كد وزير الدولة بوزارة الخارجية علي أحمد كرتي على انه لا توجد حتى الآن معلومات مؤكدة تفيد بإلقاء القبض على رئيس حركة العدل والمساواة د. خليل إبراهيم ، ونفى أن تقدم الحكومة السودانية على إعدام خليل دون تقديمه لمحاكمة عسكرية ، مشددا على ان المحاكمة هى التي من شانها أن تقرر مصير الرجل حال القاء القبض عليه .
وتحفّظ كرتي في رده خلال مؤتمر صحفي عقد بدار سفارة السودان بالقاهرة أمس على الإدلاء بأي معلومات تشير لتورّط الشيخ د. حسن الترابي رئيس حزب المؤتمر الشعبي في الأحداث العدوانية التي شهدتها مدينة أمد رمان العاصمة (الوطنية) وضواحيها خلال اليومين الماضيين وقال : ( لا أريد أن أتحدث عن علاقة الترابي المباشرة بالعملية الإرهابية ولكن سنترك ذلك للتحقيقات) !!
وأبدى كرتي تحفظا حد (الامتناع ) في رده على سؤال ( أخبار اليوم) حول قادة العدل والمساواة الموجودين في القاهرة والذين تم التحفظ عليهم بواسطة السلطات المصرية وعلى رأسهم نائب رئيس الحركة أحمد تقد لسان وآخرين وحول مااذا كانت هناك تحركات مماثلة ستقوم بها الحكومة السودانية بالتنسيق مع دول الجوار لالقاء القبض على قادة الحركة فى بعض دول الجوار الأخري كالجماهيرية الليبية على سبيل المثال اكتفى كرتي بقوله ( لا تعليق لي حول الإجراءات الاستراتيجية وراء إلقاء القبض على قيادات حركة العدل والمساواة في القاهرة او اذا كان سيتم إجراء مماثل في ليبيا ولا أود أن أخوض في هذا المجال) !!
واعتبر وزير الدولة بأن حركة العدل و المساواة قد كشفت عن نواياها بوضوح وان همها الوحيد الوصول الى كراسي السلطة بعد ان سقط قناع ادعائها بالدفاع عن حقوق المهمشين مشددا على ان هذه الغاية تعد المبرر الأوحد لما قامت به الحركة من رعونة سياسية وهي المكون الأساسي للعملية الانتحارية التي قامت بها الحركة في أمدرمان واصفا هذا التصرف (بالجهل السياسي ) الذي قال انه قادهم لخوض هذه المغامرة بمواجهة قوة لم يكن من سبيل للإنتصار عليها بهذه البساطة !!
واعتبر كرتي ان هذه المغامرة غير محسوبة العواقب التي قامت به الحركة تهدف في الأساس إلى عرقلة عملية الانتخابات المنتظر إجرائها قريبا بالبلاد ، مشددا على ان الانتخابات وحدها كانت ستكون القادرة على وضع النقاط على الحروف ووحدها من شانها فرز من هو الأقوى ومن هو في موقف الضعف في القوى السياسية السودانية !!
وأكد على ان حركة العدل والمساواة هي الحركة الوحيدة التي استمرت بعيدة عن التفاوض و الحوار بدعوى الحفاظ على حقوق المهمشين حتى أفصحت عن سعيها للسلطة ورغبتها في حكم السودان و قد رفضت مرارا و تكرارا مجرد الجلوس مع المجموعات الدار فورية الأخرى لإجراء الحوار الدارفوري الدارفوري وصولا لاتفاق فيما بينهم أولا والخروج برؤية موحدة تدفع بعجلة الإسراع في تحقيق السلام في دارفور .
واعتبر إن مجموعة خليل أبت عليها روح المغامرة التي تلبّستها إلا أن تجري هذه العملية الانتحارية بدلا عن مد حبال الصبر الي حين موعد إجراء الانتخابات القادمة وكشف كرتي ان من تم القاء القبض عليهم من المجموعات المعتدية على السودان اعترفت بأنها تلقت تدريبها في دولة تشاد وتلقت كامل الدعم منها مجددا بذلك اتهام السودان لتشاد بدعم الحركة التخريبية ، ومشددا على كامل علم السلطات الأمنية بتحرك هذه المجموعات نحو البلاد وقال إنها لم تفاجأ بهذه العملية و كانت لديها معلومات مسبقة عن تحركاتها إلا انه اوضح صعوبة مواجهة هذه المجموعات في الصحراء لأن السيارات التي يستخدمونها خفيفة الحركة والانتقال !!
وحول إمكانية استئناف الحوار للوصول إلى حل أزمة دار فور قال كرتي إن هناك عرض مفتوح لكل من يريد الحوار إلا انه أوضح عدم حماس الجهات الرسمية والمتفاوضين بنقل مفاوضات دارفور إلى لندن ، مشيرا الى ان المسألة لم تتعد عملية ( جس النبض) التي لم يكتب لها النجاح !!
وأكد على ندرة خصال الشعب السوداني وتميزه بما يتسم به من شجاعة منقطعة النظير وتوحّد تجاه العدوان وقال : ( المواطن السوداني عندما يسمع صوت الرصاص لا يختبئ في داره وتجده في قلب الأحداث والشارع لمساعدة الأجهزة الأمنية بتوفير المعلومات المطلوبة)!
