بعد توقيع اتفاق(اديس ابابا) الخاص بالعملية الهجين مباشرة قال يان كي مون علي لسان الناطق الرسمي باسمه انه مسرور ايما سرور لتوصل المشاورات بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي والسودان الي نتائج وانه متلهف لتطبيق الخطة المكونة من ثلاث مراحل.. اذن الرجل فى عجلة من امره ومتلهف لتطبيق هذا الاتفاق ويبدو انه ومن خلال عباراته كان لسان حاله يقول:(اكاد لا أصدق) أهذه هي الحكومة التى ظلت متعنتة ورافضة لمبدأ فكرة القوات المختلطة ماذا دهاها ياتري…؟؟ ولكن حق لمون فى ان يسر ويفرح بل وان يكون ملهوفا شغوفا حتي يري الامر يطبق على ارض الواقع فالرجل سبق ان تعرض لضغوط كثيفة من الولايات المتحدة الامريكية لاجل ان يصل الى حل سريع لقضية دارفور التى تعد من اعتي القضايا العالمية التى دخلت مجلس الامن بسرعة غير مسبوقة.. ويان كي مون سبق ان لمح بهذه الضغوط عندما قال بعيد صدور العقوبات الامريكية الأخيرة ضد السودان انه قلق لما يحدث في دارفور وكأنه يختار عبارة قريبة من عبارة بوش التي اطلقها عشية اعلان العقوبات حيث قال(اي بوش) ان صبره قد نفد من حكومة السودان وانه لابد من وقف الحرب هنالك في دارفور ونزع سلاح الجنجويد وايصال الانسانيات الي معسكرات النازحين.
لقد جاء اتفاق اديس ابابا تحت هذا الجو العالمي المحموم وخرجت نتائجه هكذا فيما تبدو بسرعة وكأنها تريد ان تعيد لبوش صبره الذي نفد وكأنما تريد ان تذهب قلق(كي مون) الذي كان يستجدي بوش لأجل ان يعطيه فرصة أخيرة واحدة ليكمل خطته لأجل حل مشكلة دارفور.
كانت الانظار كلها مشدودة تجاه(اديس ابابا) حتي ان وزير خارجية فرنسا عندما جاء للخرطوم عارضاً فكرة مؤتمر باريس قوبل طلبه بالرفض علي الرغم من ثقل فرنسا ودورها التاريخي في تشاد ودارفور وكل الغرب الافريقي حتي ان بعض المراقبين وصف طريقة الرفض تلك بعدم الدبلوماسية وعلي الرغم من اعلان فرنسا تطابق سياستها الخارجية مع الولايات المتحدة بعد الانتخابات الفرنسية الأخيرة الا ان لامريكا اجندة تحت تحت الخفية فليس من مصلحتها ان يكون لفرنسا دور بارز في اقاليمها التقليدية, فالعالم تغير فاللاعب واحد ويريد ان يبقي واحد دونما اية منافسة.
ان اتفاق العملية الهجين الذي توج بزيارة ومباركة وفد مجلس الامن الأخيرة للخرطوم يبرز للمراقب حقيقة مهمة واستفسار ملح وهو لماذا استمرار لغة الوعيد على الرغم من توصل الاطراف الى اتفاق بعد كل هذا الجهد والكلفة الطويلة؟ فبعيد خروج الاتفاق مباشرة شككت منظمة انقذوا دارفور الامريكية الصنع فى مصداقية الحكومة وقال المنسق العام للشئون الانسانية لهذه المنظمة غير الحكومية ان السودان لم يحترم العديد من التعهدات التي قطعها فى السابق وانها تشك كثيرا لان الحكومة السودانية اعلنت قبولها مثل هذه الأمور من قبل تم تراجعت ووضعت العديد من الشروط من بينها ان تكون غالبية القوات افريقية وان يكون القائد افريقيا(المرجع اخبار اليوم 3يونيو2007م) ويستمر السيد منسق المنظمة قائلا انه لابد من استمرار التهديد بفرض المزيد من العقوبات على السودان لانه من الواضح انه يقبل اي قرار عندما يكون مهدداً بالمزيد من العقوبات فقط ومن المؤكد الان انه اذا تراجعت التهديدات او توقفت فلن تنفذ الحكومة ما تعهدت به انتهي….
وهاهي الحكومة تقول انها تقبل العملية دونما اي شروط وهاهو جورج بوش يقول بعد قبول الحكومة للعملية الهجين انه سيسعي لفرض مزيد من العقوبات علي السودان بسبب ازمة دارفور. والقصة وما فيها ان المزيد من الانحناء يقابله مزيد من العقوبات فاللعبة الدولية لاتريد من يحترمها ولاتبجل الامن يُكسر القانون الدولي وهاهي الـB.B.C تنقل عن بوش حديثاً عن مسودة قرار يقدم لمجلس الامن لتوسيع حظر وتصدير الاسلحة ومنع السودان من القيام بعمليات عسكرية جوية في دارفور وعلى الرغم من ان مجلس الامن قال انه جاء الي الخرطوم بقلب مفتوح دونما أجندة خفية الا ان مسؤولاً آخر يتحدث عن التلويح بسلاح (برنامج النفط مقابل الغذاء) (اخبار اليوم4يونيو2007م).
فى اجماع مجلس شوري المؤتمر الوطني وفي اليوم الختامي قال السيد رئيس الجمهورية ان حزم الدعم الثقيل خرجت كما طلبناها وان بقاء المهام التنفيذية من قبض وتحفظ وتحرٍ لدى الشرطة السودانية. والسؤال ماهي حدود وصلاحيات (القوات الهجين) وماهي المرجعية التي يحتكمان اليها للفصل؟ ورد فى الترجمة غير الرسمية (اخبار اليوم4يونيو2007م) البيان الختامي لاتفاق اديس بأن مدتها(اي مدة بقاء القوات) ستكون متدرجة وبقاؤها من عدمها سيكون رهيناً بتطورات الوضع على الارض في الاقليم وايضا يعتمد على قرار من مجلس الامن الدولي ومجلس السلم الافريقي.. اذن قرار بقاء القوات هو من اختصاص مجلس الامن اولا ثم باقي مجلس السلم الافريقي ومن المعروف ان القوات الأممية او قل المختلطة اذ ما دخلت ارضاً او اقليماً فانه من الصعب جداً خروجها والشواهد التاريخية كثيرة فى هذا الصدد.
ان اهم تحد تواجهه العملية الهجين هو مدي التركيز على احلال السلام في دارفور بدفع العملية السياسية السلمية وتوحيد الفصائل وتقريب وجهات النظر دونما التركيز على الجانب الأمني فقط, فالعملية الامنية والعسكرية وحدها لاتكفي فهي دائما ماتقفز نحو الحلول متجاهلة التردي الانساني والبيئي الذي يعيشه الاقليم والتحدي الأكبر هو ضمان استمرار تمويل العملية الهجين فدونما تمويل يصبح حالنا وكأنه يقول كأنك يا ابوزيد ما غزيت.