إرهابي» على القاعدة الأفريقية في حسكنيتة في جنوب دارفور، لأن التقارير التي تلقوها تشير إلى أن الهجوم من عمل المتمردين.
وأشار ديبلوماسيون إلى أن روسيا وقطر اتفقتا مع جنوب أفريقيا. وقال سفير السودان لدى الأمم المتحدة عبدالمحمود عبدالحليم: «لو كانت الحكومة متورطة، لسارع المجلس إلى إدانتها». وأضاف أن الاتحاد الأفريقي والسودان حددا هوية عناصر من «حركة العدالة والمساواة» و «حركة تحرير السودان – فصيل الوحدة» المتمردتين على أنهم الجناة. واعتبر الهجوم «عملاً قبيحاً جداً من المتمردين» يهدف إلى إفساد محادثات السلام المقرر عقدها في طرابلس نهاية الشهر.
واقترح المندوب الأميركي زلماي خليل زاد أن يفرض مجلس الأمن عقوبات أو يتخذ إجراءات أخرى لمعاقبة الجناة حين تكتمل التحقيقات. وهددت واشنطن الحكومة السودانية ومتمردي دارفور بإصدار عقوبات جديدة إذا ما استمر خرق وقف النار بين الجانبين. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية شين ماكورماك: «نحن مستعدون لفرض مزيد من العقوبات على من يستهدفون المدنيين أو قوات حفظ السلام، ومن يعيقون العملية السياسية». وأضاف أن بلاده تطالب بتحقيق كامل في الاعتداء وجلب مرتكبيه إلى القضاء.
وفي موازاة ذلك، نفى الاتحاد الأفريقي أمس أن تكون الدول المساهمة بجنود هددت بسحب قواتها من دارفور، بعد تلويح نيجيريا والسنغال بالانسحاب احتجاجاً على الهجوم. ونقلت وكالة «رويترز» عن مفوض السلام والأمن في الاتحاد سعيد جنيت أن فريقاً مشتركاً من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي سيبدأ تحقيقاً في الهجوم. وقال إن «الدول الأعضاء غاضبة جداً من قتل وجرح جنود الاتحاد في دارفور. ولن نهدأ حتى يتم العثور على الجناة وتقديمهم إلى العدالة السريعة». وأضاف أن «السفراء الذين يمثلون الدول المساهمة بقوات أعربوا في اجتماع المجلس عن التزامهم وتصميمهم على البقاء في دارفور حتى تتم استعادة السلام».
وأكد السفير النيجيري لدى الاتحاد اوبيوما اوبراها أن الجنود النيجيريين سيبقون في دارفور. وقال: «نيجيريا ليست دولة جبانة. ولن نهرب عند حدوث أشياء مثل هذه. نيجيريا مصممة على البقاء في دارفور». وأضاف: «نحن ملتزمون ببذل أقصى ما في وسعنا لإعادة السلام إلى دارفور».
من جهة أخرى، حذر مسؤول في الخارجية السودانية من مخطط غربي لتقسيم بلاده. ورأى أن الجنوب ودارفور أصبحا قاب قوسين أو أدنى من الانفصال. وتوعد ثلاث دول مجاورة رفض أن يسميها، قال إنها «استقوت على السودان»، وهدد بالرد عليها «بعد أن تضع حرب دارفور أوزارها». ورأى مسؤول السلام في الخارجية السفير سراج الدين حامد أنه «ليس مصادفة أن تكون في السودان أكبر بعثتين لحفظ السلام في العالم». واعتبر أن «دولاً كثيرة فيها مشاكل داخلية لم تحظ بالاهتمام الذي حظيت به أزمة دارفور»، متسائلاً: «كيف تحولت مشكلة تمرد تصدت له الحكومة بموجب الدستور إلى مشكلة تهدد الأمن والاستقرار في العالم؟». وأضاف أن دولاً مجاورة «ذات ارتباطات مشبوهة» تقوم بأدوار بالوكالة عن دول أخرى، محذراً من مخططات تتم لمصلحة إسرائيل. ولفت إلى «ارتباط كثيرين في الحركات المسلحة باستخبارات دول تعادي السودان».
على صعيد آخر، قُتل 6 أشخاص وجُرح 9 آخرون، إثر انفجار قنبلة يدوية ألقاها أحد جنود «الجيش الشعبي لتحرير السودان» داخل كنيسة في منطقة خورفلوس (40 كلم جنوب غربي ملكال) في جنوب البلاد. وقالت بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم أمس إن «الحادث وقع خلال الصلاة المسائية في الكنيسة، وتوفي في الحال أربعة مصلين إضافة إلى المتهم، بينما أصيب تسعة آخرون معظمهم من الأطفال بجروح بالغة، وتوفي أحد المصابين في اليوم التالي، ما رفع عدد القتلى إلى ستة أشخاص». وأضاف أنه «لم تعرف حتى الآن الدوافع من وراء هذا الهجوم».