تباينت آراء المحللين السياسيين السودانيين حول الموقف الفرنسي من تطور الأحداث في دارفور وشرقي تشاد، بعدما قطعت الحكومة السودانية الطريق أمام أي دور لباريس في الإقليم برفضها المشاركة في المؤتمر الذي أعلنت عن عقده في العاصمة الفرنسية في 25 يونيو/ حزيران الجاري.
فبينما اعتبر محللون أن هدف الحكومة الفرنسية هو محاولة قطع الطريق أمام التحركات الأميركية والغربية، أشار آخرون إلى أن هناك تنسيقا تاما بين الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا فيما يتعلق بدارفور.
وتوقع رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان الدكتور أمين مكي مدني أن يكون التحرك الفرنسي لأجل حماية نفوذ باريس من أي تدخلات وانتشار أميركا في المنطقة.
وقال للجزيرة نت إن الفرنسيين «أحسوا بتحرك أميركا تجاه منطقة دارفور وأفريقيا الوسطي وتشاد ما يشكل بالنسبة لهم عاملا أساسيا للوقوف أمام أميركا».
وأضاف أن الفرنسيين يعلمون بالاتجاه الأميركي لبناء قاعدة عسكرية في المنطقة التي تعتبر محل نفوذهم. مشيرا إلى أن اختيار وزير الخارجية برنار كوشنر وهو خبير اختصاصي الصراعات الداخلية -الذي زار الخرطوم- «يعنى الكثير غير المعلن من الجانب الفرنسي».
فرصة حقيقية
من جانبه اعتبر الخبير السياسي الدكتور الطيب زين العابدين أن رفض الحكومة السودانية لحضور مؤتمر باريس غير مبرر طالما أن المؤتمر هو منبر للنقاش حول قضية دارفور.
وأوضح للجزيرة نت أن المؤتمر الفرنسي كان سيمثل فرصة حقيقية للحكومة حتى تتمكن من طرح رؤيتها لحل الأزمة.
وذكر أن هناك تنسيقا قويا بين فرنسا وأميركا، لكنه لم يستبعد أن تكون لفرنسا أسبابا أخرى تعنى بحماية مصالحها في أفريقيا. مشيرا إلى وجود أعداد كبيرة من القوات الفرنسية في كل من تشاد وأفريقيا الوسطى ما يعضد اهتمامها بدارفور «التي أصبحت تصدر الأزمات إلى تلك الدول».
حماية المدنيين
لكن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر أعلن عقب لقاءات أجراها في الخرطوم مع المسؤولين السودانيين أن مؤتمر باريس يهدف إلى حث المتصارعين في دارفور على وقف إطلاق النار ومطالبة الخرطوم بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي والموافقة على نشر القوات «الهجين» بالإقليم.
وقال للصحفيين إن المؤتمر المزمع عقده بباريس لم يكن مقترحا فرنسيا وإنما مقترح من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة كما أن فكرته تأتي في إطار حماية المدنيين وتقديم المساعدات لهم.
بيد أن وزير الخارجية السوداني لام أكول أكد رفض السودان للمؤتمر والمشاركة فيه. وقال إن السودان أوضح للحكومة الفرنسية أن الوقت غير مناسب لعقد مثل هذا الاجتماع.
وأشار إلى أن الحكومة السودانية تسعى لتجميع كل المبادرات حول مبادرة مبعوث الأمم المتحدة يان إلياسون ومبعوث الاتحاد الأفريقي سالم أحمد سالم «حتى يكون الجهد موحدا». وطالب أكول باريس بلعب دور مساعد في عملية نشر القوات «الهجين» في إقليم دارفور