جددت الحكومة السودانية والأمم المتحدة، في بيان مشترك أمس، التزامهما باتفاق نشر قوات مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور. وبرّأت الخرطوم نفسها من اعاقة وعرقلة نشر القوة المشتركة وحمّلت المجتمع الدولي المسؤولية عن ذلك، وطلبت من الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون التدخل لتسريع توفير الدعم المالي وسد «الفجوة اللوجستية» والتعاون وانتهاج الشفافية.
وأفيد في الخرطوم أن وزير الخارجية السوداني بالوكالة علي كرتي أكد عقب لقائه في لشبونة مبعوثين للأمين العام للأمم المتحدة ان «كثيراً جداً» من القضايا المثارة حول نشر القوة المشتركة لن تكون عقبة في طريق الاتفاق بين الطرفين. وأوضح كرتي أن هناك معلومات مغلوطة حول رفض الحكومة السودانية منح أراض أو منح تسهيلات أو التعاون في إيجاد أماكن للمروحيات أو تسهيلات للقوة المشتركة في الفاشر، كبرى مدن دارفور، مؤكداً أن هناك توافقاً تاماً بين السودان والأمم المتحدة على تفاصيل نشر هذه القوة من المنظمة الدولية والاتحاد الافريقي.
كذلك برّأ وزير الدولة للخارجية السماني الوسيلة حكومته من اعاقة نشر القوة المشتركة. وأكد الوسيلة في مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس جدية حكومته والتزامها تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1769 القاضي بنشر القوة المشتركة، «من واقع مسؤوليتها وقناعتها ورغبتها في تحقيق السلام في دارفور وليس إذعاناً لضغوظ», مبيناً انها ظلت تنتظر الأمم المتحدة لأكثر من شهر لاستكمال الاتفاق النهائي الذي يحكم وضع القوة.
واتهم الامم المتحدة بعدم توفير التمويل المتفق عليه والمعدات والدعم اللوجستي, وقال ان الوضع تكتنفه «ضبابية»، متسائلاً عن توقيت إثارة الاتهامات ضد السودان، ورأى في ذلك إما محاولة لاخفاء عجز أو تنصلاً من المجتمع الدولي عن ما اتفق عليه، أو لإثناء السودان عن قراره رفض قبول قوات من بعض الدول. وكان الرئيس عمر البشير أعلن رفضه نشر قوات من تايلاند والسويد والنروج.
وذكرت وكالة أسوشيتد برس أن الموفد الدولي الخاص لدارفور يان الياسون جال على مدى أيام في مناطق في الإقليم المضطرب، لحض اتباع زعماء المتمردين على المشاركة في جولة جديدة من المفاوضات المجمّدة منذ تشرين الأول (اكتوبر) الماضي. لكنها اشارت إلى أن جهوده واجهت معارضة شديدة من زعماء قبيلة الفور الذين يشكون مما يسمونه اضطهاداً يلقونه منذ سنوات على يد الحكومة السودانية.
ويؤيد معظم زعماء قبيلة الفور الزعيم المتمرد عبدالواحد النور الذي يقاطع محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة مشترطاً لمشاركته أن تنتشر أولاً قوة للسلام مؤلفة من 26 ألف عنصر من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.
وكان بين أولئك المتشككين بجدوى محادثات السلام محمد أحمد النور، الأب المسن لعبدالواحد النور. إذ قال لوكالة أسوشيتد برس: «أبلغ ابني أننا فخورون به، وأن عليه مواصلة القتال، لأننا نموت هنا». وتوقفت محادثات السلام التي أطلقها الياسون في تشرين الأول (اكتوبر) مباشرة بعد انطلاقها في مؤتمر سرت في ليبيا بسبب غياب زعماء متمردي دارفور.
ويعيش عبدالواحد النور في المنفى في باريس، وهو مؤسس لـ «حركة تحرير السودان». وليس لديه قوة عسكرية كبيرة على الأرض، لكنه يتمتع بتأييد واسع من داخل أفراد قبيلته، الفور، التي تُعتبر الأكبر في دارفور ويُعرّف الإقليم نسبة اليها. وحاول الياسون السبت أن يكسب تأييد الزعماء المدنيين للفور لفكرته الخاصة بجولة المفاوضات الجديدة العام المقبل. إذ قال لتجمع قبلي في مخيم «حيصا حيصا» الذي يؤوي نحو 50 ألف لاجئ من الفور: «نريد أن نبدأ المحادثات السياسية ونشر قوات حفظ السلام في الوقت نفسه». وتابع: «نأمل أن يُعزز كل من هاتين العمليتين بعضهما بعضاً».
وتلا زعماء المخيم الذي يقع قرب قرية زالنجي، مسقط رأس عبدالواحد النور، لائحة مطالب طويلة لإلياسون تُعتبر تكراراً لمطالب زعيمهم في المنفى. إذ جاء فيها أن قوات حفظ السلام يجب أن تنتشر في شكل عاجل لتجريد الجماعات المسلحة التابعة للحكومة من أسلحتها، وطرد العرب الذين استوطنوا قرى الفور التي نزح منها سكانها. وأضافوا انه بعد ذلك يمكن للأمم المتحدة أن تراقب اتفاقاً للسلام، مطالبين أيضاً بدفع تعويضات لذوي الضحايا والذين دُمّرت ممتلكاتهم.
وبقي محمد أحمد النور في قريته زالنجي ولم يأت إلى الاجتماع مع الياسون. وهو قال ان معظم ابنائه العشرين التحقوا بالتمرد مثل أخيهم عبدالواحد. وأضاف: «نرحب بالياسون ولا نريد شيئاً غير السلام (…) لكن من غير قوة دولية، ليس هناك مجال لكي نثق بهذه الحكومة».