واعتبر كرتي إن مواقف القوى السياسية السودانية تجاه هذا العدوان اتسمت بالوطنية إذ رفضت جميعها هذا العدوان الغاشم على العاصمة و قال أن الحوار الذي بدأته الحكومة مع القوى السياسية في السودان لم يكن بهدف إدخالها إلى السلطة و إنما الوصول إلى قواسم مشتركة توفر الحد الأدنى من الاتفاق و تحفظ أمن البلاد و جمع الصف بما يبعد إمكانية اختراق الأمن القومي للسودان.
وأشاد كرتي بالمواقف الوطنية السامية للحركة الشعبية مستشهدا بحديث النائب الأول الذي أكد فيه إن من يستهدف الخرطوم يستهدف الحركة الشعبية وأكد انه صدرت تعليمات من قيادات الحركة إلى عضويتها بأن كل من يرى أنه لديه معلومات مفيدة التقدم بها فورا معتبرا إن مثل هذا الحديث يعتبر ردا بليغا على الذين يشككون في نوايا الحركة بالابتعاد عن المؤتمر الوطني وعقد تحالفات مع قوى سياسية أخرى !!
وأشاد كرتي بالموقف المصري تجاه السودان وأكد استعداد مصر للمساهمة مع السودان بأي شئ وقال إلا أننا ميدانيا لم نطلب دعما من أحد ، و نحن واثقون ان مصر ستلبي ذلك في حالة طلبنا له وهي عبرت عن كامل ادانتها للعدوان على العاصمة السودانية !!
وفي قراءة للمشهد الحالي بالنسبة لماقامت به حركة العدل والمساواة في امدرمان قال هانئ رسلان رئيس منبر السودان وحوض النيل بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لـ : ( اخبار اليوم) ان هناك العديد من الملاحظات الملفته للنظر بشدة فيما قامت به حركة العدل والمساواة، فطبيعة الهجوم والترتيبات التى صاحبته ، ودخول خليل ابراهيم وعدد من الكوادر القيادية الاخرى مع القوات المهاجمه، توضح انه كان هناك وهم كبير لدى الحركة بانها سوف تستطيع الاستيلاء على السلطة بالفعل، ولذلك جاء الصف الاول من الحركة لكى يتسلم السلطة ، ومن غير الممكن لاى عاقل ان يتصور ان ذلك كان ممكنا بهذه الطريقة الساذجة، ولذا فان هناك عناصر غائبة فى هذه الرواية التى لم نعرف تفاصيلها الكاملة بعد ، فهل كانت هناك ترتيبات مع عناصر او قوى او اسناد اخر لم يتم الكشف عنها حتى الان ؟ مشددا على ان هذا السؤال يظل قائما وليست هناك اجابة واضحة له حتى الان . كما ان عملية الهجوم نفسها اكبر بكثير من قدرات حركة العدل من ناحية المركبات والتسليح او الامداد اللوجستى، ولذا فان البعد الخارجى قائم بالتأكيد ويجب الكشف عن كل ابعاده ومصادره.
وواصل بالقول غير ان الثابت ان شخصية خليل ابراهيم تتسم بقدر كبير من الاندفاع العاطفى ، اضافة الى عامل اخر تمثل فى الاحساس المفرط بالثقة بالنفس الذى وصل الى حد الغرور وعدم التوازن نتيجة التحول الذى طرأ على الحركة بعد اتفاق ابوجا، وانتقالها من حركة صغيرة ومحدودة الوجود والتاثير، الى الحركة الاكبر فى دارفور بعد توقيع منى اركوى وتشرذم الفصائل الاخرى، فاذا نظرنا الى ذلك مقرونا بالانتماء القبلى لخليل ابراهيم الى الزغاوة كلوبى المتواجدين والمتحركين على الحدود مع تشاد ، نجد ان هذا الامر قد ادى الى سهولة حصول حركة العدل على الدعم الخارجى بكل اشكاله من المنفذ التشادى، بل واعتماده بشكل كبير على جنود تشاديين ، وذكر فى هذا السياق ان هناك تقريرا مبكرا، لمجموعة الازمات الدولية قد اشار الى هذه الظاهرة بقوة وقبل توقيع ابوجا بوقت طويل.
اما الاثار التى سوف تنتج عن هذا الهجوم فهى بحسب رسلان متعددة وسوف تكون عميقة بلا شك ، الا انها سوف تحتاج بعض الوقت، وسوف تكون هناك انعكاسات لذلك على عملية التسوية فى دارفور التى ربما حان الوقت لانتهاج اقتراب جديد بشأنها بغرض احداث اختراق فى اتجاة التسوية السلمية، ودعا تحالفات النظام السياسية وتوجهاته لاعادة التوازن الى العملية السياسية فى البلاد ، منبها الى ان الخطر الاكبر الذى يجب بذل كل جهد ممكن لتلافيه هو انجرار البلاد الى موجة من ردود الافعال المبنية على أسس جهوية
او اثنية معينه، فيجب العمل بكل سرعة على ترشيد توجهات الرأى العام فى الداخل والتى قد تحّمل جُزء من مسئولية ماحدث للمواطنين من أبناء الغرب المنتشرين فى العاصمة وأنحاء أخرى من السودان، دون أن يكون لهم ذنب أو جريرة فى ذلك.