السودان: متمردو دارفور اقتحموا العاصمة.. والجيش يفرض حظر التجول قتلى وجرحى وأصوات تفجيرات وسيارات محروقة في الشوارع.. والخرطوم تعلن حسمها للمعارك

May 2008 · 4 minute read

حولت حركة العدل والمساواة المسلحة التي تقاتل الحكومة السودانية في اقليم دارفور، معاركها الى داخل العاصمة السودانية. وفيما قالت الحركة انها سيطرت على ضاحية أم درمان ودخلت الخرطوم، بهدف الاستيلاء على السلطة، إلا ان الجيش نفى ما تقوله، مؤكدا أن عناصر من الحركة المتمردة تمكنوا من التسلل، الى أم درمان، وتم القضاء عليهم، قبل ان يعلن التلفزيون السوداني إعلان فرض حظر التجول ليلا في العاصمة، وحسم الجيش للمعارك.
وعاش سكان العاصمة حالة من الهلع لعدة ساعات سمع فيها دوي الانفجارات، وشاهدوا سيارات محروقة، وصعد بعضهم الى سطوح المنازل لمشاهدة ما يجري وشاهدوا المروحيات المقاتلة وهي ترمي بقذائفها أطراف المدينة، فيما آثر آخرون الابتعاد والالتزام بمنازلهم. وقال الجيش السوداني في بيان أمس ان معارك اندلعت أمس بين القوات الحكومية ومتمردي حركة العدل والمساواة. وقال في بيان اذاعه التلفزيون الرسمي ان «القوات المسلحة تواجه حاليا هجوما لمتمردي خليل ابراهيم (زعيم حركة العدل والمساواة) في شمال ام درمان»، المحاذية للخرطوم. ونقل موقع حركة العدل والمساواة على الانترنت أن مقاتليها سيطروا على قاعدة وادي سيدنا الجوية التي تقع على بعد 16 كلم الى شمال الخرطوم، بالرغم من تعذر التحقق من ذلك.
وأعلنت الحكومة السودانية انها حسمت مجموعة متمردة تابعة لحركة العدل والمساواة بزعامة دكتور خليل، وعرض التلفزيون الحكومي صورا لسيارات محترقة وجثث ملقاة على الطريق العام، وقال ان احداها لقائد استخبارات الحركة واسمه محمد نور الدين، وآخر اسمه محمد صالح جبو. وأعلنت القبض على 9 يجري التحقيق معهم، وان أعدادا أخرى تسللت الى داخل المدينة.
وقال الناطق باسم الشرطة اللواء محمد عبد المجيد الطيب في تصريحات، ان مجموعة محدودة من متمردي حركة العدل والمساواة تمكنت من الدخول الى العاصمة وتم التصدي لها في أم درمان وتكبدوا خسائر في الارواح وتم القبض على تسعة منهم يجري التحقيق معهم، وقال ان عدداً منهم تركوا سياراتهم وبدلوا ملابسهم ودخلوا الأحياء، مناشداً المواطنين الابلاغ عن اي مشتبه فيهم الى القوات النظامية، مشيراً الى ان الاوضاع مستقرة تماماً، في وقت قال وزير الداخلية المهندس ابراهيم محمود إن المجموعة التي تسللت من المرتزقة التشاديين حاولوا إحداث اعمال تخريب وفرقعة اعلامية في العمق السوداني. وفي العرض التلفزيوني الذي كان ينقل من مدينة ام درمان خرج بعض المواطنين يهللون ويكبرون في الشوارع رغم اعلان حظر التجوال داخل العاصمة.
من جهتها، أعلنت حركة العدل والمساواة أنها استولت على قاعدة وادي سيدنا الجوية بغرب ام درمان وانها تتجه نحو العمق في العاصمة الخرطوم، ونفت استهدافها للمدنيين او أحداث التخريب، وقالت إنها جاءت من اجل تحقيق تطلعات الشعب السوداني في السلام والتحول الديمقراطي. وقال الناطق الرسمي باسم الحركة أحمد حسين لـ«الشرق الاوسط» إن قوات حركته سيطرت على قاعدة وادي سيدنا العسكرية، وأضاف ان القاعدة تنطلق منها طائرات الجيش لقتل الأبرياء من النساء والأطفال، مشيراً الى ان قوات الحكومة قصفت صباح امس مناطق في جبل مون وصليعة بغرب دارفور وان الحركة تصدت لها، نافياً أن القوات الحكومية قد تمكنت من قصف قوات الحركة في شمال أم درمان اول من أمس. وقال ان جيش حركته وصل عمق العاصمة، وتابع «نحن لا نستهدف المدنيين من أبناء شعبنا لأننا جئنا من أجلهم وملتزمون بمواثيق حقوق الانسان الدولية».
وقال حسين إن قواته داخل الخرطوم لبعث رسالة واضحة بأن جرائمهم لن تمر من دون حساب أو عقاب، نافياً وجود دعم من تشاد لقوات حركته، وقال إن الحل الحقيقي أن تتم إزاحة من هم على الحكم في الخرطوم، مؤكداً أن حركته تقف مع اتفاقية السلام الشامل والتحول الديمقراطي.
الى ذلك، نقلت مصادر من الخرطوم لـ«الشرق الاوسط» أن الحكومة اصدرت تعليمات للدستوريين من أعضاء المؤتمر الوطني للاختباء في أماكن سرية، وان مروحيات للجيش الحكومي تحلق في سماء الخرطوم، وان حظر التجوال جعل المواطنين يلزمون منازلهم، وقالت إن الجسور الرئيسة في العاصمة تم غلقها تماماً، وان سماع اصوات الرصاص والدانات الثقيلة في مواقع مختلفة في الخرطوم وأم درمان، وان قذائف سقطت في بعض المنازل وأصابت عدداً من المواطنين، وأشارت الى سيارات الإسعاف تجول في مناطق بأم درمان لنقل المصابين.
وعقدت البعثات الدبلوماسية اجتماعات طارئة في وقت مبكر أمس، وكانت في حالة تأهب منذ صباح الجمعة. وتعطلت شبكة الهاتف الرئيسة في العاصمة بسبب زيادة الضغط عليها. ويعيش في الخرطوم عدد كبير من سكان السودان، إذ تشير التقديرات الى انها تضم قرابة ثمانية ملايين نسمة. ورغم الحروب الأهلية التي اندلعت في انحاء السودان لعشرات السنين فلا تزال العاصمة ملاذا آمنا، حيث لم يسمع عن وقوع اي اشتباكات مسلحة.